هذه المدينة الصناعية العملاقة التي تراها الآن في «رأس الخير» نمت وترعرعت في عشر سنوات تقريبا، وكانت فرصة يوم السبت الماضي أن نعيش يوما في رأس الخير، في صحبة نخبة من الزملاء الكتاب والإعلاميين.. وكل من تواجد هناك ورأى مشاريع معادن قال: حقا، من رأى ليس كمن سمع! هنا قصة نجاح مستمرة يحق لنا أن نفخر بها جميعا.. قصة توضح نجاحنا لتحويل الرمال والصحاري إلى واحات للإعمار البشري ولمشاريع وصناعات رئيسية. في مشاريع شركة «معادن» تقف أمامك منشآت عملاقة تتجاوز استثماراتها 120 مليار ريال، وثمار خيرها الاقتصادي بدأت تتدفق في الأسواق المحلية عبر قيمة مضافة تعاد في الاقتصاد الوطني بما يقارب السبعين في المائة «70٪» وأيضا للأسواق العالميّة تصدر الخامات الثمينة للصناعات التحويلية. في مشروع معادن «قصة نجاح وطنية»، وفيها أيضا «حالة دراسية» توضح عزم ورؤية ولي الأمر ومدى انشغاله بكل ما ينفع الناس ويضمن مستقبل الأجيال القادمة، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يتنقل بين محافظات المنطقة الشرقية لتأسيس وإطلاق مشاريع الإعمار الكبرى التي تذهب منافعها الوطنية مباشرة لنقل واقع الناس إلى مرحلة تمكنهم من الانطلاق في حياتهم الكريمة، ونرى هذا في مشاريع الصحة والتعليم والإسكان والنقل والطاقة التي أطلقت أمس في قصر العزيزية، واليوم نراها في إطلاق مشاريع التعدين في رأس الخير التي تأخذ بلادنا إلى حقبة ثالثة، بعد صناعة النفط والبتروكيماويات حتى تتكامل التنمية الاقتصادية. قيام مشاريع شركة معادن يوضح نضج وتكامل عمل مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة، وهذا الحراك الإيجابي المدرك لضرورات المستقبل يخالف الصورة السلبية عن بلادنا التي يتداولها «بعض» الكارهين للنجاح، كما يكشف عمق الشراكة بين القطاع العام والخاص، فقد عملت أرامكو، وسابك، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، وصندوق الاستثمارات العامة، وشركة سار للقطارات، ووزارة الداخلية في إمارات المناطق التي تضم المناجم، وتحلية المياه، والموانئ، وشركة الكهرباء.. كل القيادات والعاملين في هذه الجهات كانوا شركاء في نجاح مشاريع التعدين الجديدة. هذه حالة وطنية للنجاح، وسيكون أول الفرحين بها اليوم الملك سلمان في رأس الخير، وسوف يفرح أكثر عندما يتفرس الوجوه الشابة ويعرف أنهم يمثلون كل قرية ومدينة من بلادنا، هناك سوف يرى ثمار مشروع الملك المؤسس عبدالعزيز- يرحمه الله. أيضا سوف يطمئن الملك سلمان حينما يرى أن هذا المشروع العملاق يجني ثمار استثمارنا في الموارد البشرية في السنوات الماضية، ففي رأس الخير، سوف يرى القيادات التي تعلمت في أرقى مؤسسات التعليم العالمية، ووجدت فرص العمل والتأهيل والتدريب، بالذات في أرامكو وسابك، والمفرح أن الشباب السعودي هو الذي يقود قاطرة العمل في خطوط الإنتاج وأغلب الأعمال المساندة. في هذه النقلة الصناعية الجديدة نرى بوضوح مدى الثقة التي يمنحها المستثمر الأجنبي في اقتصادنا وفي مكونات أمننا الوطني، فوجود شركات التعدين والألمنيوم العالمية التي دخلت في شراكة إستراتيجية في مشاريع معادن تؤكد سلامة رؤيتنا وثقتنا بأنفسنا حينما ذهبنا إلى الشركات الرائدة في مجالاتها، ومشروع الشراكة انطلق مع مشاريع استكشاف النفط، ثم تطور إلى الصناعات البتروكيماوية، والآن رؤيتنا وسلامة قراراتنا تثمر في مشاريع شركة معادن الجديدة. هذه الشركات العالمية العملاقة لم تأت برأس المال فقط، بل المهم هو التقنية والأنظمة المالية والإدارية وأنظمة السلامة والأبحاث والدراسات. في مشاريع معادن التي رأيناها تجد توطين التقنية والمعرفة حاضرا في المصاهر والمصافي وخطوط الإنتاج، وأيضا تراه بوضوح في كفاءة القيادة والإدارة والإشراف التي تتولاها الموارد البشرية الوطنية، والمفرح أن النسبة الكبرى من السعوديين العاملين في رأس الخير هم من الشباب، وهذا يوفر قاعدة لإنتاج القيادات الوطنية في صناعة التعدين التي تنطلق بقوة الآن لاستثمار الثروات الطبيعية في بلادنا، ومعادن تضع تنمية الموارد البشرية، بالذات بناء الصف الثاني للقيادة والادارة، في أولويات خططها الإستراتيجية. الجانب المهم في تجربة الحكومة لبناء صناعات التعدين أنها رأت قيامها في مكان جديد شمال الجبيل حتى تتيح الفرصة لنمو حاضرة جديدة للتنمية، وهذا يتيح توسع الفرص التجارية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويوسع فرص العمل بعيدا عن المناطق المكتظة بالناس، ويقلل تكلفة التشييد والتشغيل والصيانة. ثمة أمور أخرى تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية التي تتبناها شركة معادن تجاه المجتمعات المحلية، «تعليمها، توظيفها، صحتها» وتجاه البيئة سواء في المنطقة الشرقية أو في مناطق المناجم، في هذا الجانب قصة إنجاز إيجابية تستحق أن تروى بشكل موسع.