سنوات عديدة قضيناها نرفل في ترفٍ ورغد عيش، بل إن الكثير عاش مرحلة سبات طويلة لم يَحسب لغدٍ حسابه فيما لو تقلبت الأحوال أو طرأ طارئ! والحقيقة أن المتابع للتاريخ الحديث سيجد تعرض معظم الدول في تاريخها لظروف أشد صعوبة حتى أن الجميع حينها قرروا هلاكها لا محالة، وخلال سنوات عاد الانتعاش إليها من جديد وليس أدل على ذلك من الكساد الكبير عام 1929 الذي عصف بالولايات المتحدة وأثر بدوره على العديد من البلدان الغنية والفقيرة بلا استثناء، وأتذكر هنا مقولةً متفائلة لرجل الصناعة الأول (جون روكفيلير) يقول (خلال هذه الأيام يوجد الكثير من المتشائمين لكنني خلال حياتي التي امتدت ثلاثةً وتسعين عاماً كانت الأزمات تأتي وتذهب وكان الازدهار يأتي بعدها دائماً). نقف متأملين في مسيرة عامين تحت قيادة الملك الوالد سلمانَ العز والوفاء لندرك بُعد نظره وحرصه على مستقبل أبنائه خاصة وأنه منذ زمن بعيد رجل دولةٍ متمرس ومتواصل مع جميع أطياف المجتمع من أصحاب الفكر والعلم والسياسة وأصحاب الأعمال الخيرية والاجتماعية يستمع لهم ويحاورهم ويمتلكون معه علاقات مبنية على الثقة واحترام الرأي. ألف الدكتور زين العابدين الركابي رحمه الله كتاباً سماه (سلمان بن عبدالعزيز.. الجانب الآخر) عرض فيه الكاتب بأسلوب توثيقي جوانب مجهولة للكثيرين منا في شخصية الملك سلمان رعاه الله، فهو حفظه الله قوي الإيمان متوقد الذكاء سريع البديهة قوي الذاكرة منتظم في عمله مقدر للوقت وهذه بكل تأكيد صفات القائد الناجح. كلمة حقٍ أبت إلا أن تقال مع مرور عامين لتولي قائدِ مسيرتنا في ظل ظروفٍ عصيبة تلف العالم بأسره، هي كلمة حقٍ تحمل الحب والوفاء والولاء والأمل هي كلمةٌ صادقة سبقني بها الكثير رغم ما طرأ من مستجدات مفاجئة لا ننكر أنها غيرت تخطيط الكثير، بيد أن المنصف المتابع لأحداث العالم ومتغيراته يعلم يقيناً أنها قرارتٌ استباقية واحترازية من أجلنا وأبنائنا ومن أجل مستقبلٍ أكثر نمواً وأمانا. يوماً بعد يوم يثبت هذا الوطن للعالم عمق الاستقرار وحجم التماسك بين الحاكم وأبنائه وأصبحت المملكة العربية السعودية أنموذجاً تاريخياً للوحدة الوطنية النادرة، وليس أبلغ من المنعطفات التاريخية والأزمات والتحديات الأمنية وتحولات الأحداث التى مرّت وتمرّ بها المنطقة العربية التي أظهرت مستوى «الوعى» الذى وصل إليه المواطن السعودى، وحجم إدراكه لمسؤولياته العظيمة تجاه المملكة في وقت الرخاء ووقت الشدة وأصبح هذا «الوعى»، الذى تراهن عليه القيادة السياسية، هو «خط الدفاع الأول» لوحدة واستقرار المملكة، وصدّ كيد الحاقدين ومخططاتهم التى ما تلبث أن تتلاشى وتفشل فى كل مرة. أقول وبكل فخر إننا كمجتمع سعودي ضربنا أروع مثل بوحدتنا الوطنية التى تميزنا والتى تبرز أكثر فى الوقت المناسب، وبرغم كل الظروف إلا أننا أبناء المملكة لا نترك مجالاً لأى تدخلات خارجية تخترق وحدة الصف واستقرار بلدنا الغالى. دمنا مؤمنين آمنين تحت ظل خليفةٍ راشدٍ مسدد بحول الله وتوفيقه ملك العز والوفاء سلمان بن عبدالعزيز.