يزداد احتمال الخطأ في تعاملك مع الآخرين، فلا يمكنك توجيه سلوك الآخرين بنفس السرعة والثقة والفاعلية التي تتحكم بها في سلوكك الشخصي، إلا إذا تعلمت كيف تطور من نتائج هذه العملية بايجاد المزيد من سبل التواصل وتفهم الخرائط الذهنية المختلفة التي تفصل بين أنماط الناس والبرامج العقلية المتعددة التي تدير مواقفهم، ويكمن المفتاح السحري لجميع تلك المهارات في كلمة المرونة. إن من لا يغير آراءه مثل الماء الراكد، سيسمح للزواحف أن تنمو في عقله، ومن لا يغير أساليب تواصله سيجد نفسه في نفس المستنقع الخطر، فالحياة ليست ثابتة وأولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم هم فقط سكان المقابر والمجانين. يمكننا أن نتفق على أن المعيار الناجح في عالم الأنظمة أيا كان هو توفير أكبر عدد من الاختيارات؛ أي أن النظام ذا المرونة الأكبر والخيارات الأوسع هو المؤهل للبقاء وإحراز النجاح الأكبر، وينطبق نفس الشيء على البشر، فذكاء العيش هو في تنوع الأساليب التي من شأنها حل المشكلة. لا تأتي المرونة من تلقاء نفسها، فالكثيرون يفعلون نفس الأشياء ويكررونها بصورة مملة، والبعض منا يثقون بصحة موقفهم تجاه شيء ما ويفترضون أن مجرد التكرار كافٍ للنجاح، ويعود السبب في ذلك لتوليفة تجمع بين حب السكون والاعتداد الزائف بالذات، فكثيرا ما يكون أسهل شيء للدماغ هو تكرار المسار بين الخلايا العصبية وأن تفعل بالضبط ما فعلته سابقا، لكن الأسهل هو الأسوأ للنمو الشخصي. شيفرة النجاح الشخصي هي في اكتساب المرونة، فإذا كنت تجد صعوبة في حل لغز ما فلن يجدي أن تجرب نفس الحل عدة مرات بل ستتوصل له إذا وجدت لديك مرونة كافية للتغيير والتكيف وتجريب الأشياء الجديدة، وكلما زادت مرونتك زادت الخيارات التي تبدعها والأبواب التي يمكن أن تنفتح وزاد نجاحك. في مجال العلاقات يتعامل معظمنا مع الخلافات على أنها شيء يشبه لعبة الملاكمة بالكلمات ويتعامل بلغة المكسب والخسارة، ومن مستوى أنا على حق والآخر على باطل، ومن لا يوافقني الرأي فهو خصمي، فكلا الجانبين يعتبر أنه يحتكر الحقيقة وحده وأن الآخر يتخبط في جهل دامس، لكننا سنحصل على ما نريد بسرعة أكبر عندما نجد إطارا للاتفاق وليس للاختلاف، ولهذا فالبائعون الناجحون وخبراء التفاوض يعلمون أنه من الصعب جدا الحصول على موافقة شخص لعمل شيء لا يريد عمله، ويسهل اقناعه إذا تم إيجاد إطار اتفاق مشترك ثم قيادته بصورة طبيعية وليس من خلال العراك، فذكاء التواصل الفعال هو في ادارة الموقف بحيث يفعل الشخص ما تريده أنت وهو مقتنع بأن ذلك ما يربحه، ولهذا يصعب التغلب على المقاومة، ويسهل تجنبها بالاستفادة من الاتفاق والألفة. لا يوجد شيء اسمه مقاومة، إنما يوجد غباء تواصلي غير مرن، بين أناس يندفعون في الوقت الخطأ، والاتجاه الخطأ وبالأسلوب الخطأ، لكن المتواصل المتميز لا يعارض آراء الآخرين، بل يتمتع بمرونة وسعة حيلة، ويجد نقاط اتفاق يتمسك بها ثم يعيد توجيه التواصل بالطريقة التي يرغبها.