اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في اتصال هاتفي أمس، على ضرورة دعم هدنة حلب وتسريع الإغاثة إلى المحاصرين في هذه المدينة، بالتزامن مع محادثات أجراها وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف في جنيف، في شأن ملفي المساعدات الإنسانية والتهدئة في حلب، وأيضاً التعاون في التصدي للجماعات الإرهابية، في وقت بدأ ترحيل الدفعة الأولى من المدنيين والعناصر المسلحة من مدينة داريا المدمرة قرب دمشق، وسط تحذيرات من إفراغ المدينة من سكانها بعد حصار وقصف استمر أربع سنوات، وتغيير الواقع الديموغرافي في محيط العاصمة السورية. وذكرت وكالة «الأناضول للأنباء» أن الرئيسين الروسي والتركي اتفقا خلال مكالمة هاتفية على «تسريع جهود إيصال المساعدات الإنسانية إلى حلب»، مضيفة أن أردوغان أطلع بوتين على سير العملية الحالية التي يشنها الجيش التركي في شمال سورية. ويشكّل هذا الاتصال الهاتفي أحدث إشارة إلى تحسّن العلاقات بين الطرفين بعد الاتفاق في حزيران (يونيو) على تطبيع هذه العلاقات إثر تدهورها على خلفية أزمة إسقاط الطيران التركي مقاتلة روسية قرب الحدود السورية العام الماضي. وبحث الرئيسان أيضاً في الحاجة إلى محاربة كل المجموعات الإرهابية في سورية، بما يشمل تنظيم «داعش». وأشارت الوكالة إلى أنهما «تبادلا بشكل معمق وجهات النظر حول الوضع في سورية، ولفتا إلى أهمية بذل جهود مشتركة في إطار مكافحة الإرهاب». ونفى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الجمعة، مزاعم مفادها أن أنقرة تركّز في عمليتها العسكرية المستمرة في سورية لليوم الثالث، على الأكراد، معتبراً أنها «أكاذيب». لكنه قال في مؤتمر صحافي: «سنواصل العمليات حتى ضمان أمن حدودنا بنسبة مئة في المئة (...) وحتى نطرد عناصر داعش خارج المنطقة»، فيما قال قائد عسكري في المعارضة السورية المسلحة التي استولت على بلدة جرابلس الإستراتيجية من «داعش»، إن المعارضة تهدف إلى التحرك غرباً في المرحلة المقبلة من عمليتها المدعومة من تركيا، وهو تقدم قد يستغرق أسابيع أو شهوراً لإنجازه. في جنيف، بحث كيري ولافروف في الأزمة السورية ومحاولة استئناف محادثات السلام، وانضم إليهما لفترة وجيزة الموفد الأممي ستيفان دي ميستورا الذي قال إن اللقاء سيكون «مهماً» وسيكون «له تأثير أكيد في المبادرات السياسية للأمم المتحدة بهدف إحياء العملية السياسية في سورية». وأشار دي ميستورا إلى أن هدنة ال48 ساعة أسبوعياً التي دعت إليها الأممالمتحدة للسماح بإدخال قوافل المساعدات إلى مدينة حلب قد تدخل حيّز التنفيذ قريباً. وفي نيويورك، دعا المدير التنفيذي لمنظمة اليونيسف أنتوني لايك الى التوصل الى هدنة عاجلة في حلب لتأمين المساعدة الى «أكثر من 100 ألف طفل محاصرين في القسم الشرقي من المدينة منذ مطلع تموز (يوليو) الماضي». وأكد أن منظمته جاهزة لدعم المساعدات وإصلاح منشآت المياه والكهرباء الحيوية لتأمين مياه صالحة للشرب الى السكان في كل حلب. وأشار الى أن أكثر من 35 ألفاً من السكان اضطروا الى النزوح في القسم الغربي من المدينة. واعتبر أن أطفال حلب «لا يجب أن يعيشوا أكثر في ظل الخوف من الاعتداءات في المدينة التي أصبحت الأكثر خطراً في العالم». وفي جنوب غربي دمشق، انطلقت أمس عملية تطبيق اتفاق تسوية بين المعارضة والنظام لإخلاء داريا من مدنييها والمقاتلين. ونصت المرحلة الأولى على إخراج 700 عنصر مسلح إلى إدلب (شمال غرب) و4000 من الرجال والنساء مع عائلاتهم بدءاً من الجمعة، فضلاً عن تسليم السلاح المتوسط والثقيل. وقال ناشط في داريا فضل عدم كشف اسمه، في حديث عبر الهاتف مع وكالة «فرانس برس» في بيروت: «هناك قهر كبير» بين السكان. وأضاف: «ذهبت الأمهات بالأمس إلى المقابر لوداع الشهداء. إنهن يبكين على داريا أكثر مما بكين حين سقط الشهداء». وقال أحد عناصر الفصائل المعارضة: «المدينة لم تعد صالحة للسكن، باتت مدمرة تماماً»، إذ كانت داريا تتعرض للقصف بعشرات البراميل المتفجرة يومياً، فضلاً عن القصف المدفعي والغارات الجوية، ما أسفر عن دمار هائل فيها، فيما قال نشطاء معارضون إن النظام يريد إفراغ داريا من سكانها لأنها تقع قرب مطار المزة العسكري وقرب مشروع إعمار أطلقته إيران لعناصر موالية لها ولدمشق، حيث قضى الاتفاق بإخراج ثمانية آلاف مدني بقوا فيها من أصل حوالى 75 ألفاً على رغم الحصار منذ أربع سنوات.