يحكي فيلم (عبقري) أو «Genius» قصة عثور محرر على عمل أدبي ضخم لا يعرف مؤلفه بالصدفة، ويرغب في تقديم ذلك العمل للجمهور والتعرف على كاتبه العظيم. وتفصيلاً يأتي الفيلم البريطاني -ومدته 104 دقائق- في إطار السيرة الذاتية والدراما، حيث يدور حول سيرة الناشر الأمريكي البارز (ماكس بيركنز)، وهو محرر أدبي لصالح دار نشر (أبناء تشارلز سكريبنر، نيويورك) بفترة العشرينيات الميلادية، حيث يُعَد من أوائل الذين وقعوا هناك، مع أدباء عظماء مثل (إرنست هيمنجواي)، و(سكوت فيتزجيرالد)، عندما تقع بالصدفة بين يديه مخطوطة تصل صفحاتها لألف صفحة، مكتوبة بواسطة مجهول، يقتنع بيركنز تمامًا أنه بصدد اكتشاف عبقرية أدبية جديدة. إن مساحة أي دور سينمائي لا تحدد أهميته، تماماً كما أن عدد سنوات المرء لا يحدد إبداعه وعبقريته. النجمة (نيكول كيدمان) تشارك في مشاهد قليلة في الفيلم، على عكس النجمين (جود لو) و(كولن فيرث) اللذين يحتلان معظم المساحة الفنية للعمل، ورغم ذلك أداءات الثلاثة تترك أثراً، ولا تفرق بين دور قصير وآخر طويل. بدوره، الكاتب الأمريكي العبقري (توماس وولف) -1900/1938- الذي يتناول الفيلم سيرته، توفي عن 38 عاماً فقط، لكنه نجح رغم سنوات عمره القليلة في ترك بصمة أدبية والحلول على قائمة كبار الأدباء العظماء مع روايات هي أشبه بسير ذاتية، تصدرت المبيعات، ورغم أن معظم الناس، باستثناء قلة قليلة من عشاق الأدب، لا يعرفونه ولا يعني اسمه لهم شيئاً، مع أن كتبه كانت تسرق الوهج والنجاح من كتب عمالقة الأدب، لكن اليوم الوضع تغيّر بفضل هذا الفيلم السينمائي، الذي يعيد رسم خطوط تلك العلاقة المميزة والأبوية نوعاً ما، بين الناشر الأمريكي الشهير ماكس بيركينز والكاتب توماس وولف. فيلم استثنائي، كلاسيكي، باهر بألوانه السيبيا ومناخه التصويري، واستعادته لنيويورك حقبة الثلاثينيات بالديكورات والأزياء والإكسسوارات، وحواراته الكثيرة والعابقة بالفلسفة، وإطاراته الضيقة، خصوصاً ممثليه البارعين الذين منحوا هذا الفيلم نبض الحياة بكل انفعالاتها وتلوناتها وفنونها وخيباتها.