عام 1976م تحديدا اشتريت من جامعة الملك فهد للبترول كتابا تحت اسم (ممنوع من التداول)، وقيل انه أحسن كتاب صدر في العالم العربي سنة 1972م، في خلفية الكتاب أشار الناشر أن موشي دايان وزير دفاع إسرائيل - وقتها - ظهر على شاشة التلفزيون البريطاني وسأله المذيع، إن الخطة التي اتبعتها في حرب 1967م، هي الخطة نفسها التي ذكرتها في كتابك ( مذكرات حملة سيناء 1965م) ... ألم تكن تخشى أن العرب، قد يعرفون من كتابك خطتك المستقبلية التي ستتبعها في حرب 1967م، فيستعدون مقدما لمواجهتها؟ ورد موشي دايان قائلا: لا ..لأن العرب لا يقرأون !!! بعد عقود من هذا الحديث ونحن نعيش في هذا الشهر، ذكرى اليوم العالمي للكتاب الذي يصادف 23 أبريل، فان السؤال يظل مطروحاً، ما مدى اهتمام العرب بالقراءة، هل العرب لا يقرأون فعلاً؟ مؤسسة الفكر العربي، تشير في تقرير لها عام 2011م إلى أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنويا، والأوروبي 200 ساعة سنويا، كما يشير التقرير، إلى أن عدد كتب الثقافة العامة التي تُنشر سنويا في العالم العربي، لا يتجاوز ال 5000 عنوان، وفي أمريكا يصدر سنويا حوالي 300 ألف كتاب،علما بأن عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب عربي يبلغ ألفا أو ألفين، وربما يصل أحيانا إلى 5000 كتاب، بينما يتجاوز عدد نسخ الكتاب المطبوع في الغرب أكثر من 50 ألف نسخة. وفي مجال الترجمة، فإن العرب يترجمون سنويا خُمس ما تترجمه اليونان على سبيل المثال، من جانب آخر فان هناك فكرة مطروحة تربط بين الاهتمام بالقراءة، وطبيعة النظام في بلد ما، فالمواطن في المجتمعات الديمقراطية يعتبر نفسه معنيا بالشأن العام، لذا يهتم بالقراءة والاطلاع، لذا كانت معدلات القراءة في الوطن العربي في الفترة التي نشطت فيها الأيدلوجيات السياسية عالية، أما في الوقت الحالي، فقد حولنا ما تبقى في عقولنا من فكر وثقافة وحكمة، إلى أمور أخرى ، ولعل ضعف الاهتمام بالكتاب والثقافة، أدى إلى سهولة اللعب بعقول الشباب، ومن ثم جرها إلى معاقل الإرهاب، فما أسهل غسيل الدماغ لعقل فارغ من أي مستوى من مستويات الثقافة، وهذا هو الغالب على المنتمين لجحافل الإرهاب. محليا هناك شبه اجماع، على أن المملكة في مقدمة الدول العربية في مبيعات الكتب، فهل هذا مؤشر حقيقي على الاهتمام بالكتاب والثقافة؟ قد نكون أكبر سوق للكتاب، ولكننا لسنا أكبر المهتمين بالكتاب، فالاهتمام الواسع بحضور المعارض، من المؤكد انه لم ينعكس على ثقافة المجتمع وأبنائه، وتبقى القضية الأهم أولا بيد المسئولين عن الثقافة والقراءة بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر إقامة البرامج والأنشطة التي تشجع على قراءة الكتاب والاهتمام به، وإتاحة المجال بشكل كبير للمبادرات التي تصب في هذا الاتجاه، وتهيئة الجو لنمو حالة تفاعلية مجتمعية مع الكتاب، وثانيا الأمر مطلوب من المهتمين بالكتاب والثقافة،عبر القيام بمبادرات مختلفة تشجع وتدفع أبناء المجتمع على الاهتمام بالقراءة والكتاب بشكل عام، حتى نصبح مجتمعاً قارئاً، وبالتالي قادرا على المساهمة في ُرقي الوطن وتطوره، عبر الفكر النير والثقافة الحية الإيجابية الفاعلة.