بعد مضي أكثر من شهرين على انتهاء قمة باريس المتعلقة بالمناخ، يبدو من الطبيعي طرح السؤال التالي: ما هي الخطوات القادمة؟ هل نحن بحاجة لفعل المزيد؟. تعتبر المبادرات ال 3 التي أطلقت حول اجتماع باريس بداية مهمة. أعلن بيل جيتس عن تشكيل تحالف طاقة الاختراق، المكون من الخيرين الذين سوف يستثمرون في الشراكات بين القطاعين العام والخاص لابتكار وتوسيع نطاق التكنولوجيا. قادت «بعثة الابتكار» التي كشفت عنها الولاياتالمتحدة أكثر من 20 بلدا وتعهدت بالسعي إلى مضاعفة ميزانياتها الحكومية المخصصة للبحوث والتطوير على مدى السنوات الخمس القادمة لتسريع ابتكار الطاقة النظيفة. وقد أطلقت عشر من أكبر شركات النفط والغاز في العالم «مبادرة المناخ للنفط والغاز» لتنظيم إجراءات هادفة من خلال تقاسم وتبادل أفضل الممارسات وغيرها من أوجه التعاون في الصناعة وكذلك لتحقيق استثمارات في مجال البحث والتطوير والشركات الناشئة. تشير تلك البيانات إلى أن كلا من القطاعين العام والخاص يعترفان بأننا نعيش في عالم مقيد بالكربون وأنه ستكون هنالك رسوم على انبعاثات الكربون، تفرض من خلال الأنظمة أو أسعار السوق أو مزيج من كليهما. لذلك، هنالك حتمية لوجود الصناعة من أجل استكشاف الاستغلال التجاري للتكنولوجيات المبتكرة ذات الكربون المنخفض. نظرا لحجم التحديات التي تواجه الطاقة والمناخ، تعتبر المبادرات الثلاث ضرورية لكنها غير كافية. لماذا؟ يجب على الابتكار الناجح تناول التكنولوجيات بدءا من النشوء لغاية الانتشار والتطبيق. لنأخذ، على سبيل المثال، أوجه التقدم في تكنولوجيا البطاريات. البطارية التي تبلغ تكلفتها أقل من 100 دولار لكل كيلو واط في الساعة بفترة حياة تمتد لأكثر من ألف دورة قد تعمل على تغيير قواعد اللعبة لتوفير كهرباء متجددة موثوقة وبأسعار معقولة في كل العالم. تبلغ تكلفة بطاريات آيون الليثيوم اليوم ثلاث مرات أكثر. نحتاج عمليات بحوث وتطوير حكومية لدعم العمل الأساسي في جامعاتنا ومختبراتنا الوطنية وتحالف طاقة الاختراق كخطوة أولى لتطوير نماذج المنتجات الأولية والأنظمة. يعني النجاح اعتماد تكنولوجيا واعدة دائما نحو إثبات الجدوى التجارية. وهذا يشمل الاختبارات التجريبية، وإنشاء سلاسل التوريد، والقدرة على تخفيض التكاليف والامتثال للوائح التنظيمية. في قطاع الطاقة، تتطلب هذه الرحلة الابتكارية طلب مليار دولار على مدى عشر سنوات. حاليا، لا يوجد أي آلية خاصة بالقطاع الخاص للتصدي لهذا التحدي، ومن المرجح أن تموت التكنولوجيات الجديدة الواعدة. نقترح نهجا جديدا لمعالجة هذه الفجوة: ايجاد عدد من كيانات الابتكار الخاصة بالطاقة لجعل التكنولوجيات الرئيسية خاضعة للاستخدام التجاري، وكل كيان ابتكار للطاقة قد يكون مدعوما من قبل 10 شركات تقريبا، بحيث تلتزم كل منها بتقديم مبلغ 10 ملايين دولار سنويا على مدى 10 سنوات - وهو ما يعرف بآلية «10/10/10». لن تتصدى أي تكنولوجيا منفردة لتحدي الطاقة والمناخ. هنالك عشر تكنولوجيات أخرى من مثل هذا النوع تستحق أن ينظر فيها لإنشاء كيانات فردية، وكلها قد توفر للقطاع الخاص الميزة التنافسية اللازمة. من دونها، تواجه الأعمال التجارية خطر أن تتعرض لصدام إن لم تقدم أي شيء. كيف ينبغي حكم تلك الكيانات؟ قد تختار الشركات الراعية العشر مجلسا قد يختار رئيسا تنفيذيا ليجمع ويقود فريقا بهدف تصميم وتنفيذ برنامج العشر سنوات. من المرجح أن تختار الكيانات المختلفة مسارات تنمية مختلفة، مثل: إنشاء مرفق تقني وقوة عمل جديدة، وتشكيل شراكات مع الجامعات والأعمال التجارية الصغيرة، وتأسيس شركات ومختبرات بحوث وتطوير للأنظمة الفرعية الرئيسية، أو إقامة مشروع مشترك بأعضاء من سلسلة القيمة الدولية التي تجمع الأشخاص والمرافق الخاصة بمقدمي القرار. قد يمتلك كل كيان جميع الملكية الفكرية الناتجة والمعرفة الفنية الخاصة بعمله، وقد تقرر متابعة النشر على أساس فردي، في شراكة أو من خلال مؤسسة جديدة أو مؤسسة موجودة. مما لا شك فيه أنه، خلال السنوات العشر، قد لا تتمكن بعض الكيانات من تلبية المعالم الفنية المتوقعة والتكاليف والجداول الزمنية، والبعض الآخر منها قد تلبي الأهداف مبكرا. تبعا لذلك، في أي لحظة، ينبغي أن يكون لدى أغلبية مقدمي مشروع القرار الحق في إنهاء المشروع. في الولاياتالمتحدة، الكيان الوحيد الذي من المحتمل أنه يستطيع تقديم ميزانية كلفتها مليار دولار لعشر سنوات لإثبات الجدوى التجارية لتكنولوجيا جديدة محددة هو الحكومة الفيدرالية. لكن من الصعب المبالغة في المزايا التي يمتلكها مشروع ابتكار القطاع الخاص دون غيره المدعوم من قبل وزارة الطاقة الأمريكية لبرامج التمثيل ذات المراحل المتأخرة. تشمل المشاريع العملية التي ترعاها الحكومة الفيدرالية العديد من القواعد والقوانين المحددة التي تفرض شروطا زمنية وتكاليف إضافية. هنالك قيود مفروضة على ممارسات الشراء، واحتياجات للتكاليف وتقارير الأداء، وغموض كبير فيما يتعلق بتوقيت وحجم مدفوعات العقود، ناهيك عن التساؤلات المتعلقة بالدعم المتسق للكونجرس. من غير المدهش أن سجل وزارة الطاقة في تمثيل التكنولوجيا الرئيسي كان متفاوتا. والأسباب المختلفة لذلك تشمل ما يلي: تغيير الأولويات، وتحويل الأسواق، وتأثير الكونجرس، وخفض تمويل المشاريع، ونقص المهنيين من ذوي الخبرات الكافية في مجال الإدارة والتمويل والسوق. على الرغم من بعض النجاحات، كان هنالك العديد من خيبات الأمل، بما في ذلك مشروع مفاعل نهر بريدر كلينتش، وشركة الوقود الاصطناعي وفيوتشرجين. في الواقع، إن الفرق في كيفية إدارة وتشغيل برامج التطوير الفني الخاصة بالقطاع الخاص وتلك المدعومة من الحكومة الاتحادية كبير جدا، بحيث ان مستثمري القطاع الخاص ومصارفهم يجدون من الصعب إجراء التقييم بكل ثقة في حالة الحكومة إن تم إثبات معايير الاستثمار المطلوبة. من المرجح لمشروع الابتكار في القطاع الخاص، إن كان ناجحا، أن يؤدي إلى نشر التكنولوجيا أكثر من المشروع المدعوم من الحكومة الفيدرالية. نحن لا نقول إن آلية القطاع الخاص «10-10-10» ستحل مكان الإجراءات من قبل الشركات الفردية أو برامج إنشاء التكنولوجيا الحكومية مثل (آربا-إي). للحكومات أيضا دور في المجالات التي لن يغامر فيها القطاع الخاص مثل احتباس ثاني أكسيد الكربون، والتخلص من النفايات النووية، والنهج التقليدي لطاقة الانصهار. هل من الأمنيات أن قطاع الطاقة سيتصدى لمثل هذا التحدي؟ في الماضي، اجتمعت اتحادات الصناعة معا، في بعض الحالات مع دعم وتشجيع الحكومة، للتصدي للتحدي الفني المشترك. وتشمل الأمثلة معهد بحوث الغاز، ومعهد بحوث الطاقة الكهربائية، وشركة تكنولوجيا الحاسوب والإلكترونيات الدقيقة، وشركة الأقمار الصناعية التجارية وسيما تيك. في الواقع، ينبغي على الحكومات المحلية والرئيسية والاتحادية دعم جهود القطاع الخاص لإنشاء كيانات ابتكار الطاقة، لأنها سوف تؤدي إلى توفير فرص عمل ونمو اقتصادي محلي. إن تحالف طاقة الاختراق الذي يستهدف الاستثمار في المشاريع الناشئة ينبغي أن يساعد أيضا في إيجاد كيانات ستساعد في تحويل تكنولوجيات المراحل المبكرة إلى منتجات تجارية على نطاق واسع. توفر آلية (10-10-10) مسارا ابتكاريا قويا يسمح لمجموعات الشركات تشارك المخاطر والتكاليف والمكافآت دون مشاركة حكومية ثقيلة وربما، لتوسيع نطاق ووتيرة ابتكار الطاقة في الولاياتالمتحدة وفي العالم. وهذا قد يكون ميزة استراتيجية في اقتصاد عالمي تنافسي وسريع التغير ومقيد بالكربون.