صام المسلمون «مليار ونصف المليار» شهرا كاملا.. ومارسوا فيه عشرات العبادات من صلاة ودعاء وذكر وصدقة وقراءة وخلوة وصوم وصبر وتسليم وقنوت واجتماع وتنظيم وقت وصفوف واستغفار وتكبير، وصلاة العيد في ختام العمل العبادي الكبير.. والمتأمل لمدة الصوم التي جاوزت 4 أسابيع لكي تدرب مجاميع المسلمين على تلك الأعمال العظيمة في تجديد العلاقة بالله، وتزكية النفس، وتنمية الإحساس بالآخرين وغيرها يعلم أن هذه المدة كفيلة بتحريك مستوى التقوى القلبية والعملية لدى المسلم والمسلمة ولكنهم يتفاوتون بمستوياتهم فيها حسب إرادتهم وحرصهم واجتهادهم، والمسلمون في هذا الشهر قرأوا كتاب الله، وتلي عليهم، وغيروا نظام الطعام والشراب والنكاح والنوم، وحثوا على الاجتماع والتقارب، ونُمي لديهم أهمية الوقت إمساكا وإفطارا وصلاة.. فلما ينسلخ الشهر ويودع المسلمون هذا «المضمار» العجيب قد يرجع المرء لعوائده السابقة كغضب أو ضعف قراءة وصلاة أو إهمال للتفاعل مع الآخر أو لامبالاة بالمواعيد والأوقات، ولذا اقترح أن يركز المرء العاقل بمخرجاته من هذا الاستثمار الروحاني الكبير، والاجتماعي العظيم، والمعرفي المبهر، والتدريبي العجيب، ماذا لو حدد الواحد ثلاثة أشياء يأخذها معه الآن من هذا الشهر يصحبها معه إلى رمضان القادم بإذن الله.. ليأخذ أولا: التقدم للصلاة وقراءة القرآن، وثانيا: تنظيم الأوقات والاهتمام بها والالتزام بالمواعيد، ثالثا: الاحساس بالآخرين من ذوي الحاجات والقرابات.. ويكون هذا المنهج للمسلم كل عام، فتخيل من صام 10 رمضانات يخرج منها حتى الآن بثلاثين فائدة، أو يعالج ثلاثين سلبية. أعرف رجلا هميما يأخذ من رمضان كل سنة عملا فيحافظ عليه، بدأ بالمحافظة على الصلاة، وفي السنة الثانية أخذ المواظبة طوال العام على قراءة القرآن جزء يوميا، وأخذ من العام الذي بعده المواظبة على ركعات مع الوتر ليليا وهكذا، وهذه من مقاصد الصوم ولذا ورد في الحديث «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» هذه بعض فيوض شهر الصوم.. لعلكم تتقون.. يأخذها المسلم الصائم معه ليصافح بها قلبه يوم العيد فرحا بصومه وفطره مكبرا لله على نعمته وهدايته.. ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون.