قبل أي مشاركة عربية في الأولمبياد تعود بي الذاكرة الى انجازات رياضية كبرى حققها العرب خلال عقد الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي متمثلة بتفوق دول المغرب العربي في اولمبياد لوس انجلس 1984، وما تزامن مع ذلك من انجازات رياضية اخرى بتأهل المغرب والجزائر والعراق والكويت الى نهائيات كأس العالم لكرة القدم والتفوق السعودي المصري كروياً على القارتين الصفراء والسمراء. تلك الإنجازات أوحت أن هناك عملا كبيرا وتخطيطا عظيما وبما أوجد موجة تفاؤل كبرى في الأوساط العربية بأن المستقبل مشرق وبأن تطورا رياضياً مستمراً قد أعلنت بدايته وسط تأكيد أن الفترة التي سبقتها هي فترة بناء الرياضة وقد آن الأوان لقطف ثمارها. هذا الأمل حُدد زمنه بأربع سنوات فقط كمدة قانونية بين المناسبات الرياضية الكبرى عالميا، وحين فاتت الفترة سرعان ما بدأ يتراجع ويخبو، ويحل بدل التفاؤل تشاؤم مزعج عنوانه أن انجازات العرب في زمننا الجاري مجرد طفرات لا حقائق مستمرة، ولا يمكن حسابها في موازين التفوق والارتقاء لتكون الحصيلة في تراجع مخل حتى وإن بلغ بضعة افراد التتويج الذهبي أولمبياً أو تأهلوا الى النهائيات الرياضية لكؤوس العالم.. لكنهم أقنعونا أنها حالات تنتمي الى الصُدف السعيدة ولا دخل لها بالارتقاء المستمر، لتستمر الأهداف العربية في المشاركات الرياضية العالمية ضائعة وبدون عنوان وتنامى الاحباط ليكون أشد ألماً.. وليكتشف الشارع العربي أن هم مسؤوليه وقادة عمله الرياضي يتمحور حول المشاركة والوصول إلى المحافل العالمية وخلال الافتتاح التلويح بأيديهم بأننا هنا.. أما غير ذلك فلا دخل لهم به!. وها هو محفل ريو دي جانيرو الكبير يفتح ذراعيه للجميع، وقبله وأثناءه ليس لنا مقاييس.. فقط ننتظر الطفرات الانجازية.. لعل وعسى.. تلك التي لا تعبر عن عمل مخطط له مبرمج متفوق بقدر أنها قدرات خاصة من اللاعبين المتفوقين، وليت الأمر توقف على ذلك في مشاركات العرب، بل تجاوزه الى التجنيس والاستعانة بالقدرات المتفوقة الجاهزة.. لعل ميداليات تكتب باسمنا حتى ولو كان جهدها وعرقها لا ينتمي لنا!. الحقيقة التي لا نخجل من ترديدها أن العرب يعيشون وضعا رياضيا مترديا.. وهذا الوضع ليس بسبب ضعف القدرات أو ندرتها، بل بسبب أنه ليس هناك قدرات رياضية متفوقة بسبب سوء الادارة الرياضية أولا ومن ثم بخل الحكومات بالصرف على الرياضة. والأشد ألما أن العرب بعد كل اخفاق يعودون الى سيرتهم الأولى بالتبرير والاختيار غير المناسبين لقيادة رياضتهم.. ناهيك عن أن الدراسات التي احتاجوها لمعرفة قدراتهم لأجل قياس مشاركتهم وكيفية تحقيق النتائج من خلال الرياضة التي تستطيع تحقيق الثقة في المنافسة على تتويجاتها، غير موجودة.. وأكثر ما يدل على ذلك هو البحث العربي عن المشاركة بأكبر قدر من الرياضيين على حساب النوعية والثقة بالقدرة على المنافسة. ختام القول إن العرب يريدون أن يكونوا أصحاب أفضليات أولمبية مع أن أقل المقومات التي تعين على ذلك لا يوفرونها.. وعليه فلا بأس أن يعودوا بعد كل مناسبة عالمية بخفي حنين.