في مناسبات الأعياد يودع كل واحد منا المعارك التي اشعلت بداخلنا وولدت الكراهية والضغينة وغيرها من الصفات التي تحملنا في الهم اليومي مع الآخر.. ليأتي العيد بلغة التسامح ويذيب تلك الارهاصات وتوابعها. ففي العيد تتعدد خيارات الجمال، ويتخلص الإنسان من القيود التي تعيق حركته، وتكسر حواجز الهموم، ويقبل الناس على مباهج الحياة. في الاعياد نبعثر الذكريات التي لا نريد الاحتفاظ بها في مخزون الذاكرة ونرسل عبر أجهزة الفرح بطاقات مطرزة بأجمل مراحل حياتنا.. وهي حياة الطفولة.. التي تكون أقرب المراحل نشوة وفرحا بالعيد. في العيد نكتب أبيات فرح في قصيدة طغى عليها موال الحزن طوال السنة، فنتمرد في هذه الأيام على ملوحة أبيات القصيدة، ونتمرد على سلوكنا المنطوي والمتعكر المزاج لنرسم البسمة على وجوهنا قبل أن يستقبلها الآخرون..!! في العيد نمتطي صهوة جوادنا لبلوغ مدائن السعادة، نتسلق قلاع التعاسة، نقاوم الكآبة نرفض الاستسلام للروتين. في العيد تنمو شموس الحب داخل قلوبنا أكثر، ونتخذها اضاءات لدروبنا ننتصر بها على عاطفة الكره والشر، لنكسب بفرحة العيد الخير لنا وللآخرين. في العيد نسابق الزمن في فجره ووسطه وآخره نركض فيه خلف الأمل رغم اعتراضات محطات اليأس على عتبات سويعاته القليلة.. لكننا وأمام تلك الابتسامات ولغة التسامح التي وهبها الله لنا في هذه الايام ننتصر ونصل إلى بر السعادة. في العيد نتخلص من الضغائن والشوائب والأحقاد، ونصفي نفوسنا ونسامح بعضنا البعض، ونحن نرتدي الثياب الجديدة، نبدأ حياة جديدة، كأننا ولدنا من جديد. في العيد نكبر بعقولنا ونكبر بتسامحنا، ونكبر بالتنازلات التي نقدمها لمن نختلف معه، ونكبر في اشياء كثيرة عجزنا عن أن نتجاوزها في الأيام العادية، لان رسالة السماء في هذه الايام المباركة تسمو بالنفس إلى الأفضل. في العيد نوقف قطار السفر.. المدلج بالغبار.. وزوابع التجوال ويرسو قاربنا في ميناء لا يحمل ضجيجا، ولا يسأل فيه أحد عن مدة المكوث. في العيد نودع الاستغراق في التشاؤم ونبدأ السير في شواطئ التفاؤل.. فالفشل في محطة ما قد يكون بداية النجاح في محطة اخرى، فليس من المعقول ان نتوهم ان السماء لا تحمل غير الغيوم والضباب وبها النجوم والقمر. في العيد نبعثر الذكريات التي لا نريد الاحتفاظ بها في مخزون الذاكرة ونرسل عبر الاجهزة العصبية للدماغ بطاقات مطرزة بأجمل مراحل حياتنا لتقفز أمام أعيننا كلما استرجعنا شريط الذكريات. في العيد نكسر حواجز أحلام اليقظة ونخرج من دائرة الوهم لاحلام أكثر واقعية تدفعنا للأمام في تيار الحياة، والأجمل ان نحلم ونحلم ونحلم ولكن بواقعية تفتح لنا دروب المجهول في عالم مجنون لا يعترف الا بمنطق القوة، والقوة في هذا الزمن هي انتهاز الفرص المتناثرة هنا وهناك. في العيد ندعو الله أن يحمي المملكة من شر الحاسدين والحاقدين والمتربصين، ويقيها شر الفتن، ويجمع الله قلوب شعبها على الحب والولاء لقيادة رشيدة تبني مجدا وحضارة تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله).