نحن أمام طوفان عظيم يجتاح كل العالم ولا يمكن السيطرة عليه، إنه طوفان الشبكات الاجتماعية الذي لا يمكن التحكم فيه أو تنظيمه أو توجيهه. وجه التحدي يظهر في أن العلماء والفلاسفة منذ آلاف السنين درسوا علم الاجتماع البشري الواقعي، وثمة آلاف من المؤلفات وآلاف من السنين من التجارب وسن القوانين والتشريعات والأنظمة والدساتير لتنظيم المجتمعات البشرية. فجأة ظهر خلال سنوات معدودة المجتمع الافتراضي الذي اكتسح البشرية ولا يعرف إلى اين مداه ومنتهاه. في المجتمع الافتراضي مجموعة من الأفراد يتفاعلون مع بعضهم البعض عبر الشبكة الاجتماعية، عدد الأفراد قد يشمل شخصين أو مليارين من الاشخاص. سيكولوجية جماهير المجتمع الافتراضي لم تتم دراستها وكيفية قيادتها وتوجيهها، ولم يؤلف ويكتب فيها بشكل كاف. لا يزال المجتمع الافتراضي يخفي الكثير وفي كل يوم يفاجئنا بتحديات ينبغي مواجهتها، أو سعت تلك التحديات إلى زعزعة الاستقرار الأمني للمجتمعات. الأحداث في أي ركن من أركان العالم تؤثر الآن على بقية العالم بسرعة وبشكل حاد، كالأحداث الإرهابية المنشورة عبر الوسائط الشبكية. الجمعات الإرهابية كداعش وغيرها تستغل مقاطع اليوتيوب لنشر الرعب وتقطيع الرؤوس، ويتم تداولها عبر منصات وسائل الإعلام، وكأن تلك الوسائل تقوم بدور الحرب بالوكالة. الكثير من الباحثين يرون ذلك، بينما تنتشر الشبكات الاجتماعية المحمولة بين أيدي الناس، ويتجه العالم بشكل ملحوظ إلى عدم الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي لأن وسائل الإعلام الاجتماعية تسرّع الاضطرابات السياسية مثلما حدث في دول سميت بدول الربيع العربي. الشبكات الاجتماعية لها دور في تأزيم الصراعات الفكرية والنزاعات العصبية، مثلا في الصومال ساهمت في تأزيم الصراعات والانقسام السياسي والفكري والصراع القبلي، لذلك فان الشبكات الاجتماعية قد تثير العدائية والشحن والنعرات والعصبيات بين أفراد المجتمع. ثمة جرائم كثيرة ترتكب في المجتمعات الافتراضية ينبغي مقاضاتها، على سبيل المثال، من الجرائم الالكترونية: جرائم السب والقذف أو تشويه السمعة باستخدام أدوات تحرير الوسائط الإعلامية والنشر. ومن الأمثلة أيضا اختراق الحسابات ونشر ما يمكن أن يضر صاحب الحساب، فأمثلة الجرائم الإلكترونية كثيرة، مثل: تجارة المخدرات الكترونيا، والابتزاز والجرائم المالية...، لكن قد يكون مرتكب الجرائم لا يمكن مقاضاته خاصة إذا جاء من خارج الحدود الوطنية لغياب الرادع القانوني والتنفيذ الدولي. الانتربول أعلنت عن سعيها لإنشاء منظومة دولية مختصة بمكافحة الجرائم الالكترونية، لذا فان الجهود مبذولة لمكافحة الجرائم الالكترونية عالميا. هناك جرائم في حق الأوطان كبث الشائعات المغرضة الكاذبة التي تسيئ للوطن وسمعته وسلطته وتأليب الرأي العام والتحريض العام على الدولة، لذا فان الرقابة الحكومية على الشبكات الاجتماعية قرار منطقي في مصلحة الناس وأمنهم واستقرارهم. من المهم الابلاغ عن الجرائم الالكترونية وايجاد جهة تستقبلها الكترونيا والاهتمام بالبلاغات وإصدار توجيهات وأوامر تنفيذية وتفعيل أحكام القانون للمجتمعات الافتراضية.