(1) في منتصف الألفية، وبدون أي ضجيج يذكر، تم تغيير مسمى شارع الاتفاق إلى اسم آخر، وذلك بعد أن أطلق عليه كمكافأة لناد قدم صولات وجولات وأحرز بطولات داخلية وخارجية، ردحا من الزمان. بهذه الخطوة التي طويت فيها صفحة من ذاكرة مدينة الدمام، تساءل بعض الاتفاقيين: هل إزالة اسم الاتفاق من ملامح المدينة تنبئ بزوال فاعلية هذا الكيان من الوجدان كرمز وبطل؟ هذا التساؤل وجد طريقه للتأكيد، بخاصة بعد أن شهدت تلك الحقبة مصارعة الاتفاق على الهبوط ونجاته في مباراة مصيرية مع نادي الرياض. والداعي لاستحضار هذه القصة بعد عودة الاتفاق إلى مكانه الطبيعي بدوري المحترفين، مؤخرا، الإشارة لأمرين، الأول: أن الاتفاق جزء من صنع الذاكرة التاريخية لمدينة الدمام تحديدا، بسبب جهود وانجازات لا تنسى. الثاني: بيان وجود هوة ذات طابع رمزي، جعلت من مكانة وقيمة الاتفاق تهون عند بعض محبيه، فهان على الآخرين. لذا نعلق الجرس منذ الآن: متى سيهبط الاتفاق مجددا إلى الدرجة الأولى؟. (2) يجيب عن هذا السؤال الرمز الاتفاقي د. هلال الطويرقي في تصريح تلفزيوني، إذ ذكر في غير موضع أن الجمهور فوق الجميع، من لاعبين ومجلس إدارة وأعضاء الشرف، واصفا إياهم بأنهم درع الكيان. هذا التوصيف عندما يصدر بشخص بحجم الطويرقي هو توضيح من هو الاتفاق، فهو لم يكن يوما ملكا لشخص ولن يكون أيضا ملكا لأشخاص، فهو ملك للناس، فهم من يرفعون قيمة الكيان والعاملين فيه، وليس شيئا آخر. ويواصل الإجابة عبر التأكيد أن طموح الاتفاق بعد عودته يجب أن تكون المنافسة على المراكز الخمسة الأولى، في إشارة إلى أن الفريق لن يعود هزيلا تنهشه الفرق الأخرى وهو يكتفي بالفرجة طمعا في كسب مقعد بالصفوف ما قبل الأخيرة. إن هذا النفس الذي يطرحه الطويرقي على الهواء مباشرة للجمهور الاتفاقي أولا، وللعاملين في تسيير شؤون النادي ممن حضروا المقابلة ثانيا، هو النفس المطلوب تعزيزه وتثبيته في عقول الاتفاقيين، بأن فريقهم كبير والكبار طموحهم يجب أن يكون كبيرا مثلهم. إن أي طرح آخر لا يجب أن يقبل به، وعلى الجمهور الاتفاقي أن يكونوا كما قال الطويرقي درعا للكيان في رفض نشر أي حالة انهزامية سلبية، فرغم ما هو معروف من شدة المنافسة في دوري المحترفين، إلا أن المنافسة أمر، والعمل للتشبث بالمكانة والطموح العالي أمر آخر لا نقاش فيه. (3) لا يوجد متابع إلا ويدرك أن العودة بعد موسمي الهبوط كانت طيا لصفحة سوداء من تاريخ فارس الدهناء، وهي الصفحة التي لا يجب ألا تتكرر مستقبلا. وان الحاجة كانت ماسة سابقا للتغيير الإداري تحديدا بصفته مطلبا جماهيرا، لذا كانت الانتخابات الاتفاقية حدث ضخم، ورغم التحفظ على ما وقع من طرفي الانتخابات من تجاوزات في حينه، إلا أن البوصلة كانت تشير إلى أن التغيير ضروري ويجب أن تفتح صفحة جديدة يكتب سطورها طاقات اتفاقية أخرى تخدم هذا الكيان. إن مجلس الإدارة الحالي اجتهد ووضع الخطط من أجل تحسين مكانة النادي، وكانت باكورة أعماله عودة الفريق لدوري المحترفين، ولمثل هذا تم اختيارهم من قبل أعضاء الجمعية العمومية لتمثيلهم في مجلس الإدارة. ولكن وسط نشوة العودة يجب أن يكون الجمهور الاتفاقي متيقظا ومدركا لدوره الفعلي، فهو من يجب أن يقف درعا حقيقيا مع الإدارة واللاعبين في دعمهم من جهة، وأيضا درعا في تقويمهم من جهة أخرى. والداعي لهذا التنبيه تفشي تكرار سيناريو تقديس الشخوص من قبل مجموعة من الجماهير، والتي تحولت من درع الأصل فيه الذود عن الاتفاق ككيان، إلى محامين لأشخاص بعينهم. وما أشبه الليلة بالبارحة، فكما لو أن كان الحل بالنسبة للاتفاق هو الانتقال من الانحياز المطلق والدفاع عن أفراد بدلا من أفراد آخرين، وكل ذلك على حساب الكيان. لذا سنرفض هكذا غيبوبة.. فبمثل هذا الوضع هبط الاتفاق في حين غفلة من محبيه!.