أوضح الدكتور محمد الهدلق خلال محاضرة «الإنسان في رسالة ابن فضلان» بدارة العرب بمجلس حمد الجاسر أمس الاول أن رسالة ابن فضلان تتحدث عن رحلة، وكاتبها رجل دين عاش في القرنين الثالث والرابع الهجري، كما أن القرن الذي عاش فيه يعد من أزهى العصور الإسلامية حضاريا وثقافيا فيما عدا ذلك كان كل شيء متدهورا. وأبان د. الهدلق في المحاضرة، التي أدارها الدكتور صالح الغامدي أن رسالة ابن فضلان التي دون بها رحلته في عام 309ه الموافق 900م إلى بلاد الترك والصقالبة والخزر وغيرهم تعد واحدة من أهم وأقدم ما وصل إليه في هذا المجال. ولفت إلى أن «الرحلات» شغلت حيزا واسعا من مجالات أدب العرب، حيث برز في هذا المجال أعلام ومشاهير يأتي في مقدمتهم ابن بطوطة وابن جبير وابن فضلان، وقد عني هؤلاء وغيرهم في الحديث عن الناس، الذين التقوا بهم في تلك الرحلات، فوصفوا أخلاقهم وطباعهم وطريقة عيشهم وتعاملهم مع الآخرين وتقاليدهم في الزواج والدفن، كما وصفوا كذلك معتقداتهم الدينية وطقوسهم التي مارسوها. وقال الدكتور الهدلق إنه بعد ما غادر ابن فضلان ورفاقه مدينة الجرجانية ما وراء النهر من أرض خوارزم وهي آخر المدن الإسلامية الكبيرة، دخل إلى بلاد قبيلة من الترك يعرفون بالغُزية وهم بدو رحل يسكنون بيوت الشعر، وصفهم الرحالة ابن فضلان بأنهم لا يدينون لله بدين ولا يرجعون إلى عقل ولا يعبدون شيئا، وقد ذكر أن أمرهم شورى بينهم ولكنهم متى اتفقوا على شيء وعزموا عليه جاء أرذلهم وأخسهم فنقض ما قد أجمعوا عليه، كما أنهم لا يغتسلون بل وكان بينهم وبين الماء عداوة. وأشار د.الهدلق الى أن رسالة ابن فضلان لها أهمية أدبية كما وجدت اهتماما بالغا، وترجمت إلى لغات متعددة وأصبحت من النصوص الخالدة والعابرة للثقافات، كما لقي هذا العمل عناية فائقة لدى الغرب واهتماما غير مسبوق سواء في عملية الاطلاع والدراسة والنقل والترجمة وحتى الاستلهام، حيث استلهم منه بعض الغربيين في أعمالهم السردية والشعرية وحتى الفنية في الأفلام، وإذا ما قارنا الاهتمام العربي بالاهتمام الخارجي ربما سنصاب بشيء من الصدمة بالنسبة لنا.