أعرب مجموعة من المثقفين السعوديين عن سعادتهم الغامرة وتفاؤلهم الكبير؛ إثر القرار الملكي الصادر أمس الأول السبت المتضمن إنشاء هيئة عامة للثقافة والذي أتى ضمن حزمة قرارات هيكلية لعدد من الوزارات والأجهزة الحكومية أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله -. توحيد المشهد الثقافي في البداية قدم الفنان التشكيلي عبدالعظيم الضامن مباركته للمملكة العربية السعودية جراء اتخاذ هذه الخطوة (الجميلة جدًا)، معبرًا عن أمله بأن تكون الهيئة مصدر اهتمام كبيرا بالمشهد الثقافي، وأن تسعى لتوحيد الجهود المترامية بين الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون والجمعيات التشكيلية والمسرحية وغيرها لتكون تحت مظلة واحدة. وأبدى الضامن أمله بالاهتمام بمنح الأديب والفنان (صاحب المشروع) تفرغًا لتحريك المشهد الثقافي بشكل كبير جدا، قائلًا: إن التفرغ الأدبي موجود عند معظم دول العالم التي تهتم بتحفيز المبدعين والنشيطين لتقديم كل ما يخدم الساحة الثقافية والفنية والأدبية في مجتمعاتهم. وطن واعد وذكر الدكتورأحمد العدواني أن الأمر الملكي بإنشاء هيئة للثقافة يعكس جزءا من الرؤية التي أُعلن عنها قبل أيام نحو وطن واعد.. شاب وطموح (2030)، خصوصا أن تغيير الأهداف يقتضي بالضرورة تغيير الأساليب المفضية إليها. وقال: «أدركت قيادة الملك المثقف، والمؤرخ البصير، سلمان الحزم والعزم، الذي يعي تماماً حركة التاريخ، ومتطلبات المرحلة، أهمية الثقافة بوصفها وعاءً معرفياً، يرسخ القناعات ويغير السلوك، بما يساهم في صناعة الإنسان، ويعزز الانتماء والوحدة الوطنية؛ فكان التوجيه بإنشاء هيئة تعنى بالثقافة». وأضاف العدواني: «ففي ظل الانفجار المعرفي، وتعدد وسائل الإعلام، بين تقليدي وجديد، لم يعد للاجتهادات الشخصية والعمل الثقافي المفرّق بين جهات عدة تتنازع الاشتغال به، ملامح واضحة أو أثر ملموس، لذلك جاء الأمر بإنشاء هيئة للثقافة تتولى رسم السياسات الثقافية، وصياغة الخطط الاستراتيجية للعمل الثقافي بما يتناسب مع الرؤية الوطنية الطموحة». وتابع: «لا شك أن هذا التوجه نابع من الرغبة في ضخ دماء جديدة في الوسط الثقافي، الذي يقع الأدب والأدباء منه واسطة العقد، كما يعكس بشكل أو بآخر استنفاد المؤسسات الثقافية التقليدية في المشهد السعودي طاقتها، وقصورها عن التكيف مع متغيرات المرحلة، التي أصبح الوطن معها شاباً فتياً طامحاً». وختم العدواني حديثه مؤكد أن هيئة الثقافة ستعنى بصياغة المشاريع الثقافية التي تروم الوصول إلى كافة شرائح المجتمع، وبشكل خاص شريحة الشباب، وذلك بنشر المراكز الثقافية على نطاق أوسع، واحتواء المبدعين منهم ودعمهم في كافة الفنون، والعناية خصوصاً بالمسرح والسينما، وغيرها من الفنون التي ظلت هامشاً في وسطنا الثقافي. فضلاً عن نشر الكتاب، سواء الورقي منه أو الإلكتروني، وترسيخ القراءة لتصبح ممارسة يومية، عسى أن يتحول مجتمعنا من مستهلك مادي إلى منتج معرفي، وفق ما نطمح إليه في الرؤية الوطنية الجديدة (2030). نقلة نوعية وثمّن المخرج علي آل قريش القرارات الحكيمة والأوامر الملكية الصادرة من المقام السامي الكريم مشيرًا إلى كونها نقلة نوعية في تحديث أجهزة الدولة وتطوير أدائها للسير بخطى ثابتة وحكيمة، ومنوهًا إلى أن قرار إنشاء الهيئة من شأنه أن يساهم في رفع المستوى الثقافي وتوجيه الوعي القومي للجمهور والمجتمع ورقيه. وأشار إلى الدور الكبير الذي سيكون للدولة بعد هذا القرار والذي سيمكنها من التعريف بالثقافة السعودية والمثقفين السعوديين، حيث سينطلق منها الحراك الثقافي داخليًا وخارجيًا، وبالإمكان حينئذ السعي نحو استخدام الثقافة كقوة ناعمة تعكس الصورة التاريخية للمملكة والثقافة السعودية. ومن جانبه أعرب الفنان المسرحي محمد آل اسماعيل عن أمله بأن تكون للهيئة الجديدة صلاحيات أكبر مما قامت به جمعية الثقافة والفنون لتقوم بدعم أعمال الفنانين وتطلعاتهم. حلم تحقق أكد الدكتور يوسف العارف تفاؤله بزيادة الإنتاج الثقافي في الفترة القادمة بعد أن تحقق الحلم الذي طال انتظاره، والذي كان يسبق تشكيل وزارة الثقافة والإعلام بمدة طويلة، وذلك من خلال القرار الصادر بتشكيل هيئة للثقافة مستقلة بنفسها ومن شأنها الاستقلال بالمثقفين وأهل الفكر. منظومة ورؤية من جهته اعتبر القاص جمعان الكرت أن القرارات في مجملها من أجل مصلحة الوطن والمواطن، حيث لم تغب الثقافة عن صميم اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله والذي وضعها في صميم اهتماماته، باعتباره حفظه الله واحدا من أبرز المثقفين حيث يمتلك مخزونا واسعا معرفيا وثقافيا خصوصا في التاريخ. وأشار الكرت إلى أن صدور هذا المرسوم الملكي بتأسيس هيئة للثقافة يزيد من مساحة التفاؤل لإعطاء الثقافة حقها من الدعم والتحفيز كي تمارس أعمالها وفق منظومة دقيقة وإجراءات سليمة ورؤية بعيدة، وهذا يجعل كل المثقفين يبتهجون بمثل هذا القرار ليبوحوا بمشاعرهم الفياضة، مقدمين الشكر والتقدير لولاة الأمر. مظلة ثقافية من جانب آخر، أكد رئيس نادي الباحة الأدبي حسن الزهراني أن هذا الاهتمام الدائم من القيادة الرشيدة بالثقافة هو محل اعتزاز وتقدير جميع المواطنين والمثقفين، والذين يأملون بأن تكون الهيئة مظلة لحراك ثقافي شامل ومتجدد يواكب الرؤية الواعية التي فتحت لنا آفاق الآمال وجعلتنا نعتز بوطننا أكثر وننظر بكل شوق إلى 2030 لنقف مع هذه الرؤية بكل إخلاص وثقة. وأضاف: «كما نتعشم خيرا أن تهتم الهيئة بإنشاء اتحاد يلم شتات الأدباء إضافة لصندوق يدعم المبدعين ويعين من كان في حاجة إلى العون، وكلنا أمل أن تواكب وزارتنا هذا الاهتمام من القيادة فتهتم بالمثقفين والمؤسسات الثقافية التي كانت خارج اهتماماتهم». استقلال الثقافة بدوره، تساءل الشاعر والكاتب شتيوي الغيشي عن ملامح الهيئة وقال: «في الحقيقة ما زال إصدار هيئة للثقافة غير واضح المعالم، خاصة في وجود وزارة الثقافة وتولي الوزير نفسه إدارة الهيئة، فهل ستكون بديلة عن الوزارة أم ستكون رافدا لها؟». وأضاف: «حتى الآن لم تتضح الأمور؛ لكن الأكيد أن هناك استشعارا من قبل الدولة بضرورة تفعيل الجانب الثقافي في المجتمع، وإلا ما كان هناك ضرورة لإنشاء هيئة تعنى بالثقافة، لكن الإشكالية تظهر في مدى توافقها مع وزارة الثقافة أو استقلاليتها عنها، وفي كلا الأمرين فإن مشكلة الثقافة في السعودية هي في جانبها المؤسساتي البيروقراطي الذي يتعامل مع الثقافة بوصفها وظيفة من الوظائف الحكومية والتي لابد أن تكون سائرة وفق ما يملى عليها من تعليمات، وعلى ذلك فإن وجود هيئة للثقافة بذات العقلية السابقة لن يفيد إلا في تكريس تبعية الثقافة وعدم استقلاليتها». صناعة الثقافة وأشار القاص عبدالجليل الحافظ إلى أن هيئة الثقافة هي أحد مطامح المثقفين في المملكة التي ستغير مسيرة الحراك الثقافي إلى الأفضل بجعلها تسير وفق خطط عليا. وقال: «عرف عن مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله اعتناؤه الشديد بشباب الوطن، ونرجو من الله أن تكون الهيئة أداة في صناعة ثقافة أبنائنا وشبابنا في ما يخدم دين الله والوطن، كما نرجو أن تكون الهيئة متعددة الأفرع لتشمل جميع محافظات ومناطق البلاد، وأن تساهم في تنظيم المؤسسات الثقافية في الوطن تحت لواء هذه الهيئة وذلك لكي يكون هناك تنسيق وتعاون متكامل فيما بينها وأن تكون هناك ميزانية كافية لكل مؤسسة في الوطن لأجل دعم أكمل وأفضل لشباب الوطن، ونأمل أن تكون الهيئة داعمة للكتاب السعودي من خلال التكفل بطباعته ونشره من خلالها مباشرة أو من ناحية دعم أكبر للأندية الأدبية وجمعيات الثقافة في تخصيص جزء كبير من الدعم المالي في هذا الجانب.