الحمد لله أن وهب بلاد الحرمين الشريفين خيرات كثيرة وهو سبحانه الذي يسر التكاتف بين الشعب السعودي الكريم وقيادته المباركة، مما ساعد على تحقيق تنمية وطنية كبيرة ومتدرجة خلال العقود الخمسة الماضية، حيث غطى التطور جميع مناطق المملكة العربية السعودية وشمل العديد من القطاعات سواء الصناعية او العمرانية او الاقتصادية او غيرها، ولكن يبقى أهمها الجانبان الاجتماعي والثقافي. إن المُشاهد للتنمية في بلادنا العزيزة يحس بالتقدم الطيب في العديد من القطاعات، ولكن يتجلى بوضوح تخلف التطور في الجانبين الاجتماعي والثقافي لبعض المواطنين السعوديين رغم ما يعيشونه ويشاهدونه من نهضة عمرانية واقتصادية كبيرة، لذلك ترى تباينا واضحا في تصرفات بعض المواطنين بين مستوى المعيشة وما توفره الدولة من خدمات وبين ما يصدر منه كتصرفات شخصية.. فهو مثلا طالب جامعي ولكن يقود السيارة بتهور ومخالفات، أو يسكن في فيلا جيدة بحي نظيف ولكن يرمي مخلفات منزله على الرصيف أو يفتح شباك سيارته ويرمي الأوساخ بالشارع، أو ما يحدث من إتلاف للمرافق العامة، وهكذا من الأمور التي تدل بكل وضوح على وجود فجوة في برنامج التنمية الوطنية بين النهضة العمرانية والاقتصادية والتطور الشخصي للمواطن في الجانبين الاجتماعي والثقافي، ولا شك في أن هذا خطير وغير صحيح لأننا سوف نقيم منشآت ونوفر اقتصادا، ولكن لا نوفر تطويرا حقيقيا للمواطن نفسه ليكون هو العنصر الأساسي والأداة الفاعلة في نهضة البلاد، خصوصا أن هذا القصور في الثقافة المجتمعية أصبح يبرز أكثر مع بعض الشباب وهذا أمر خطير جدا لأن القادم ليس أفضل حالا من الموجود حاليا، لذلك يتوجب استدراك مواقع الخلل والبحث عن سبب هذا التباين في الحياة الاجتماعية والأخلاق أو التصرفات الفردية. إن المطلوب حاليا تطبيق «منهجية تغيير حقيقية» تركز على الجانبين الاجتماعي والثقافي للمواطن، ولتبدأ من مرحلة رياض الأطفال إلى مرحلة الجامعة ولتشمل هذه المنهجية كافة جوانب الحياة سواء الدينية أو الأسرية أو الأخلاقية بحيث يكون لدينا جيل من أبناء الوطن (ذكور وأناث) واع ومثقف يساهم بكل حرص في نهضة دولته وحماية مكتسباتها الوطنية.. وإلى الأمام يا بلادي.