* في رحاب بيت الله الحرام يجول في الطرق المؤدية إليه وإلى المشاعر المقدسة كاتبا على سيارته الخاصة: «مرحبا حجاج بيت الله.. التوصيل مجانا». * في عيادته الطبية الخاصة علق ورقة وكتب عليها: «أخي المريض: إذا كنت لا تملك النقود.. لا تخجل أن تطلب الكشف مجانا فهذا حقك وهذا واجبي، فالله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه». * بائع الخضار ثبت لوحة مكتوبا عليها بخط جميل: «أخي العزيز: إذا لم يكن لديك مالا فلا تستحي وتترك عائلتك بلا أكل.. تفضل وخذ ما تحتاجه لأبنائك من عندي فرزقي ورزقك على الله». * في الحاجز الزجاجي الخارجي للمطعم وضعت هذه العبارة: «من كان جائعا ولا يستطيع دفع ثمن سندويتش الشاورما فليأخذها مجانا». هذه العبارات المفعمة بالكرم المسكونة بالجود لا شك أنها انبعثت من نفوس سخية معطاء وانطلقت من أرواح نقية شفافة، وكم سعدت حين تأملت هذه العبارات التي تنبض بالمحبة الإنسانية الخالصة إذ إنها علامات مضيئة ومؤشرات مفرحة تهطل بالنور والبياض وتجعلنا نتوقف مشدوهين ومتفائلين في أن حياتنا المثخنة بالمادة لا تزال بخير. نعم لا تزال حياتنا بخير ولا نزال بخير ما دام بيننا هؤلاء الباذلون من ذوي النفوس الطيبة الزكية الذين يضفون على حياتنا مساحات هائلة من النسائم الباردة والنقاء والخير. وبالفعل فجوهر السعادة ومنبعها العذب ليس قدر ما نملك ونجمع بل ما نعطي ونبذل هنا تتحقق السعادة الحقيقية ونشعر بها تفيض من أعماق الروح. لم يكن صاحب تلك السيارة في الحرم المكي الشريف الذي كتب على زجاجها الخلفي دعوة التوصيل المجاني لضيوف الرحمن لم يكن يملك سيارة فارهة بالرغم أن سيارته حديثة ونظيفة جدا ورغم ذلك تلحظ أن أنوار الكرم تتدفق بين ثنايا عبارته تنثال كالغيث، ولم يكن ذلك الطبيب الرائع يملك مستشفى تخصصيا ولكن عبارته المكتوبة تنضح بالجود والسخاء، ولم يكن بائع الخضار يملك مركزا تسويقيا ضخما بل محلا صغيرا وربما بسطة صغيرة على ناصية طريق ولكنه كان يملك شعورا إنسانيا قل نظيره تجاه أخيه الإنسان المحتاج، ولم يكن ذلك المطعم رغم أنه مطعم أنيق لم يكن مطعما فخما في أحد فنادق الخمسة نجوم بيد أنه وضع كلمات لها بريق الذهب والألماس لا تجد لها مكانا تستقر فيه إلا القلب. هؤلاء من الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة يقدمون لأنفسهم فينفقون نفقة من لا يخشى الفقر وكيف يخشى الفقر من وعده الله سبحانه بالثواب الجزيل والأجر العظيم في الدارين. ورغم سعادتي التي لا توصف بهذه العبارات الكريمة التي تفيض بالمودة والكرم فإنني على يقين أن هؤلاء وجدوا من السعادة في أنفسهم والبركة في أرزاقهم ما يفوق الوصف فبمقدار البذل والعطاء تنعكس السعادة والرضا والخيرات والبركات أضعافا مضاعفة. يبقى أن أدعوكم لمشاركتي السعادة في رؤية تلك العبارات والاطلاع عليها في صورها الجميلة على حسابي في تويتر مع رابط هذا المقال ولكم أجمل تحية ولهؤلاء الكرماء أقول: لكم من الشكر أجزله فلقد جعلتم لحياتنا قيمة مضافة تنبض بالحب والنور والضياء.