تحتضن بيروت منذ العاشر من الشهر الجاري ولغاية السادس عشر منه مهرجان المسرح العربي في دورته الثالثة بعد القاهرة والشارقة بمشاركة سبعة عشر عملاً مسرحياً، تعرض على مسرحي «بابل» ومسرح «المدينة». في حين يشارك لبنان البلد المضيف للمهرجان بخمسة عروض بالإضافة إلى دولة الإمارات مستضيفة مقر الهيئة العربية للمسرح التي تشارك بمسرحية «السلوقي» الحاصلة على جائزة أفضل عرض متكامل في مهرجان المسرح الخليجي. العروض اللبنانية الخمسة هي: «مساحات أخرى» و«ألف وردة ووردة» و«مدينة المرايا» و«فيفا لاديفا» و «ينعاد عليك» وهو عمل مشترك بين فرقتين لبنانية وتونسية. وترافق العروض ندوات تتمركز حول «المسرح العربي بين الجماهيرية والنخبوية» يقدمها عدد من المخرجين العرب بالإضافة إلى ندوات أخرى تدرس تجارب مخرجين آخرين مثل المخرج العراقي جواد الأسدي والمصري انتصار عبدالفتاح والتونسي عز الدين المدني. في حفلة الافتتاح التي أقيمت في قاعة قصر اليونسكو قرأ المسرحي العراقي المخضرم يوسف العاني كلمة المهرجان طارحاً سؤالاً هو: «هل هناك مسرح عربي؟» وطلب من الحاضرين التريث بالإجابة وعدم الإجابة بكلمة لا أو نعم. ثم تم تكريم الفنانين اللبنانيين أنطوان ملتقى ولطيفة ملتقى. الفنان أنطوان ملتقى قال في كلمة مرتجلة انه يتمنى أن يتعلم المسؤولون في لبنان والعالم العربي من الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة ويبادروا بتكريم الفنانين الذين يقدمون حياتهم من اجل خلق ثقافة مسرحية تتناول هموم الإنسان العربي. «حقائب» تونسية بعد نهاية كلمات الافتتاح بدأ العرض المسرحي التونسي «حقائب» للمخرج جعفر القاسمي الذي فاز بجائزة أفضل عرض متكامل في مهرجان القاهرة التجريبي. استغرق العرض أكثر من ساعتين كان يمكن أن تكون اقصر بكثير وأن يحافظ العرض على قيمته الفنية لكن التكرار وفقدان الثيمة ساهما في شكل واضح في جعله طويلاً. فقدان الثيمة وتقنية «البدي تكنيك» وهما سمتان من سمات ما بعد الحداثة هيمنا على العرض وساهمت السينوغرافيا في تقديم شكل بصري وتشكيلي هما روح العمل مدعمين بالحركات الكوريغرافية المتقنة للممثلين الذين أمتعوا الجمهور بهذه الحركات المتناغمة القوية. استخدم المخرج أثناء العرض دخاناً كثيراً غير مبرر، ويبدو أن هذا الأمر أصبح موضة عند الكثير من المخرجين العرب. ولكن على رغم كل ذلك كان العمل جميلاً ومؤثراً لولا هذا التكرار وانعدام الثيمة الواحدة وغياب الحكاية. «فيفا لا ديفا» على مسرح بابل قدمت الممثلة اللبنانية المتألقة رندة الاسمر عملاً جميلاً كان هو الآخر طويلاً ولكن غير ممل. هذا العمل وهو مونودراما مأخوذة عن قصة للكاتبة هدى بركات ومن إخراج نبيل الاظن استغرق أكثر من ساعة... وفي العادة لا تستغرق مثل هذه الأعمال ذات الممثل الواحد كل هذا الوقت، غير أن رندة اسمر بقوة أدائها استطاعت أن تبقي الجمهور في مقاعده حتى النهاية. لم يكتف المخرج بالقسم الأول من العرض، ونقصد بذلك المشهد الذي يسقط فيه الديكور على الخشبة لكي يتيح للمشاهد فرصة التفكير بالمصير الذي سيكون لهذه المرأة، لكنه أصر على تقنية «الفلاش باك» في القسم الثاني من العرض وجعل إيقاع العمل يتهادى. تحدث العمل عن الوضع في لبنان وتعرض إلى مشاكله التي لا تنتهي ومسألة الهجرة والحرب وكانت الممثلة الوحيدة قد كررت أكثر من مرة أن هذا البلد معاق والمعاق لا يشفى ولا يحب. في اليوم الثاني للمهرجان وقبل بداية العروض بدأت الندوات الفكرية في قاعة فندق «الغولدن توليب» كانت الأولى لمناقشة تجربة المخرج المصري انتصار عبدالفتاح وتم عرض أفلام وثائقية قصيرة لتوضيح بعض التفاصيل المهمة التي رافقت بعض الأعمال المسرحية. ندوة أخرى عقدت يوم الخميس لمناقشة تجربة المخرج العراقي المقيم في بيروت جواد الأسدي تحدث فيها الفنان العراقي الرائد سامي عبدالحميد الذي درّس الأسدي في أكاديمية الفنون الجميلة والفنانة العراقية شذى سالم التي عملت مع المخرج في مسرحية «نساء في الحرب». يستمر المهرجان حتى الأحد المقبل وستكون هناك أربعة عروض في كل يوم على مسارح بيروت ابتداء من السادسة مساء.