قرأت خبرا بأن وزارة العمل وافقت على إدراج مقترح للحد من ظاهرة التوطين الوهمي تقدم به بعض رجال الأعمال ومضمونه أن تدفع المنشأة التي لا تستطيع توظيف عامل سعودي 4000 ريال شهرياً لصندوق الموارد البشرية لكي يتم احتساب نقطة توطين واحدة لها في برنامج نطاقات كبديل عن توظيف السعودي، وتضمن المقترح ضوابط للمنشأة لكي تستفيد منه والذي سيكون اختياريا وبحد أقصى 25% من عدد السعوديين في المنشأة لكي تحقق نسبة التوطين المطلوبة، وسيكون متاحا فقط لبعض الأنشطة ولفترة محدودة حتى تجد المنشأة متسعا من الوقت لتأهيل وتوظيف أيد عاملة سعودية فيها قبل إيقاف خدمات وزارة العمل عنها. يظل هذا التوجه غير واضح إلى أن يتم إقراره رسمياً، وتوجه الوزارة له يعني أنها بدأت تدرك أن «الإلزامية غير المنصفة» أدت إلى انتشار ظاهرة التوطين الوهمي، وأن المنشآت الصغيرة والمتوسطة كانت المتضرر الأكبر من عملية اشتراط توظيف «سعودي» كمتطلب لإنهاء الإجراءات الحكومية وعملية الاستقدام، وأن هناك أنشطة معينة من الصعب جداً توطين وظائف فيها وبالغت الوزارة في تحديد معدلات سعودة لها في برنامج نطاقات. سبق وأن طالبت بتطبيق هذا المقترح في أكثر من مقال سابق، وتركيزي انصب على المنشآت الصغيرة والمتوسطة «حسب تصنيف وزارة العمل»، وكانت وجهة نظري أن الوزارة إذا كان هدفها دعما حقيقيا لتلك المنشآت ينبغي أن يكون توجهها لتطبيق أحد الحلول الثلاثة لحل مشكلة الأيدي العاملة المحلية فيها؛ إما أن يتم فك ربط «السعودة» من الحصول على التأشيرات لأي منشأة يقل عدد عمالتها عن 9 عمال لأول سنتين من تأسيسها، أو تسهيل عملية التقديم على شركات تأجير العمالة دون اشتراط «السعودة»، أو يتم دفع مقابل مالي بدلاً من تحقيق «السعودة» وفق آلية مبسطة وليست مبالغا فيها كما قرأت في الخبر. تسعى الوزارة لتوظيف أكبر قدر ممكن من المواطنين في القطاع الخاص وبأجور مناسبة، لكن يجب عليها أن تدرك أن الأجور في القطاع الخاص تحكمها سياسة «العرض والطلب»، ومن هنا يجب أن يكون توجهها تحفيزيا ومرنا، وبداية هذا التوجه هو ربط احتساب وزن العامل السعودي في نطاقات بالأجر، فكلما ارتفع أجر العامل السعودي ارتفع وزن احتسابه في نطاقات، وما أخشاه من عدم تطبيق هذا التوجه حتى الآن هو أن تكون الوزارة تعمل على رفع الحد الأدنى لاحتساب العامل السعودي كفرد كامل في التأمينات الاجتماعية لأكثر من 3000 ريال شهرياً. حتى تنجح الوزارة في تطبيق قرار دفع المقابل المالي بدلاً من التوطين، يجب أن يتم استثناء المنشآت الكبيرة والعملاقة منه، ويتم تخصيصه للمنشآت التي يقل عدد عمالتها عن 9 عمال والصغيرة والمتوسطة بغض النظر عن نوع النشاط، وإعادة النظر في المقابل المالي المقترح والمبالغ فيه جداً، ويتم تدوير تلك المبالغ المدفوعة لدعم تلك المنشآت عند توظيف أيد عاملة محلية، ولا يتم اشتراط حد أقصى لعدد من يتم دفع المقابل المالي عنهم.