كتبت سابقا وسأكتب طالما أن ظاهرة العنف ضد الأطفال مستمرة. من أيام قليلة انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لأم تعنف طفلها الذي ربما لم يتجاوز الثانية من عمره، وباعترافها الصريح، استمرت تضربه لمدة ساعة كاملة، مما دفع الطفل للتقيؤ من البكاء داعية الأمهات لاتخاذ نفس أسلوبها في التربية. أثار هذا الفيديو الرأي العام، ولما خافت هذه الأم من العقاب، ألحقت هذا الفيديو بفيديو آخر، مغيرة أقوالها بأنه مزحة لصديقاتها، ويظهر الطفل المعنف في الفيديو الثاني كطفل سعيد يحظى بكل الاهتمام والعناية. إلا أن جهات الاختصاص مشكورة لم يفتها تضليل المرأة للرأي العام فبحثت عنها حتى توصلت إليها بالتنسيق مع الجهات المعنية لإجراء التحقيق في الحالة وفق الأنظمة، وإخضاع الطفل للفحوصات الطبية، بناء على ما ذكرته بعض الصحف. أمثال هذه الجريمة كثيرة، سبق وأن كتبت عنها، كالأب الذي سلخ رأس ولده، وقصة معنفي «خيبر» وأمثال هذه القصص المأساوية كثير وما خفي كان أعظم. جرائم لذئاب بشرية تنقض على فلذات أكبادها تعذيبا قبل أن تفترسها، كما تفترس الذئاب فريستها في الغابة، إلا أن الذئاب أكثر رقيا، فلم نسمع بذئب عذب فلذة كبده قبل أن يأكله!!. جرائم لا يقرها دين ولا ملة، ولا عرف، حتى بين وحوش الغابة، إذا كان الإهمال جريمة يُعاقب عليها أشد العقاب، فما بال التعذيب، والاعتداء الجسدي والنفسي والمعنوي؟! الذي أُثبت أنه العامل الرئيس لتأخر النمو بشكل عام، ومنه الذكاء والنطق، وفقدان الثقة بالنفس، والقلق والاكتئاب، وغيره من النمو الطبيعي للإنسان، وكثيرا ما يتسبب في الهروب من المنزل. وما الإرهاب الذي يحدث في عصرنا هذا إلا نتيجة تربية عنيفة ولدت العنف والعنف المضاد. أما العنف الجنسي فهو الأشد إيذاء للنفس خاصة حين يكون المعتدي أحد أفراد العائلة. هناك أسباب كثيرة للعنف، منها أسباب فردية تتعلق بالشخص المعنِف نفسه، كالأمراض النفسية، واضطرابات الشخصية والإدمان، والخلافات الزوجية والتفكك الأسري، والخلل في العلاقات الأسرية، والمفاهيم الاجتماعية المغلوطة، والعادات الخاطئة، وأسباب مجتمعية كالبطالة والفقر. هذه الظاهرة مشكلة خطيرة على الصعيد العالمي حيث يتعرض ملايين الأطفال حول العالم سنويا للعنف بكافة أشكاله. ولما كان هذا الوباء عالميا وحتى لا يزداد انتشاره في هذا الوطن حسم مجلس الوزراء هذا الأمر بالموافقة على نظام حماية شمولي، يضمن عدم انتهاك حقوق الأطفال في المملكة عبر الكثير من التدابير والإجراءات وصدر مرسوم ملكي بذلك. والمستهدفون هم كل من لم يتجاوز الثامنة عشرة من العمر سواء كان هذا الطفل سعوديا أو مقيما حتى من لم يكن على ديننا، وأكد النظام على حقوق الطفل التي قررتها الشريعة الإسلامية والأنظمة والاتفاقات الدولية التي تكون المملكة طرفا فيها. ويلزم النظام كل من يطلع على حالة إيذاء أو إهمال إبلاغ الجهات المختصة بها فورا وفقا للإجراءات التي ستحددها لائحته التنفيذية. ولم يفرق النظام بين جميع أفراد المجتمع سواء كان الطفل سعوديا أو من غير سعودي. وبالطبع وضعت لائحة تنفيذية للعقوبات التي تنتظر كل معنِف سواء كان في الأسرة، أو في المدرسة أو في أي مكان آخر. كيف تحل هذه المشكلة سريعا؟ بعون الله تعالى ثم بتوفيقه. وبرفع الوعي المجتمعي أفرادا ومؤسسات بأضرار العنف الأسري، وتأثيراته السلبية على المجتمع على المدى البعيد، وبمحاولة تغيير الموروث الشعبي. وبتفعيل برنامج الخط الساخن (116111) ونأمل أن يتم تدشينه رسميا بإذن الله ليعمل على مدار الساعة. وببرنامج حماية، 1919 لرفع مستوى الوقاية من العنف ضد الأطفال. نحن جميعا سنسأل يوم القيامة، كمجتمع وأفراد ومسئولين.