تتطلع الحكومات في أنحاء العالم إلى الحوسبة السحابية كوسيلة لزيادة الفاعلية وتقليل التكلفة. والحوسبة السحابية بمفهومها العام تعني أن يعهد إلى جهة افتراضية virtual على الإنترنت بتقديم خدمات التطبيقات البرمجية وكذا الخدمات الحوسبية والبنية التحتية الحاسوبية بحيث تكون حسب الطلب أي في الوقت المطلوب وبالحجم المطلوب، وهي ليست تكنولوجيا جديدة وإنما هي طريقة جديدة لاستخدام الخدمات الحوسبية. وقد ظهر مفهوم الحوسبة السحابية كنتيجة لظهور عدة تقنيات متقدمة وهي: الشبكات ذات السرعات الهائلة والاعتمادية العالية، البنى التحتية الضخمة ذات الطابع العالمي التي أوجدتها شركات عالمية مثل جوجل وأمازون،القدرات الافتراضية، الحواسيب ذات القدرات العالية والقادرة على التزويد بالخدمات، البرمجيات ذات المصدر المفتوح مثل لينوكس وأباتشي التي خفضت من تكلفة البرمجيات، تبني تقنيات ومعايير ويب 2 التي جعلت تطوير البرمجيات السحابية أكثر يسرا، وهذا النموذج الجديد القديم يتم تطبيقه بصورة ما في الوقت الحاضر، حيث تعتمد المؤسسات في كثير من الخدمات الحاسوبية على أنظمة مملوكة للآخرين، فحوالى 34 % من الشركات والمؤسسات الحكومية في السعودية تطبق «الحوسبة السحابية»، كما أن الحكومة والقطاعات المالية هما من أكبر مستخدمي النظم الافتراضية بالمملكة. وبالرغم من ذلك فإن طرحه في ثوبه الجديد إنما يعني التوسع في تطبيق ذلك. وقد بدأت العديد من الحكومات بوضع استراتيجية للانتقال إلى الحوسبة السحابية. وتتنوع الخدمة السحابية على شكل 3 أنواع: البرمجيات كخدمة Software as a service (SaaS) : وفيها يتم استئجار التطبيقات البرمجية من أحد مزودي خدمة البرمجيات وذلك بدلا من شرائها وتنصيبها وتشغيلها. مثالا لذلك خدمة البريد الإلكتروني Gmail. المنصات البرمجية كخدمة Platform as a Service (PaaS) : وفيها يتم التعامل مع المنصات البرمجية كسحابة يستخدمها الكثيرون، وكل منهم يضع تطبيقاته عليها، ومثالا لذلك Salesforce.com وهو منصة برمجية لإدارة العملاء CRM، فبدلا من شراء نظام خاص بالشركة لإدارة عملائها فإنه يتم استخدام تلك المنصة العامة لذلك. البنية التحتية كخدمة Infrastructure as a Service (IaaS) : وفيها يقدم مزود الخدمة قدرات حوسبية ومساحات لتخزين البيانات. ومثالا لذلك Rackspace حيث يتم تقديم خدمات الاستضافة والدعم الفني. ويقدم نموذج الحوسبة السحابية فوائد عديدة للأعمال الحكومية نجملها فيما يلي: القابلية للتوسع السريع scalability: أو التوسع حسب الطلب. الفاعلية: حيث أن إلقاء عبء إدارة البنية الحاسوبية على طرف ثالث يتيح للإدارات الحكومية التفرغ لمهامها الرئيسة. خفض نفقات التشغيل: حيث تكون الخدمات والبرمجيات متاحة عند الطلب وحجمها يكون حسب الطلب دون متطلبات مالية عالية لشراء برمجيات أو عتاد حاسوبي. المرونة: حيث يتم توفير وقت التنصيب والتشغيل والتدريب الذي كان مطلوبا عند شراء النظم الجديدة، هذا فضلا عن أن الحوسبة السحابية تتيح أحدث التقنيات حيث يتم ترقية العتاد والبرمجيات دوريا. الاعتمادية: حيث أن احتمال تعطل النظم السحابية غير وارد نظرا لطبيعة عملها التي تبنى على إمكانيات شبكية ضخمة تتضمن العديد من أدوات المراقبة والتشغيل الآلي، والقدرات الحوسبية الاحتياطية. وتقوم الاستراتيجية، أو خارطة الطريق، التي ينبغي اتباعها لبناء الحكومة السحابية على عدة محاور نجملها فيما يلي: إنشاء جهة مركزية تقوم بوضع استراتيجية بناء الحكومة الإلكترونية السحابية. مرحلة الإعداد حيث يتم وضع السياسات والمبادىء وقواعد التعاقد مع الشركات المنفذة. يلي ذلك دراسة البنية التحتية الحوسبية لمشروع الحكومة الإلكترونية الحالي وذلك لتحديد إن كان من الممكن أن تشارك عدة إدارات معا بحيث يضمهم جميعا بنية تحتية افتراضية واحدة، أي بحيث لا يكون لكل إدارة حكومية خادم خاص بتطبيقاتها وبياناتها، وإنما يكون هناك مركز بيانات data center لهذه الإدارات معا. كما تهتم هذه الدراسة بمعرفة أي الخدمات التي تم تخصيصها ولم تنفذ بعد يمكن للسحابة الحاسوبية أن تقوم بها، سواء كانت سحابة عامة أو خاصة. كما يتم دراسة إنشاء البنية التحتية السحابية للحكومة الإلكترونية. يلي ذلك اختيار النموذج الذي يتم استخدامه من نماذج الحوسبة السحابية. فهناك السحابة العامة public cloud. وهناك السحابة الخاصة أو الداخلية private cloud أو السحابة الحكومية وهي التي تعتمد على البرمجيات والعتاد الخاص بالإدارة الحكومية نفسها، أو بكل الإدارات الحكومية إذا كان يجمعها سحابة واحدة، ويمكن أن يتم إدارتها بواسطة الإدارة الحكومية نفسها أو بواسطة طرف ثالث. وهناك سحابة المجموعات المحدودة community cloud والتي تشارك فيها عدة إدارات حكومية لها نفس التوجهات من حيث السياسة ومتطلبات التأمين والمهام المنوطة بها. وأخيرا هناك السحابة المختلطة hybrid التي تجمع بين نموذج الحوسبة السحابية وبين نموذج حوسبي آخر، قد يكون نظام حوسبة تقليدي أو سحابة حاسوبية أخرى أو غير ذلك. أن يتم اتباع نهج يقوم على عدة مراحل: قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، وذلك بناء على مدى استعداد الإدارات الحكومية لهذا التغير، مع الأخذ في الاعتبار أن السحابة الحاسوبية العامة public لا زالت قيد التطور. يلي ذلك أن تقوم الإدارات الحكومية ببحث الفرص السحابية المتاحة، فلعل أحد التطبيقات التي تم تطويرها بالفعل في إحدى الإدارات يكون قابلا للاستخدام بواسطة إدارات أخرى فنقوم بوضعه كما هو أو بعد تعديله في السحابة الحاسوبية. كما ينبغي تنفيذ المشروعات السحابية بأسلوب يضع إدارة المخاطر في الأولوية الأولى. ويجب اختيار نموذج الحوسبة السحابية المناسب اعتمادا على مدى حساسية التطبيقات والبيانات التي نقوم بدراسة تحويلها إلى سحابة حوسبية. ويجب أن يؤخذ في الاعتبار أمور عديدة، مثل الفائدة التي تعود على الإدارة من جراء ذلك، ومتطلبات أمن المعلومات، ومقارنة تكلفة نموذج الحوسبة السحابية مع التكلفة الحالية، وكذا متطلبات الصيانة والدعم. كما يجب التنبه إلى أن إدارة عملية الانتقال من نظم قديمة وما يصاحب ذلك من نقل للبيانات المتاحة يمكن أن يكون سببا في بطء الانتقال إلى نموذج الحوسبة السحابية «حسب الطلب». تقوم الإدارات الحكومية بتحديد الأعباء المالية للتحولات السحابية بحيث يتم معرفة الميزانية الكلية لهذا التوجه. ينبغي على الإدارات الحكومية أن تحصل على استشارات من جهات ذات خبرة بالحوسبة السحابية بحيث لا يتم التحول إلى حلول الحوسبة السحابية إلا مع ضمان الحصول على عائد محسوس من هذا التحول. إن تحويل الحكومة الإلكترونية إلى حكومة إلكترونية سحابية هو مهمة تحتاج إلى تغير في الرؤية، وإلى فكر يعتمد على مفاهيم إعادة هندسة reengineering التطبيقات أكثر من اعتماده على بناء تطبيقات جديدة أو استئجار خدمات برمجية. * استاذ المعلومات جامعة الملك سعود عضو مجلس الشورى