مرت المملكة بكثير من الملمات والخطوب وجرى عبر تاريخنا المجيد العديد من الأحداث المفصلية والمنعطفات الحادة والمواقف الخطيرة التي لو مر ربعها في أي بلد لأصابه بالارتباك والضعف وربما التلاشي والانهيار ولكن تبقى المملكة بتمسكها بعقيدتها السمحة ودينها القويم وبقيادتها الرشيدة وشعبها العظيم ثابتة لم تهتز ولم تنثن، تزيدها تلك المواقف قوة وثباتاً وتجارب وخبرة وصموداً، وأضحى من يراهن على اهتزاز الوحدة الفريدة لهذا الكيان أو يزايد على هذه اللحمة العتيدة يجر أذناب الخيبة وأذيال الحسرة والخسران. والمتأمل لجميع تلك الأحداث الكبرى التي مرت ولا تزال تمر ببلدنا يجد أن هناك أمراً جديراً بالنظر والدراسة والإشادة في ذات الوقت إنه هذا الشعب العظيم شعب المملكة العربية السعودية الذي كان كالجبل الصامد الذي تكسرت عليه وتحته كل سهام العداء ونصال الحقد وتهاوت على سفوحه جميع مخالب الغدر وخناجر الخيانة وبات حال الأعداء تماماً (كناطح يوما صخرة ليوهنها، فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل). إن ملحمة الصمود لهذا الشعب العظيم تجاه أي مهدد خارجي أو داخلي هي في حقيقتها خارج نطاق التجربة والاختبار فقوة الصمود وصمود القوة يتوارثها هذا الشعب كابراً عن كابر وأبا عن جد وكأنما هي جينات تسري في عروق وجسد كل مواطن سعودي من الجد إلى الأب إلى الابن والحفيد في سلسلة استثنائية من الإيمان والحب والولاء والانتماء إنها ملحمة الأرض والإنسان في تاريخ وحاضر يزخر بالفخر والاعتزاز والشموخ. إنه ليس كلاماً إنشائياً أو مدحاً هلامياً بل هو توصيف دقيق تثبته الوقائع وتسنده الدلائل تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً بمشيئة الله وإن هذا التوصيف للحالة السعودية الفريدة يثبت بما لا يدع مجالاً للشك كيف أن هذا الشعب العظيم كان خلف قيادته سنداً ودرعاً واقية وحصناً منيعاً وسداً شاهقاً في الرخاء والشدة والمنشط والمكره. لقد خاب وخسر كل عدو مبين أراد أن يهز هذه الوحدة أو أن يشعل فتيل الفتنة أو أن يشكك في الولاء والانتماء لهذا الشعب العظيم ويبدو أن مرد هذه المواقف المشرفة لهذا الشعب النبيل هو أن هذه البلاد المباركة يحفها حفظ الرحمن ثم بوصفها نسيجا واحدا متماسكا لا يضرها من عاداها أو خذلها أو خانها أو خطط للإضرار بها أو الإيقاع بين مكوناتها. إن شعوباً يقوم ولاؤهم على مقدار المصلحة المحصلة والفائدة المترتبة والنفعية المحضة ويكون ذلك هو المؤشر المادي هو المحرك الفعلي للتصويت لهذا الحزب أو ذاك أو لهذه الفئة أو تلك ويكون ذلك على حساب الانتماء الحقيقي لأوطانهم - هي شعوب هشة متهالكة تذروها الرياح وتضطرب عند أول امتحان حقيقي أما في حالتنا السعودية الزاهرة فالولاء والانتماء عقد شرعي وعهد اجتماعي وعرف أخلاقي بين الحاكم والمحكوم لا تحركه المصالح ولا تتحكم فيه الفوائد ولا تؤثر فيه المتغيرات. كان وسيبقى– بإذن الله– شعب المملكة العظيم وفياً لولاة أمره محباً لأرضه صامداً في وجه أعدائه لن تغيره الأحداث ولن تهزه المتغيرات ولن تبدله الجوائح بل ستزيده قوة وصلابة وثباتا، وشعب كهذا الشعب العظيم حري به أن يكون ويبقى في هامة الشعوب وفي صدارة وقمة الأمم. * تربوي