في هذه الحلقة من ملف الطبقية الاجتماعية نتابع المقارنة في أسلوب الحياة والنمط المعيشي بين حيين متجاورين تقريبا في مدينة الخبر، .. ومن خلال جولتنا الميدانية تجلت حقيقة أخرى لطبقية اجتماعية بكل ما تعنيه الكلمة بين سكان حي الصبيخة وبين أهالي حي الكورنيش بالخبر، وذلك رغم أن كلا منهما يقع على شريط ساحلي واحد في نفس المدينة ولا يفصل بينهما سوى حي ليس بالكبير من الخبر وهو حي الخبر الشمالية، فحي الصبيخة الذي لم يعد يسكنه إلا القليل من أهله مع كثافة كبيرة من العمالة الوافدة، وذلك لما هجره سكانه الأصليون بدعوى أنه قديم جدا ببيوته وشوارعه وأزقته .. الأمر الذي أثر على الترابط الاجتماعي الذي كان يتسم به مجمع « الصبيخة « قديما، .. أما الجانب الآخر حي « كورنيش الخبر» فهو يتسم بالهدوء كنتيجة حتمية لخلو شوارعه من المارة، فضلا عن طبيعة مجتمعه وحضارتهم المدنية .. في هذه المادة مقارنة وصفية سريعة في النمط الاجتماعي والمعيشي للأهالي بين هذين الحيين .. فإلى هناك : الهدوء سمة حي الكورنيش والأهالي منهمكون في أعمالهم إلى أوقات متأخرة
حي الصبيخة العمالة الوافدة أجبرت أهالي الصبيخة للانتقال إلى أحياء أخرى يقع حي الصبيخه في الجهة الجنوبية من مدينة الخبر، ويعتبر من أقدم الأحياء السكنية في المنطقة ككل، وسمي بهذا الاسم لأن أرضه سبخه وهي الأرض الطينية التي لا تصرف الماء ، ومنذ نصف قرن تقريباً كان أهل المنطقة من الأسر الميسورة يسكنون هذا الحي بينما يسكنه الآن القليل ممن بقي منهم، فضلا عن الكثافة السكانية للعمالة الأجنبية التي أجبرت الكثير من أهالي الصبيخة إلى الانتقال إلى أحياء أخرى أكثر هدوءا وأقل ازدحاماً، وفي جولة ميدانية في هذا الحي القديم كان لقاؤنا في البداية مع أحد أقدم ساكنيه وهو المواطن أحمد العامري والبالغ من العمر 70 عاما، وتحدث العامري عن الصبيخة فقال :» الصبيخة حي قديم، وأسكن فيه منذ 50 عاما تقريبا، وقد كانت الحياة الاجتماعية بين الأهالي في زمننا حياة جميلة تكسوها الألفة والمحبة، وكانت الاجتماعات بشكل مستمر، وكنا نجتمع للسمر إلى أوقات متأخرة من الليل، وكانت الحياة بسيطة .. وكان الناس هنا على قلب واحد، ولكن في وقتنا الحاضر تغيرت الأمور بشكل كبير، فالعمالة الأجنبية لم تترك لنا شيئاً هنا، فقد استولت على الكثير من ذكرياتنا الجميلة .. بل حتى المنازل القديمة هنا لم يعد يسكنها إلا هذه العمالة .. ولقد هاجر الكثير من أبناء الصبيخة إلى أحياء أخرى، فلم يعد هناك أي حياة اجتماعية كما سبق، .. الناس هنا لم يعد يتواصلون مع بعضهم إلا في القليل النادر، وفي بعض المناسبات كالأعياد وأيام شهر رمضان فقط، .. فيجتمع ثلاث أو أربع أسر في بيت واحد يتسامرون ويقضون وقتهم بكل حب وألفة «، .. ويضيف العامري :» وأبناء الصبيخة الذين انتقلوا إلى أماكن أخرى يقومون بزيارتنا من وقت لآخر، وهم بذلك يتذكرون الماضي الذي عاشوه معنا والحياة الاجتماعية البسيطة التي كنا عليها»، من جهته أيد المواطن مطر مبارك 75 عاما والذي هو الآخر من أقدم سكان هذا الحي ما قاله العامري وأضاف :» الصبيخة لم يعد يسكنها إلا القليل من الأسر، والحياة الاجتماعية قد تكون مختفية إلى حد كبير، وذلك بسبب كثرة العمالة الوافدة هنا، وهذا ما جعل بعض الأهالي يقومون بزيارات لأهالي هؤلاء العمالة .. والذين اعتادوا على طبائع المجتمع الذين يعيشون فيه معنا»، ويضيف مطر :» الصبيخة حي شعبي قديم، يسكنه الآن القليل من الأهالي الذين عاشوا فيه منذ زمن بعيد، والعادات والتقاليد الاجتماعية موجودة .. ولكن ليست كما سبق، فقد كانت الاجتماعات الدورية بين الأسر في السابق بشكل مستمر، أما الآن فقد انتقل الكثير من أهالي الصبيخة إلى أحياء أخرى، ولكن لم ينسوا أيامهم التي عاشوا فيها معنا، الحياة في هذا الحي جميلة .. فهو حي شعبي قديم، تلاحظ فيه بعض الأهالي مازالوا يعشقون اللقاءات الاجتماعية، وذلك بزيارة بعضهم، والاجتماعات هنا تقع في أماكن محددة في الحي، وخاصة بالنسبة لكبار السن الذين يجتمعون في المجالس الشعبية ومازالوا متمسكين بعاداتهم وموروثهم الشعبي القديم، الحياة هنا لا تختلف عن الكثير من الأحياء القديمة في أي مكان، وأنا أعيش هنا أجمل أيام عمري .. لأنني وببساطة بين أحبتي وإخواني وأقاربي الذين عشت معهم منذ طفولتي».
حي «كورنيش «الخبر الحياة الاجتماعية في «الكورنيش» ضعيفة مقارنة بالأحياء الشعبية القديمة بحثت كثيرا في هذا الحي والذي يعتبر من أرقى الأحياء في مدينة الخبر عن أحد لأتحدث معه فلم أجد !!، ربما كان لهذا الهدوء المطبق على الحي أسباب أخرى، بيد أن انشغال الكثير من أهالي هذا الحي في أعمالهم لأوقات متأخرة يشكل أحد الأسباب الرئيسة لهذا الهدوء الصامت، المهم أنه وبعد جهد جهيد التقيت بالمواطن إبراهيم البخيت 72 سنة وسألته عن العادات الاجتماعية بين أهالي هذا الحي الذي يسكنه، فتحدث البخيت وقال مُرحباً :» أسكن في هذا الحي من حوالي 15 عاما، ويغلب على الحي الهدوء في الكثير من الأوقات، فغالبية الأهالي هنا منهمكون في أعمالهم إلى أوقات متأخرة من النهار، وبالتالي فليس هناك تواصل اجتماعي بين الأهالي إلا القليل جدا، ويكون ذلك في أيام الأعياد وبعض أيام شهر رمضان الكريم من خلال مكتبة الجامع الذي يؤدي فيه الأهالي فرائضهم، وأغلب هذه الاجتماعات تكون مقتصرة على كبار السن في هذا الحي، والذين لا يرتبطون بعمل لتقاعد الكثير منهم عن العمل، أما الشباب والأطفال فقد يكونون مختفين في هذا الحي، وهذا باعتقادي بسبب عدم وجود مركز اجتماعي أو ترفيهي يجمعهم، أما بالنسبة للنساء فقد يكن أكثر نشاطاً منا نحن الرجال، ففي الغالب تكون هناك اجتماعات فيما بينهن وخاصة في أيام نهاية الأسبوع، فتكثر الزيارات بينهن .. ويعم جوهن من الألفة والمحبة والترابط الأسري المحبب الكثير، ويعتمد الكثير هنا على الخدم في إعداد الطعام .. حي كورنيش الخبر من الأحياء الراقية، ونعيش هنا بكل هدوء، والعلاقات الاجتماعية هنا قليلة ونادرة .. إلا في أوقات معينة من السنة، والشباب هنا يلتقون مع بعضهم خارج الحي، وغالبا ما تكون في بعض المقاهي المنتشرة على الكورنيش وعلى السائقين الأجانب في قضاء حوائجهم اليومية، نحن هنا نعيش في أجواء هادئة، وهذا محبب للكثير من الذين يسكنون هنا، فهم بطبيعتهم هادئون، وهذا ما جعلهم يسكنون هذا الحي، الحياة الاجتماعية ضعيفة نسبياً عما يعيشه أهالي الأحياء الشعبية القديمة، ولكن هذا لا يمنع أهالي هذا الحي من انتهاز الفرص للالتقاء ببعضهم ولو من خلال مسجد الحي»، وفي رأي غير مخالف لرأي سابقه تحدث الشاب خالد عبدالعزيز عن النمط المعيشي في هذا الحي فقال :» حي كورنيش الخبر من الأحياء الراقية، ونعيش هنا بكل هدوء، والعلاقات الاجتماعية هنا قليلة ونادرة .. إلا في أوقات معينة من السنة، والشباب هنا يلتقون مع بعضهم خارج الحي، وغالبا ما تكون في بعض المقاهي المنتشرة على الكورنيش، صحيح أن هناك اختلافا بين هذا الحي عن الأحياء الشعبية من حيث تعدد الزيارات واللقاءات بين أهاليه، ولكن هذا لا يمنع أن يكون هذا الحي متميزا بعدم وجود المشاكل والمضايقات، فضلاً على الاحترام والتقدير المتبادل بين أهاليه عند التقائهم ببعضهم، والشباب هنا يتواصلون مع أقربائهم وأصدقائهم في الأحياء السابقة التي كانوا يسكنون فيها، ويقيمون الدوريات والاجتماعات الأسبوعية في كل وقت، ونقوم بمزاولة الرياضة المناسبة لنا على شاطئ الكورنيش القريب لنا، الكل هنا ينعم بالراحة والطمأنينة ولا يعكر صفو الحياة الهادئة أي شيء يذكر، الطمأنينة والشعور بالهدوء وعدم الإزعاج وقلة المشاكل تجعلنا نتمسك بهذا الحي الراقي ولا ننتقل إلى مكان آخر ( !! ) «