اقتصادنا هو جزء من اقتصاد العالم، يتأثر به سلبا وإيجابا، ويتفاعل معه تأثرا وتأثيرا، لكن المواطن ما زال في ذهنه العديد من الأسئلة الهامة منذ بدأ الحديث عن خطط التحول الاقتصادي، في بلادنا، فصورة المستقبل في بعض جوانبها يعتريها الغبش وعدم الوضوح لدى بعض المواطنين، رغم تصريحات المسئولين الذين يحاولون فيها رسم صورة أكثر وضوحا للمستقبل، وصولا إلى طمأنة المواطن، وإبعاده عن الظنون والشكوك، التي تعتمد على شائعات وأكاذيب روجها ويروجها بعض المتشائمين أو المغرضين لأهداف معروفة ونوايا غير حسنة. وقد أكد وزير المالية على أنه لن تكون هناك ضرائب على المواطن أو المقيم ولا زيادات جديدة على الرسوم، ولا مفاجآت حتى عام 2020 ولا جديد غير ما تضمنته رؤية 2030، لكن ما يعني المواطن هو معرفته بتفاصيل هذه الرؤية، وهي تفاصيل لا تزال مجهولة لدى الكثيرين، رغم صدورها منذ الشهر الرابع من العام المنصرم 2016. ويزيد قلق المواطن عندما يقرأ آراء وتحليلات بعض الخبراء الاقتصاديين أو من يسمون أنفسهم كذلك، وهي آراء وتحليلات يذهب بعضها بالموطن إلى أقصى مسافات التفاؤل، بينما يذهب بعضها الآخر بالمواطن إلى أقصى مسافات التشاؤم، وبين هذا وذاك تزيد حيرته وقلقه، وتكبر تساؤلاته عما قد يخبئه المستقبل من مفاجآت، رغم استبعاد معالي وزير المالية لهذه المفاجآت التزاما بما تضمنته رؤية 2030، إلا أن معظم المواطنين لا يعرفون تفاصيل وافية عن هذه الرؤية؛ نتيجة تقصير إعلامنا الرسمي في شرحها، وتقديمها للمواطن بصورة جلية وواضحة المعالم، مما أوجد هذه الاجتهادات في التفسير الخاطئ لدى بعض المواطنين، حيث ما زالت الضبابية تكتنف فهمهم لهذه الرؤية. وبالتالي، فإن تطبيق أي بند من هذه الرؤية سيكون مفاجئا للمواطن؛ لعدم معرفته المسبقة به، وانعكاسه على حياته، فلم تكن هناك خطط إعلامية لمواكبة صدور رؤية 2030 لتوضيحها بشكل شامل ودقيق يقضي على سوء الفهم، ويسد الطريق ويوصد الأبواب أمام أصحاب النوايا السيئة الذين يصرون على الإساءة لبلادنا بشتى الأساليب والوسائل، وفي ظل عدم وضوح الرؤية، تكثر التفسيرات والاجتهادات البعيدة عن الصواب، وتحاك المؤامرات وتحبك الأكاذيب وتنشر الشائعات بطرق قد تنطلي على الكثيرين، وتخفي نوايا وأهداف أصحابها. هناك حملات مغرضة ضد بلادنا، هدفها تشويه سمعة هذا الوطن، وهذه الأصوات النشاز اتخذت من الوضع الاقتصادي منفذا لخلق البلبلة والقلق لدى المواطنين، وفرصة لتصعيد حملاتها وترويج شائعاتها، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وساعدها على ذلك.. النقل العشوائي للشائعات دون التأكد من صحتها أو الهدف من ورائها، مما يعني وجوب اليقظة في التعامل معها وعدم تداولها، وهي التي تسيئ إلى الوطن، وتشوه الخطط الاقتصادية المستقبلية للدولة، وقد سبق لبلادنا أن مرت كغيرها من بلدان العالم ببعض الظروف الاقتصادية الصعبة، وتجاوزتها بأمان، وما ظروفنا الاقتصادية الحالية ببعيدة عن ظروف بقية دول المنطقة بل ودول العالم التي مرت هي الأخرى بأزمات خرجت منها معافاة.. وهكذا فعلت بلادنا نتيجة سياسات اقتصادية متوازنة، عبرت ببلادنا إلى شواطئ الأمان، متجاوزة كل العقبات والاحباطات، وكان المواطن خلالها يشعر بمسئولياته الوطنية، وشراكته الفعلية في البناء التنموي تعبيرا عن انتمائه الوطني الصادق، وتفانيه في خدمة بلاده، فهو جزء من الدولة في تحمل نتائج المتغيرات الاقتصادية مهما كانت أمواجها عالية، وتياراتها غير مستقرة، تعبيرا عن حرصه على تحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود. وليس هناك ما هو أخطر على المواطن من الشائعات المغرضة المشحونة بالمعلومات المدسوسة، التي يبثها أعداء الوطن، وينقلها دون وعي عامة الناس لتنتشر بينهم كما تنتشر النار في الهشيم، مع أن التأكد من المعلومات المدسوسة يقتضي اللجوء إلى القنوات المعنية بتكذيب الشائعات. قال وزير المالية: إن عام 2017 سيكون حافلا ومليئا بالمفاجآت السارة للجميع، والمواطن ينتظر، كما ينتظر أيضا من إعلامنا أن يتولى مسئولياته في تعريف المواطن بما يجهله من تفاصيل رؤية 2030. وهي مهمة تفرضها - دون شك- مرحلة التحول الاقتصادي التي تعيشها بلادنا.