تعتزم وزارة العمل، بحسب تصريحات أحد مسؤوليها، إعطاء شركات القطاع الخاص فرصة تحقيق نسبة السعودة المطلوبة في برنامج نطاقات، عن طريق برنامج «نطاقات المساندة»، حيث تدفع الشركة مقابلا ماليا عن كل «سعودي افتراضي»، لتحقق نسبة السعودة المطلوبة، وتحصل على التأشيرات اللازمة لجلب العمالة الأجنبية. قيمة السعودي الافتراضي تبدأ من 3600 ريال، وتزداد القيمة بزيادة عدد الموظفين الافتراضيين المطلوبين، بما لا يتجاوز 9 آلاف ريال، وبمعنى آخر، فإن الشركة ستدفع ضريبة مالية عن كل سعودي لن توظفه، مقابل إعطائها تأشيرات لاستقدام عمالٍ أجانب. كانت الوزارة في السنوات الماضية تبدي صرامة تجاه إعطاء التأشيرات للشركات، وهي شنت حربا على تجار التأشيرات، فيما تسهِل هذه الخطوة إعطاء التأشيرات في إطار قانوني، بضريبة على سعوديين افتراضيين، لا بتوظيف سعوديين حقيقيين. ما الذي يعنيه هذا لبرنامج السعودة؟. لابد من القول، أن في برنامج السعودة قصورا ونقصا، لكن هذا لا يلغي إيجابيات هذا البرنامج، إذ إنه زاد من عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص بشكل تدريجي، وإن لم يصل لنسبٍ عالية مرغوبة، كما أنه ساهم في دفع الشركات للاستثمار في تأهيل السعوديين مهنيا، عبر تغطية نفقات دوراتٍ تدريبية لهم تستمر لسنة أو اثنتين (التدريب المنتهي بالتوظيف الذي لا يُعرف وضعه بالضبط مع وجود السعودي الافتراضي)، مقابل احتسابهم في نسبة السعودة المطلوبة لهذه الشركات. لكن قصور برنامج السعودة، لا ينبع من كسل الموظف السعودي، كما يقول البعض، بل في الأساس من عوامل مثل قلة عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وغياب الدعم لها، وهي التي تستطيع خلق عدد كبير من الوظائف، وغياب القطاع الصناعي القادر على خلق فرص عمل كثيرة بأجور جيدة، وعدم كفاية التأهيل المهني والعلمي للسعوديين. تتشارك العوامل السابقة وغيرها في فكرة محددة، هي غياب الاستراتيجية التنموية ذات الأهداف الواضحة، التي تقوم على تغيير نمط الاقتصاد القائم باتجاه الإنتاج، ما يستحث الطاقات الوطنية على العمل للوصول إلى الأهداف الإنتاجية، ويوجب شراكة بين القطاع الخاص والدولة، يُترجم في تطوير برامج التعليم والتدريب لتتناسب مع احتياجات القطاع الخاص. هنا يصبج لتوطين الوظائف معنى إنتاجي، بدلا من النظر لتوظيف المواطنين كأعباء مالية، يُراد التخفف منها عبر تحميلها للقطاع الخاص، بفعل أزماتٍ اقتصادية أو تضخمٍ في القطاع العام. الجديد في السعودي الافتراضي، هو الاتجاه نحو تفريغ برنامج السعودة من مضمونه، وهو برغم قصوره، يمكن البناء عليه ضمن استراتيجية تنحو للخروج من نمط الاقتصاد الريعي، الذي يعيق توسيع توطين الوظائف. فتح الباب بلا حساب للاستثمارات الأجنبية، واليد العاملة الأجنبية، قد يكون نتيجة طبيعية لتحويل السعودة إلى ضريبة مالية، وتحويل الموظفين السعوديين إلى افتراضيين.