توفر إيران منذ زمن طويل مأوى لقيادات تنظيم القاعدة. لكن في الآونة الأخيرة، أظهرت أدلة قضائية واستخباراتية قوية أن لإيران دورًا كبيرًا وصلة وثيقة تربطها بتنظيم القاعدة في تنفيذ هجمات 11 سبتمبر الإرهابية التي أودت بحياة الآلاف من الأمريكيين الأبرياء. وتكشف وثائق أُفرج عنها مؤخرًا من إحدى المحاكم الفيدرالية في الولاياتالمتحدة أن إيران وجماعة حزب الله كان لهما دور مباشر في التحضير لهجمات 11 سبتمبر. فقد أصدر قاضي محكمة نيويورك الجزئية في الولاياتالمتحدة جورج دانيالز حكمًا بتغريم ايران أكثر من 10.5 مليار دولار كتعويضات لورثة وعائلات الأشخاص الذين قضوا في مركز التجارة العالمي والبنتاغون. وقالت المحكمة الجزئية الأمريكية التابعة لمنطقة جنوبنيويورك القضائية إن هذه المحكمة رأت في دعوى هافليش -القضية التي رفعها عدد من ضحايا أحداث 11 سبتمبر وشركات التأمين الخاصة وهافليش هي أرملة أحد الضحايا الذين لقوا حتفهم في البرج التجاري الشمالي وأول مدعية بالقضية- أن جمهورية إيران قدمت الدعم المادي والمباشر للإرهابيين مرتكبي هجمات 11 سبتمبر 2001 بتسهيل سفر إرهابيين بعينهم، وأن هذا التسهيل لسفر عناصر القاعدة لتلقي التدريب في المعسكرات في أفغانستان كان ضروريًّا لنجاح عملية سبتمبر .. وأما الطريقة الثانية التي قدمت بها إيران الدعم المادي والمباشر للهجمات فتمثلت في قيام عميل إرهابي تابع لإيران وحزب الله بالمساعدة على تنسيق سفر عناصر القاعدة الذي سيختطفون الطائرات مستقبلا. لكن هناك سؤالين مهمين ينبغي أن نجيب عنهما وهما: فيما تواصل إدارة أوباما سياستها الاسترضائية مع رجال الدين المستبدين الحاكمين في إيران، كيف يمكن لأي شخص محاسبة القيادات الإيرانية على هجمات 11 سبتمبر أو الضغط على الحكومة الإيرانية لكي تدفع التعويضات؟ وهل ينبغي أن نستمر في التقارب مع هذا النظام؟ الأرجح أن الرئيس أوباما لن يوافق حتى على دفع تعويضات إلى الضحايا من أصول إيران المجمدة، وسيتجنب أي شيء قد يزعج الحكومة الإيرانية ومرشدها الأعلى. ومن ناحية أخرى نجد المستبد الأعلى للجمهورية الإيرانية يصعّد مشاعر العداء تجاه الولاياتالمتحدة فيما يواصل البيت الأبيض مهادنته. فعلى الرغم من تلقي خامنئي مليارات الدولارات نتيجة تخفيف العقوبات بفضل إدارة أوباما، كان خطابه الأخير مفعمًا بمشاعر العداء لأمريكا، حيث شنّ خامنئي أثناء وجوده في مسقط رأسه مدينة مشهد، التي يلقي فيها خطابًا سنويًّا بمناسبة رأس السنة الفارسية «نيروز»، هجومًا حادًّا على الولاياتالمتحدة وأعلن أن أمريكا ما زالت هي العدو الأكبر للجمهورية الإسلامية. والأكثر من ذلك أن خامنئي سخر من الرئيس أوباما لتوجيهه رسالة إلى الشباب الإيراني هذا الأسبوع بمناسبة رأس السنة الفارسية. كما وصف أيضًا تحضير أوباما «مائدة السينات السبع» -وهي السفرة التقليدية التي تحضر لإحياء «النيروز»- بأنه وسيلة لخداع الشباب الإيراني. علاوة على ذلك، فإن المرشد الأعلى لجمهورية إيران يمهد، بتصعيده مشاعره العدائية تجاه أمريكا، الطريق للانسحاب من الصفقة النووية بعد أن يرفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العقوبات المفروضة على البلد. وأخيرًا فإن الواجب على الرئيس الأمريكي، بدلًا من الإفراج عن مليارات الدولارات لحكومة إيران الإرهابية، أن يعالج قلق ضحايا 11 سبتمبر بمحاسبة الحكومة الإيرانية. ويرى الزعماء الإيرانيين أنه كلما قدمت الولاياتالمتحدة تنازلات، ازدادت ضعفًا في أعين الجمهورية الإسلامية. ترجمة: طارق راشد