أي دور منهجي وعلمي لمؤسسات التعليم العالي الجامعية والبحثية والتقنية في الوسط الاجتماعي يسهم بقوة في تعزيز دعائم النظام الاجتماعي، وتوفير فرص ثمينة لخلق واقع جديد يواكب تطورات المستقبل بما تغرسه تلك المؤسسات من وعي في العقل المجتمعي، وتهيئته للمواكبة الحضارية التي تصنع مستقبلا متقدما وقادرا على مواجهة تحدياته من خلال سلوك فكري وعقلي أكثر نشاطا. سعدت للغاية بما قاله صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية في كلمة لسموه خلال رعايته حفل جائزة سموه لسنابل الحصاد للمجتمع، من إن أمهات الجامعات في العالم قامت على الخدمة الاجتماعية أولا وأخيرا وأنضجت وبشكل احترافي مجتمعات كانت متأخرة وضعتها في مصاف المجتمعات الراقية في العالم، ولم يأت هذا من فراغ، فمن جانب هناك التحصيل الأكاديمي الذي يحصل عليه الطلبة..والقائمون على الجامعات لهم دوركبير بوضع الأسس السليمة لهذا الإنسان أو الإنسانة لكي يخدم المجتمع الذي يعيش فيه. ذلك قول فصل وحاسم في مسيرة المجتمع، وينبغي مراجعته بصورة ومنهج علمي، بحيث تضع جميع مؤسسات التعليم العالي منهجا لاختراق المجتمع بجرعات معرفية وتوعوية تعمل على رفع مستويات الوعي لجميع الأجيال ليكونوا في المسار الصحيح للتطور والنهضة واكتساب سلوكيات معرفية طموحة، فالوصول الى المرحلة الجامعية اصبح في الحاضر الحالي مسألة بدهية تتطلب الارتقاء المعرفي والفكري اليها بحيث لا يتوقف الفرد عن حصيلته منها، وإنما يكتشف مزيدا من قدراته الكامنة وتفجيرها في نطاق علمي بحيث يبدع ويبتكر ويجهد في سبيل أن يحقق إضافة علمية من خلال الاستمرار في النهل المعرفي والدراسات والأبحاث بما يجعله مساهما في صناعة الفارق الفكري والعلمي. أمهات الجامعات العالمية مثل السربون وكمبردج وهارفارد وغيرها أسهمت الى حد كبير في تطوير مجتمعاتها وجعلها تتطلع الى الالتحاق بها والإفادة من مشروعاتها وبرامجها من أجل التطور والاتجاه الى المستقبل، ونجحت في ذلك، فهي عملت على أن يضيف اليها المجتمع وفي ذات الوقت أضافت الى المجتمع، فتحققت معرفة ووعي وتطور متكامل، وذلك ما ينبغي أن نعيه بحسب مدلولات كلمة سمو الأمير سعود، وليت جامعات المنطقة تفكر وتبدع برامج ومشروعات للتواصل الاجتماعي بحيث تستهدف الارتقاء بأهالي المنطقة وفي نفس الوقت تواصل مسيرتها الناجحة الى الأمام، لأن المطلوب منها كبير في صناعة المستقبل وأجياله. المجتمع والجامعة متلازمان ومتى توفرت برامج النمو المعرفي فإن الفائدة تعم الطرفين، ولكن البداية ينبغي أن تأتي من الجامعات بوضع مناهج عمل لاستيعاب المجتمع بكل شرائحه في برامجها أسوة بأمهات الجامعات التي سبقتها في النجاح، واكتشاف طرق حديثة لنهضة المجتمع المحلي، فذلك يجعلها أكثر من أن تكون حاضنة علمية روتينية، فدورها أكبر من ذلك بكثير، وأهمه خلق الحافز المهم في داخل كل فرد لأن يتطور ويتطلع الى أفق أكبر وأوسع في سعيه وكسبه المعرفي والفكري والحضاري، حينها فقط تنجح وينجح المجتمع في أن يحقق معدلات عالية من التطور والنهضة التي نأملها في إطار ذاتي وطني كامل.