من الأسلم الآن أن نفترض أن جميع الشركات تُقِيم أعمالها على برامج الكمبيوتر وسوف تُقِيم أعمالها على السحابة الإلكترونية في نهاية المطاف. هذا يثير تساؤلًا مهمًا: هل نعلم شيئًا عن أداء اللاعبين الكبار في ذلك القطاع السحابي؟ الإجابة هي، «لا»، وهذه قضية ينبغي على المستثمرين إثارتها مع قادة التكنولوجيا. إن تنزيل البرمجيات، خاصة النظم المتخصصة الموجَّهة للأعمال والشركات، على أجهزة الحاسوب المحلية أمر عفى عليه الزمن، مثلما أصبحت الحال مع تنزيل محتوى الوسائط الإعلامية والإنتاج الفني. تبيع الشركات بشكل كبير التطبيقات والمحتوى على شكل خدمات سحابية، بفرض رسوم مقابل الاشتراك. ويعتبر بعض أحدث الداخلين إلى السوق- مثل (سيلز فورس دوت كوم أو نيتفليكس) - شركات قائمة أصلا على السحابة، وتعتبر نماذجهم التجارية قابلة للتطبيق لسنوات قادمة. أما شركات التكنولوجيا الأقدم عمرا فيتعيَّن عليها الانتقال إلى طريقة جديدة في تنفيذ أعمالها، وهذا لن يكون أمرا سهلا أبدا. في عام 2013، قرَّرت شركة أنظمة أدوبي، الشركة التي تنتج برمجيات الفوتوشوب وغيرها من برمجيات معالجة الصور الصناعية القياسية، وقف بيع منتجاتها في صناديق واستبدلت ذلك بنموذج قائم على الاشتراك. الآن، بإمكان مصمم الجرافيك أو منتج الفيديو استخدام تطبيقات الشركة (كرياتيف سويت) عن طريق الدفع مقابل إمكانية الوصول لما تسميه أدوبي السحابة الإبداعية. تسبب هذا القرار التاريخي بالغ الأهمية في إحداث انخفاض نسبته 8 بالمائة في إيرادات شركة أدوبي في العام 2013، وفي عام 2015 فقط تمكنت الشركة أخيرا من تحقيق مبيعات أعلى مما حققته في العام 2012. كانت خطوة محفوفة بالمخاطر، لكنها منحت الشركة نموذجا مستداما لأعمالها التجارية. أما الشركات الأخرى، مثل أوراكل وساب، التي تورد الحلول للشركات، فقد اختارت التحرك بشكل تدريجي. وقد مثلت الإيرادات المتصلة بالسحابة ما نسبته 8.2 بالمائة فقط من إجمالي إيرادات أوراكل وما نسبته 14.3 بالمائة من إجمالي إيرادات ساب بحسب أحدث تقارير الشركات الفصلية. ويعد هذا بمثابة قنبلة زمنية موقوتة ببطء. أظهرت معظم شركات التكنولوجيا نموا مثيرا للإعجاب في القطاعات التي تشمل الأعمال السحابية. فقد نشرت كل من أوراكل وساب، على سبيل المثال، أسرع وتيرة نمو في الوقت الذي كانتا فيه تناضلان من أجل تحديث نماذج أعمالهما التجارية، على الرغم من أنهما من الوافدين الجدد نسبيا إلى قطاع الأعمال السحابية، التي لا تزال تمثل جزءا صغيرا من أعمالهما. رغم ذلك، تكمن المشكلة في تلك الأرقام في أنه من المستحيل مقارنتها بطريقة ذات مغزى. من الواضح جدًا أن إيرادات نيتفليكس تأتي من اشتراكات أفلام الفيديو، وإيرادات سيلزفورس دوت كوم تأتي من رسوم استخدام برامجها الإدارية المستندة لشركات سحابية ولها علاقة بالعملاء. في بيانات الأرباح الخاصة بهما، تبين أوراكل وساب أيضا وبشكل واضح جدا أين تنتهي أعمالها المستندة إلى السحابة وأين تبدأ المبيعات ذات الطراز القديم. مع ذلك، الشركات الأخرى ليست شفافة. تعطي آمازون إيرادات بيانات فرعية عن إيرادات قسم «خدمات آمازون عبر الويب»، الشركة التي تقدم قدرة سحابية للشركات. لكن آمازون، عملاق التجارة الإلكترونية، على أية حال، يقدم خدمات سحابية أخرى: فالشركة تتنافس مع نيتفليكس في نشر الفيديو، كما تقوم بتخزين مكتبات الكتب الإلكترونية للعملاء في وحدة سحابية. ولا يتم بيان تفاصيل تلك التدفقات من الإيرادات، كما أنها أيضا لا تشكل جزءا من خدمات الويب لآمازون. في المقابل، تقوم شركة «آي بي إم» يتجميع العديد من الشركات المختلفة في قطاع واحد خاص بها هو (المنصات السحابية والخدمات التكنولوجية) - حتى أنها تشمل بعض مبيعات الأجهزة - بحيث إن إيرادات الربع الأخير البالغة 7.4 مليار دولار تجعلها تدعي لنفسها أنها صاحبة القيادة في القطاع السحابي، رغم أن خبراء الصناعة يقولون إن هذا غير دقيق. يُعدُّ قطاع «الخدمات» في شركة أبل عملًا تجاريًّا سحابيًّا في معظمه - حيث إنه يشمل نشر وسائط صوتية وفيديو - لكنه أيضًا مسؤول عن تحميلات الموسيقى، وهي أعمال تجارية قديمة لن تدوم طويلا في هذا العالم ولا تُعطى بشأنها تفاصيل. الإبلاغ المالي لدى جوجل معتم جدًّا بحيث يستحيل معه تحديد كمية المال الذي تحققه الشركة من خلال الخدمات السحابية. لكن جوجل معروفة بأنها منافس قوي لكل من آمازون ومايكروسوفت في توفير القدرة السحابية لشركات أخرى، مثلما هي معروفة أيضا في نشر المحتوى والتطبيقات المكتبية المستندة للسحابة. كانت هنالك دعوات للمزيد من الشفافية في الإبلاغ عن الأعمال التجارية السحابية. في مارس، على سبيل المثال، كتب أوم مالك، كاتب تكنولوجي مخضرم ويعمل الآن في مجال رأس المال المغامر، رسالة مفتوحة إلى قادة الأعمال التجارية السحابية يطلب فيها منهم اعتماد بعض المقاييس المشتركة. ويرغب مالك في رؤية بعض المعايير التقنية مثل التخزين الإجمالي والقدرة الحاسوبية، بالإضافة إلى المزيد من الوضوح على الجانب التجاري: الهوامش الإجمالية المتعلقة بالأعمال السحابية والإيرادات التي تجنيها الشركات بحسب كل زبون. مع ذلك، يبدو أن مالك أكثر اهتمامًا في القطاع السحابي العام - أن تأجير القدرة السحابية للآخرين. أود أن أجادل أنه على الرغم من أن سباق آمازون - مايكروسوفت في هذا المجال هو سباق مثير، إلا أن الحاجة إلى توحيد الإبلاغ عن الشركات السحابية يتجاوز وصفها فقط. هنالك الكثير من الطرق التي يمكن للشركات الاختيار منها من أجل تطوير نفسها في هذا المجال. ربما لن ترغب أبدا في عرض قدراتها السحابية على الآخرين. حيث إنها تقوم ببنائها لإدارة تطبيقاتها فقط، أو حتى استئجارها من مزودين آخرين الذين يقدمون الخدمات للجمهور، كلاهما نماذج مشروعة. الشيء المهم هو التحوُّل وبسرعة لأي من نماذج التشغيل المذكورة بعيدا عن النموذج التقليدي المتمثل في بيع الأشياء في صناديق أو على شكل تنزيلات من الويب: إن البقاء في ذلك القطاع التجاري لفترة أطول بكثير يجعل ة بالتفصيل. ذلك أن المنافسة شرسة، واللاعبون لا يرغبون في تقديم الكثير من المعلومات المحددة. من وجهة نظر اسالشركة عُرضة للمنافسين، بما في ذلك الشركات الناشئة السحابية أصلا. ربما يكون من غير الواقعي أن نطلب من كل شركة الإبلاغ عن نشاطاتها السحابية بالتفصيل. ذلك أن المنافسة شرسة، واللاعبون لا يرغبون في تقديم الكثير من المعلومات المحددة. من وجهة نظر استثمارية، يكفي معرفة مدى تطور الإيرادات والأرباح التي تحققها الشركة من الأعمال السحابية. إن الإبلاغ عن البيانات في القطاع هو أمر مهم في هذا المجال لأنه يبين للمساهمين كيفية تطور نموذج أعمال الشركة. أهمية السحابة إلى شركات التكنولوجيا تتزايد باستمرار، وقد آن الأوان لهذه الشركات لكي تبدأ الحديث عن هذا القسم من الأعمال إلى المساهمين بصورة أكثر وضوحا.