بدأت الدفعة الاولى من المدنيين والمقاتلين بعد ظهر الجمعة وسط اجواء من الحزن بالخروج من مدينة داريا المدمرة قرب دمشق في اطار اتفاق يقضي بإخلاء مدينة طال حصارها وحافظت على رمزية خاصة لدى المعارضة السورية ودخلت صباح أمس، حافلات إلى المدينة من أجل نقل المدنيين والمقاتلين من المدينة التي تسيطر عليها المعارضة؛ وذلك وفقا للاتفاق الذي تم التوصل إليه الخميس بين المعارضة والنظام بهدف إنهاء فترة أربع سنوات من الحصار، مع شكوك تساورأطراف بالمعارضة بشأن إفلات الخارجين من المدينة من قبضة النظام. فيما اجتمع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف والمبعوث الأممي الى سوريا ستيفان دي ميستورا في جنيف في محاولة لوضع التفاصيل النهائية لاتفاق تعاون بشأن محاربة تنظيم داعش في سوريا. في حين واصلت تركيا (الجمعة) نشر مزيد من الدبابات والمدرعات على الحدود مع جرابلس التي استعادتها المعارضة بدعم منها هذا الأسبوع من تنظيم داعش. فيما دوت انفجارات بالمدينة في مؤشر على استمرار العمليات فيها بعد طرد الإرهابيين وفرض السيطرة الكاملة. نقل آلاف المدنيين وبعد حصار من قبل جيش الأسد دام نحو اربع سنوات، بدأ تنفيذ اتفاق يقضي بخروج آلاف المدنيين والمقاتلين من هذه المدينة التي طالما كان لها رمزية خاصة لدى المعارضة السورية. وبالتزامن مع عملية اخلاء داريا، تتواصل الجهود الدبلوماسية في مسعى لاستئناف مفاوضات السلام بين النظام والمعارضة السوريتين بلقاء جمع الجمعة وزير الخارجية الامريكية جون كيري بنظيره الروسي سيرجي لافروف في جنيف. وتوصل نظام الأسد والفصائل المعارضة في داريا الخميس، الى اتفاق يقضي بخروج 700 مقاتل الى ادلب (شمال غرب) و«4000 من الرجال والنساء مع عائلاتهم الى مراكز ايواء» بدءا من أمي (الجمعة) من هذه المدينة، فضلا عن تسليم المقاتلين لسلاحهم. وقال رامي عبدالرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان والمتواجد في بريطانيا، لوكالة الانباء الألمانية هاتفيا، إن «الحافلات التي من المقرر أن تجلي المدنيين والمقاتلين بدأت في دخول المدينة بعد أن تم إزالة كافة العقبات من الطرق المغلقة منذ عام 2012». وأفاد بأنه «سيتم نقل الآلاف من المدنيين إلى مراكز سكنية في قدسيا والكسوة في ريف دمشق. وفيما بعد، سيتم السماح لعناصر المعارضة وهم نحو 700 شخص باصطحاب عائلاتهم والانتقال إلى محافظة إدلب شمال غرب البلاد». وكان المرصد السوري قد افاد نقلا عن مصادر بأن هناك وجهتين الأولى من داريا إلى حماة إلى قلعة المضيق ومن ثم ريف إدلب، والثانية من داريا إلى لبنان ومن ثم إلى تركيا والدخول بعدها إلى إدلب، حيث من المنتظرفي أية لحظة أن تبدأ الحافلات التي وصلت مع سيارات إسعاف لنقل المرضى والجرحى والمواطنين، بتهجيرهم من المدينة بوساطة أممية، أشارت مصادر أخرى الى أن من بينها فريق روسي. وأفادت مراسلة وكالة فرانس برس عند مدخل داريا الجنوبي الجمعة بأن قافلة اولى من سيارات الهلال الاحمر دخلت المدينة المدمرة من دون ان يتضح موعد بدء عملية الاجلاء، كما يجري تحضير القافلات لدخول المدينة واخراج الاهالي والمقاتلين. وأفاد المجلس المحلي لمدينة داريا المعارض على صفحته على فايسبوك ظهر الجمعة بأن «عملية خروج الاهالي من داريا ستبدأ بعد قليل»، على ان تستكمل السبت. وأظهرت صورة نشرها المجلس المحلي احد الشبان وهو يقبل اسم داريا على احد جدران المدينة. ولداريا رمزية خاصة لدى المعارضة السورية، فهي كانت في طليعة حركة الاحتجاج ضد نظام الاسد في مارس 2011، كما انها خارجة عن سلطة النظام منذ اربع سنوات بعدما تحولت الاحتجاجات الى ثورة مسلحة، وهي من اولى البلدات التي فرض عليها حصار. غير صالحة للسكن وكان مصدر في الفصائل المعارضة أكد لفرانس برس ان «المدنيين سيتوجهون الى مناطق تحت سيطرة النظام في محيط دمشق، وسيذهب المقاتلون مع عائلاتهم الى محافظة ادلب في حين فضل آخرون تسوية اوضاعهم مع النظام». وستحتاج عملية اخلاء داريا الى «اربعة ايام قبل ان يدخل جيش النظام إليها» اليها، وفق مصدر سوري ميداني. ويعيش نحو ثمانية آلاف شخص في داريا الواقعة على بعد نحو عشرة كيلومترات جنوب غرب العاصمة. وهي ايضا مجاورة لمطار المزة العسكري، حيث سجن المزة الشهير ومركز المخابرات الجوية. وأوضح المقاتل المعارض في المدينة ان قرار التوصل الى اتفاق مع الحكومة السورية على اخلاء المدينة «بعد صمود دام اربع سنوات يعود الى الوضع الانساني المتدهور فيها والقصف المتواصل عليها، فكان لا بد من حماية المدنيين». وأضاف: «المدينة لم تعد صالحة للسكن، فقد باتت مدمرة تماما» اذ كانت داريا تتعرض للقصف بعشرات البراميل المتفجرة يوميا، فضلا عن القصف المدفعي والغارات الجوية ما اسفر عن دمار هائل فيها. وكانت داريا قبل الحرب تعد حوالى 80 الف نسمة، لكن هذا العدد انخفض 90 في المئة حيث واجه السكان طوال سنوات الحصار نقصا حادا في الموارد. ودخلت في شهر يونيو اول قافلة مساعدات الى داريا منذ حصارها في العام 2012. لقاء جنيف وبعيدا عما يجري على الارض في سوريا، وفي المدينة السويسرية جنيف، بدأ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري والروسي سيرجي لافروف اجتماعا في فندق فخم على ضفاف بحيرة بيمان لبحث استئناف المفاوضات السورية. من جهة أخرى نفى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم (الجمعة) مزاعم مفادها ان انقرة تركز في عمليتها العسكرية المستمرة في سوريا لليوم الثالث على الاكراد، معتبرا انها «أكاذيب». وقال يلديريم في مؤتمر صحافي: إن تركيا ستواصل عملياتها العسكرية في سوريا «حتى ضمان امن حدودنا بنسبة مئة في المئة»، وقال ان بلاده تسعى لطرد تنظيم داعش وجماعات إرهابية أخرى من حدودها لمنع تدفق المهاجرين من جديد.