بعض من أشيائه القديمة تصحو على ضفاف الخليج، وبعض من وهجه يطفو على السطح، وبعض من لحنه يشدو على المسامع، هو هكذا بحار يعرف فن العوم، مهما اعترضته الأمواج المتلاطمة هنا وهناك. رحيق عطره الفواح طاف العواصم والمدن، وورده اليافع لم يذبل مهما غدر به الزمن، ومجاديفه مهما اهتزت، بقيت راسخة في بحر الخليج شامخة يعلو محياها شراع الأمل رغم الألم. ما زال القصيدة الأجمل حتى ولو كانت قافيته غير موزونة، أو تأخر اصدار روايته المعهودة، فلم تتراجع أسهمه حتى وهو يغيب عن ركب الكبار، بل إن محطة أولئك الكبار أتعبهم السؤال عن عودته، ربما لأنهم شعروا أنهم بدونه لا تتكمل صورتهم الزاهية. نعم.. ما زال الحرف الذي لا تكتمل الجملة إلا بوجوده، ولا المفردة إلا بحضوره، ولا يكتمل الكتاب إلا بعنوانه. ما زال ذلك الصرح الذي بناه الأفذاذ، ممن أعطوا أكثر مما أخذوا، فلا غرابة أن يكون التاريخ الذي يتفق عليه الجميع. هو البستان المتنوع في ورده وزهره، ففيه عنفوان المجد المحلي، وذكرى ضفاف الخليج، والسباحة في بحر العرب، وفيه المشاتل التي رسمت طريق الفرح للوطن بأكمله. هو المطار الأول الذي أقلعت من مدرجه تباشير الطيران الخارجي، والميناء الأهم في استقبال السفن المحملة بالذهب، والاسم الذي قدم (بلدوزه) ليعتلي الوطن قمة أكبر قارات العالم. هو محطة الخير التي اختلفت عن الغير، نهجا وممارسة وثقافة حتى أصبح كيان الجميع مهما اختلفت الميول والمشارب والآراء. هو الفارس الذي كتبه (الأمير الشاعر) في ديوان (حرمانه) وزها به في قلبه، تماما كما غنت لقصائده كوكب الشرق والعندليب. هو ذلك التاريخ الذي كتبه (الثالوث) وغطى بين صفحاته ملاحم لا تنسى ولن تنسى. هو السفير الأول، الذي فتح الباب على مصراعيه لإنجازات وطن، وهو الكتاب الذي قرأه الجميع فساروا على نهجه في الطموحات والإنجازات. هو البذرة التي زرعت، فأنبتت إنجازا، وحولت الأرض القاحلة خارجيا لواحة (خضراء). هو الشعار الذي يحمله كل إنسان في جسمه فلولا الدم والعروق لما استمر في الحياة. هو تلك المعاني التي جسدت ثقافة المجد والطموح حتى لمن هم يملكون المال الكثير والدعم الكبير. وهو الشمعة التي أضاءت الطريق للآخرين بأولوياته التي حفرت الإنجاز في ذاكرة الزمن والوطن. حان الوقت لاستعادة شيء مما مضى..!!!