في كل زيارة أقوم بها للشارقة أكتشف مدى حب واهتمام صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بالمشهد الثقافي للنهوض بالثقافة في كافة البلدان العربية والإسلامية، وحرص سموه بالإنسان والفنون والمسرح والكتاب والتراث، لأنه مؤمن بأن الثقافة والفنون من أجمل ما يطور الإنسان، واليوم ونحن في مهرجان الفنون الإسلامية التاسع عشر، أدرك تماماً أهمية تلك المبادرات العديدة التي يمنحنا إياها الشيخ سلطان القاسمي بإطلاقها كل يوم، فمنذ بداية تأسيس دائرة الثقافة والإعلام والخطط لبناء الشارقة ثقافياً مستمرة، إن لم يكن قبل ذلك، حيث بدأت لكل فرع من فروع الثقافة والفنون منظومة، تعمل بخطى وفكر متقدم وواضح الرؤية، وبدعم راعي مسيرة الثقافة في الشارقة يعمل الجميع بحب وإخلاص. يشارك في مهرجان الفنون الإسلامية لهذا العام أربعة وستون فنانا من مختلف دول العالم، وتميز مهرجان هذا العام بمشاركة نخبة من أبرز فناني العالم في توجهاتهم نحو الفنون الإسلامية، ويستحوذ المعماريون على نصيب الأسد في هذا المحفل الجميل. في يوم المعرفة لمهرجان الفنون الإسلامية يلتقى الفنانون اليوم السبت، ليتحدثوا عن تجاربهم، وما أن يبدأ كل فنان في الحديث عن تجاربه الفنية وإذا بالوجه المشرق للفن الإسلامي يبرز بقيمة أكبر من مشاهداتنا للأعمال الفنية التي توسطت قاعات العرض في متحف الفنون بالشارقة ومسرح المجاز وجزيرة النور. مررنا بتلك الأعمال بين قارئٍ نهم للأعمال ورمزيتها، وبين قارئٍ متأمل لكل رمزية في تلك الأعمال الرائعة. تحدث كل فنان عن تجربته الفنية والتي غلب على معظمها البناء الهندسي المعماري، لكن تبقى بعض التجارب الملهمة التي رسخت في ذهني وهي: الفنانة نسرين ونيرمين أبو ديل من المملكة الأردنية الهاشمية بدأتا بعرض تجربتهما، وكان مصدر الإلهام للأعمال هو الثوب الفلسطيني ومطرزاته وتلك الزخارف التي نُقشت عليه، لتكون المُحرض للكثير من الأعمال الفنية التي تلت تلك المرحلة الملهمة. الفنان أحمد عنقاوي من المملكة العربية السعودية الذي استفاد بشكل كبير من جماليات بيوت جدة ومشربياتها، واستلهام الشكل السداسي بعد مراقبته لبيوت النحل ليكون مشروعه الفني البساطة في التكرار. أما الفنان داي ديميرز القادم من هونغ كونغ الذي حول واجهة المجاز إلى متحف في الفضاء بعمله الفني الأكثر دهشة، والذي استوحاه من العمارة الإسلامية، وكانت دور القناطر مصدر الإلهام ليكتشف السياق والتطور للقناطرة في العمارة الإسلامية، وكانت لعبته في العمل إسقاطات ضوء الشمس على تلك الأعمدة والأقواس لتسجل لحظات من الإبداع. أما الفنانة ألكي راي القادمة من ألمانيا التي عشقت المقرنصات، والتي كان مصدر بحثها وانشغالها الفني، فقد عملت تلك المقرنصات بعدة خامات كان أهمها الورق والقماش، وفي كل عمل تكتشف رؤية جديدة لعمل قادم، مما جعلها تستخدام سقف مرسمها لمقرنصات من خلال الصورة والورق، لتكون المرايا جزءا رئيسا من العمل حيث العديد من التحارب السابقة كانت مرصعة بالمرايا والورق. تحتل تلك الأعمال الجميلة قلب الشارقة النابض بالحب والفن والإبداع، وتتحول تلك الانشغالات لمشروع تنويري لشباب وشابات الوطن العربي، ومجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، لتعلن الشارقة من خلال تلك المهرجانات موقعها الريادي في رفد الثقافة والفنون والتراث والمسرح في الوطن العربي.