على الرغم من مرور عدة سنوات على تأسيس شركة المياه الوطنية، إلا أنها لم تحقق الهدف الأهم من تأسيسها وهو توفير خدمة المياه والصرف الصحي بكفاءة تفوق ما كانت تقدمه مصلحة المياه. ولم تنخفض تكاليف التوزيع وتضاعف عدد الشكاوى من المشتركين، حيث كثر انقطاع الماء وزادت اعطال العدادات، وتفشت أخطاء الفوترة، ولم يحصل أي تطويرٍ ذا قيمة في إيقاف هدر المياه من شبكة الشركة التي ورثتها من المصلحة. عندما ارادت الدولة إعطاء الفرصة لمقدمي الخدمات الحكومية لتعزيز إيرادتهم، لم تقم الشركة بالبحث عن طرق مبتكرة لتعزيز الايرادات، ولم تنظر إلى المرآة لمعرفة أخطائها. لم تقم الشركة بأي محاولات جادة لخفض التكاليف التشغيلية ولا ببرنامج واضح لإيقاف هدر المياه من شبكتها، ولا بخطة استثمارية للصرف الصحي، ولا لسرعة إنجاز المشاريع المتعثرة. لقد آثرت الشركة ان لا تعمل هذا كله، واكتفت بمطالبة الدولة برفع الرسوم على الماء اضعافا مضاعفة، واحتساب تكاليف غير منطقية لخدمة الصرف الصحي، والإبقاء على نظام الشرائح الذي ورثته من المصلحة دون تغيير، على الرغم من معرفتها بأنه نظام غير عادل، إلا أن ضرره لم يكن ذا أهمية عندما كانت فواتير الماء لا تشغل بال احد. عدم اهتمام الشركة بمصلحة عملائها جعل منها في وقت قصير أقل الجهات الخدمية شعبية وأكثرها عداءً للمشتركين باستخدم أكثر الأسلحة فتكاً، فهي لا تمانع من حرمان عائلات كثيرة من الماء وتعريضهم للعطش في صيف الصحراء القاتل، لا لسبب سوى أنهم اعترضوا على سداد ما تزعم الشركة أنه حق لها. لقد أساءت الشركة استخدام الصلاحيات المعطاة لها، فاستخدمتها ضد عملائها وتهاونت في بحث أسباب تردي سمعتها لديهم، ولم يسمع مدراؤها خرير الماء من تحت شبكتهم. عندما اقترحت الشركة أن تحاسب عملاءها على خدمة الصرف الصحي بمبالغ لا تخضع لأي سبب منطقي، فهي إنما فعلت ذلك لتهرب من مسؤوليتها تجاه استثمار مشاريع الصرف الصحي، وجعلها مصدراً للدخل يخفف من الأعباء المالية على الدولة. لقد تمكنت الكثير من الدول من الاستفادة من مياه الصرف الصحي في إنتاج الفسفور ومواد اخرى، وإنتاج الكهرباء وإعادة استخدام المياه في الزراعة والصناعة، وبذلك جعلت من مياه الصرف الصحي مصدراً هاماً من مصادر الدخل وتوفير الطاقة، والمحافظة على مصادر المياه من الهدر. مع الأسف ان كل ما أنجزته الشركه لا يتعدى تغيير أسعار الفواتير، فهي لم تقدم أي شيء يذكر في مجال المحافظة على المياه وتخفيض التكاليف، فهي بدلاً من أن تستخدم مياه الصرف الصحي في تخفيض تكلفة إنتاج المياه، تحاول جاهدهً أن تجعل منها مصدر رزق سهل دونما أي عناء. إن استمرار الشركة بإدارة موارد المياه بالطريقة التي تنتهجها، سوف يؤثر تأثيراً مباشراً على حياة الناس ويسهم في هدر موارد المياه والمال العام. إن وزارة المياه والكهرباء بوقوفها إلى جانب الشركة وتشجيعها على التمادي في أخطائها وعدم عملها على إيقاف نزيف المياه واموال المواطنين الذي تتسبب فيه الشركة، يجعلها شريكة معها وتتحمل نفس المسؤولية إن لم يكن كلها.