قال الدكتور محمد الهدلق إن الداعية أحمد بن فضلان وصل إلى بلاد الروس والصقالبة في القرن الرابع الهجري باعتباره أول سفير عربي في دولة الخليفة العباسي المقتدر بالله، وكلف بحمل رسالة إلى القيصرية البلغارية لشرح مبادئ الإسلام، بعد رسالة تسلمها الخليفة العباسي من ملك الصقالبة ألمش بن يلطوار، ملتمساً إرسال سفارة إلى مملكته لشرح مبادئ الإسلام، وأموال لبناء مسجد وقلعة حصينة يحتمي بها من دولة الخزر اليهودية. وأوضح الدكتور الهدلق في محاضرته في مجلس الجاسر بعنوان «الإنسان في رحلة ابن فضلان»، التي أدارها الدكتور صالح الغامدي السبت الماضي، أن الرحالة المسلمين طافوا أرجاء العالم ووصفوا بلاد المشرق والمغرب من الصين إلى الأندلس ومنهم فريق مكون من سوسن الرسى وتكين التركي وبارس الصقلابي ورئيس البعثة أحمد بن فضلان. وأشار إلى أن ابن فضلان وصف دولة يهود الخزر التي كانت تتمتع بنفوذ قوي وتهدد دولة الصقالبة، حتى أن ابن ملك الصقالبة كان رهينة عند ملكهم، كما أرغمت ابنة ملك الصقالبة المسلمة على الزواج من ابن ملك الخزر وماتت عنده، ولنفوذه بعث يطلب أختها، كما وصف بلاد الترك والروس والبلغار والبلاد الإسكندنافية. وبين أن ابن فضلان كتب عن أساليب حياة الروس في الزمن الغابر، مشيراً إلى أن ابن فضلان ومعه فريق من الدعاة، منهم سوسن الرسي واصلوا السير في دول عدة على رغم قسوة الشتاء وقلة الموارد المالية بعد أن تعذر تسلمهم 4 آلاف دينار كانت مقررة لهم من الخليفة كخراج ضيعة قريبة من خوارزم حتى يتموا الرحلة. وقال: «تحدث ابن فضلان عن الروس وحياتهم البدائية البعيدة عن الحضارة الآدمية التي تختلف عما نشاهده اليوم من نهضة في دولهم»، وطرق دفن الموتى، وإذا أصابوا سارقاً أو لصاً، جاءوا به إلى شجرة غليظة، وشدوا في عنقه حبلاً وثيقاً، وعلَّقُوه فيها، ويبقى معلقاً حتى يتقطَّع من المُكث بالرياح والأمطار والحال كذلك بالزاني. ولفت إلى أنه وصف العادات الغذائية عند الصقالبة أنهم يتخذون من الشعير حساء، ويلبسون القلانس، وإذا مر ملكهم وضعوها تحت إبطهم احتراماً له، كما وصف الروس أن الرجل يحمل فأساً وسكينة لا تفارقانه، والمرأة كذلك تحمل سكيناً مشدوداً على ثديها. وأضاف: «يعود الفضل للمؤرخ ياقوت الحموي في تعريف المستشرقين والباحثين برحلة ابن فضلان من خلال الفقرات والمقاطع التي أوردها في كتابه الشهير معجم البلدان، ما شد انتباههم ودفعهم للبحث والتنقيب عن مخطوطته الأصلية». يذكر أن رحلة ابن فضلان كانت أساساً لرواية مايكل كريتشتون أكلة الموتى التي صورت كفيلم روائي باسم «المقاتل الثالث عشر»، إذ قام أنتونيو بانديراس بدور ابن فضلان، كما صدر كتاب «مغامرات سفير عربي» لأحمد عبدالسلام البقالي.