دعيت مع بداية شهر ديسمبر من الزملاء في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض؛ للمشاركة في ورشة العمل المقامة هناك، بمناسبة اليوم العالمي للإيدز، وذلك لمناقشة آخر المستجدات بوضع هذا الالتهاب الفيروسي في المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج. وقد كانت الخطة التسعينية هي محور النقاش الأساسي، والتي تضمن تحقيق الرؤية المنشودة ضمن رؤية 2030، وذلك بتشخيص تسعين بالمائة من الحالات المصابة، والتأكد من أن تسعين بالمائة منهم يتناولون العلاج اللازم ووصلوا إلى الهدف المرجو بإخماد نشاط الفيروس في أجسادهم.. وهي خطة واعدة مبشرة، كما أن وضعنا الآن جيد ويسير بشكل طيب نحو تحقيقها، إلا أن ذلك يتطلب العمل على عدة مستويات ووفق كذا محور مع تضافر الجهود من كافة الجهات المعنية، ولا شك رفع مستوى الوعي بحجم المشكلة.. ينبغي أن ندرك بأن مجتمعنا كأي مجتمع آخر لا يخلو من حالات مصابة بهذا المرض، ولا يختلف اثنان على أن ديننا الإسلامي الحنيف والامتثال لتعاليمه السمحة هو خير حصن للمجتمع والشباب، إلا أنني سأقول لكم مثلما قالت لي أستاذتي الفاضلة، أثناء تدربي معها في قسم الأمراض المعدية ومشاركتي في حملة توعوية في أحد المولات للتوعية بالإيدز وكيفية تجنب الإصابة به، حينها ترددت بالقيام بذلك، فالدين ينبغي أن يكون حصن المجتمع وأنا لست بداعية؟ فنظرت إليَّ بنظرة الخبير والمحتوي الحنون المستوعب لبيئتنا وتربيتنا الخجولة ثم قالت لي: وماذا نفعل مع ضعيفي الإيمان؟ نحن لسنا دعاة نعم، ولكن مسؤوليتنا المجتمعية تحتم علينا محاولة وقايتهم بما نستطيع، والله خير الحافظين. هنا استوعبت الدرس، وشاركت في الحدث رغم صعوبة ذلك، وعدم تقبله من الكثيرين، خاصة أنه كان قبل سنوات والوضع يختلف عاما بعد عام، فالناس الآن أكثر تقبلا وتفهما واستيعابا لأهداف الحملات التوعوية. لا ينبغي أن نخاف ممن أصيب بهذا الابتلاء ونحكم بأبشع الأحكام جزافا وظلما وعدوانا، بينما ينبغي العكس، فلا بد من حل مشاكله وإنقاذه من التدهور.. حقا سعدت بتلك المشاركة الطيبة لعمالقة في المجال حول المملكة، أمثال د. هايل العبدلي، ود. محمد الحازمي، وشكر خاص للداعي والمضيف د. ماجد حليم من المستشفى التخصصي، فقد كان لقاء علميا مثمرا ومميزا عرض الحقائق والأرقام بكل شفافية، ناقش الموضوع من كافة جوانبه المتشعبة، وخرج بتوصيات سيكون لها - بإذن الله - أكبر الأثر في إرساء سياسات علاج هذا المرض وتنظيم الوقاية منه بإذن الله. نسأل الله أن يسخرنا لما فيه الخير لهذا الوطن ومن فيه ويحفظنا وإياكم من كل شر..