يؤكد كتاب «الفيلم بين اللغة والنصّ»، لمؤلفه علاء السيد أنّ الصورة الفوتوغرافية هي أولى البدايات في التشبه بالواقع، بل إنها تحمل منه أثراً لكونها صورة الشيء نفسه مطبوعة على الفيلم الحساس. وتناول الكتاب ثورة ظهور الصورة السينمائية والتي نقلت الإنسان من ذلك التسجيل على الصورة الفوتوغرافية، إلى ذلك الحلم المتحرك على شرائح الفيلم، حيث بدأت السينما ظهورها في نهاية القرن التاسع عشر بعد سلسلة طويلة من التجارب الممتدّة جغرافيًّا، على مدار أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية من أجل تحريك الصورة الساكنة، لذلك لم تنشأ الصورة المتحركة كفن، بل نشأت كآلة، فالصور المتحركة وليدة الاختراع، أي أنّ الآلات هي التي تصنع الصور وتجعلها متحركة. كما أشار المؤلف إلى أن السينما تقدّم ما لا تقدر أنْ تقدّمه الفنون الأخرى، لذا أصبحت لها حظوة عالية المكانة لدى الإنسان؛ لأنها فتحت مجالات لم تكن مطروقة من قبل لديه، بل إنها لعبت دورًا مهمًّا في تغيير نظريتنا نحو هذا العالم المحيط بنا، وحطّمت ذلك العالم المحدود الذي كان الإنسان يعيشه من قبل، فالصورة المكوّنة للرؤية الكلية للفيلم تأتي من تراكم الصور وتفاعلها الإيقاعي الناجم عن التنامي الزمني المستمر طوال مدّة العرض، فالإمساك بالزمن وتسجيله واستعادته، كانت تمثل نقطة تحوّل في حياة الإنسان والفن والثقافة، في منعه من الانفلات من بين أيدينا، كانت هذه اللحظة من أهم لحظات حياة الإنسان، والموضوعات أصبحت قابلة لتقديمها عبر السينما، والتاريخ بكلّ أحداثه وشخصياته، فالسينما لديها القدرة على تقديم أي عالم من العوالم سواء الماضية، أو الحاضرة أو المستقبلية. كما أكد مؤلف الكتاب على أن السينما تعتبر وسيلة لحفظ الزمن، وأيضًا للتعبير عنه خصوصًا مع ظهور «اللقطة» و«المونتاج» كعنصرَين أساسيَّين من عناصر التعبير الفيلمي، وذلك عبر تتالي وتتابع اللقطات كعلامات صغرى، ليتكوَّن منها المشهد الفيلمي، كعلامة كبرى ذات معنى ودلالة، وينسحب هذا الأمر على بنية النصّ الفيلمي ككلّ؛ ما يستلزم وجود «خطة» محدّدة ومُعدَّة سلفاً من قبل صانعي النصّ الفيلمي، من أجل طرح «وجهة النظر» الخاصة بهم، التي تنشأ وتتكوَّن عبر العلاقة بين الأحداث والشخصيات والزمان والمكان، والتي جرى اختيارها وتنظيمها جميعًا، داخل اللقطات والمشاهد من أجل إنتاج الدلالة الفيلمية.