كانت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين على وشك اقتراح التشريعات التي من شأنها إخضاع القوانين التنظيمية المالية لتحليل التكاليف والمنافع. وقد أعلنت عضوة مجلس الشيوخ إليزابيث وارن بالفعل عن معارضتها. ولكن الفكرة تعتبر جيدة، وتستحق الدعم من الليبراليين والمحافظين على حد سواء. تحليل التكاليف والمنافع هو أداة تكنوقراطية في مجال السياسة الاقتصادية، أقرب إلى أساليب القيمة الحالية الصافية المستخدمة من قبل الشركات لتقييم الاستثمارات. انها ليست ليبرالية ولا محافظة، وإنما توفر طريقة لحساب تأثير القانون التنظيمي المقترح على رفاهية الجمهور. عانى النهج لفترة طويلة من السمعة السيئة بين الليبراليين، ولا شك أن السبب في ذلك هو أنه كان من أساسيات الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس رونالد ريغان عام 1981 لترويض الأنظمة الفدرالية. جادل النقاد حين ذلك حول أن ريغان سعى إلى استخدام تحليل التكلفة والعائد لمنع وتأخير الحاجة إلى وضع القواعد، وأن تحليل التكاليف والمنافع كان منحازا ضد القانون التنظيمي بسبب أن العديد من الفوائد - إنقاذ الأرواح البشرية، وتحسين نوعية البيئة - كان من الصعب قياسها كميا. ومع ذلك، عمل كل رئيس كان خلفا له، بما في ذلك بيل كلينتون وباراك أوباما، على تجديد أمر ريغان التنفيذي. وتبين أن سلامة وصحة الأنظمة البيئية المصممة تصميما جيدا، يمكنها أن تنجح في اختبار للتكاليف والفوائد. هذه التقنية يمكن استخدامها للدفاع عن قوانين تنظيمية جيدة، فضلا عن حجب السيئة منها. لهذا السبب، توتر بعض المحافظين حول تحليل التكاليف والمنافع. فقد أصبحوا يؤمنون أنه من السهل جدا التلاعب من قبل الليبراليين الذين يسعون إلى قوانين تنظيمية مفرطة. وهذا قد يكون صحيحا. وفي حين تباطأ إصدار القانون التنظيمي خلال إدارة الرئيس ريغان، إلا أن مسيرته الثابتة واصلت تقدمها. وحيث ان تحليل التكاليف والمنافع ليس إلزاميا، يمكن للرؤساء التنازل عن هذا المتطلب، وغالبا ما يفعلون ذلك. إذا كنت تقرأ تحليلات التكاليف والفوائد التي تصدر عن تلك الوكالات، سترى أنها غالبا ما تمتنع عن قياس الفوائد. ومع ذلك، فقد أظهرت الأوامر التنفيذية للتكاليف والفوائد فرقا. إن فهم سبب تنظيم الوكالات اليوم يعتبر أسهل بكثير مما كانت عليه الحال قبل 40 عاما، وهذا يعني أنه من الأسهل الجدال معهم وتحديهم في المحكمة. لا تطبق الأوامر التنفيذية على وكالات تنظيمية مالية مستقلة والتي، بالنسبة للجزء الأكبر منها، لم تجر تحليلات التكلفة والعائد. قبل بضع سنوات، ألغت محكمة استئناف واشنطن العاصمة، قاعدة حوكمة الشركات التي كانت قد أصدرتها لجنة الأوراق المالية والبورصات. كان من رأي المحكمة أن التكاليف لا تبرر الفوائد، وهو ما أثار استياء عدد كبير من الإصلاحيين. ولكي نكون منصفين بالنسبة للنقاد، ليس لدى المحكمة ولاية قانونية واضحة لحكمها، وأخذت لجنة الأوراق المالية والبورصات على حين غرة. ولم تكن المحكمة أيضا حساسة لصعوبات إجراء تحليل للتكاليف والفوائد للقوانين التنظيمية المالية، الأمر الذي يتطلب الحكم، وليس مجرد تطبيق ميكانيكي لخوارزمية. بعض الأكاديميين يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك ويقولون إن اختبارات التكاليف والمنافع للقانون التنظيمي المالي تعتبر مستحيلة. إنهم يعتقدون أنه من الصعب جدا التنبؤ بتأثير القانون التنظيمي على النظام المالي. قد تعتقد أنه إذا كان ليس لدى الحكومة أية فكرة عن التأثير الذي سوف يكون لدى القانون التنظيمي المكلفة على الاقتصاد، فإنه يجب الامتناع عن إصدار ذلك. ولكن الإجابة الأفضل هي أن الحكومة يمكنها أن تتوصل إلى فكرة إذا تكبدت عناء القيام بذلك. لننظر في متطلبات رأس المال المفروضة على البنوك. الأجهزة المنظمة تصر على أن البنوك تجمع نسبة الحد الأدنى من رأسمالها على شكل أسهم بدلا من سندات. المبررات الاقتصادية لهذه القاعدة هي أن البنوك ذات الرفع المالي الكبير تكون عرضة للذعر، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى أزمة مالية وركود. وفي الوقت نفسه، متطلبات رأس المال تزيد من تكلفة زيادة رأس المال، وهو ما يشكل ضررا أيضا على الاقتصاد. لا أحد ينكر أن القوانين التنظيمية لرأس المال تعتبر ضرورية؛ والسؤال هو ما إذا كان ينبغي أن تكون 4 في المائة أو 10 في المائة أو ربما 50 في المائة. لسنوات عديدة، عدلت الأجهزة المنظمة المالية متطلبات رأس المال دون تقديم أي تفسير له معنى. ومن شأن إدخال تحليل التكاليف والمنافع أن يجبرها على تبرير قراراتها من خلال مقارنة التكلفة مع الفائدة. الفائدة - تقليص خطر التعرض للأزمة المالية - قد يبدو من المستحيل حسابها. ولكن ذلك ليس صحيحا. الأزمات المالية تعتبر أحداثا متكررة بحيث يمكن تقدير احتمالها ومتوسط شدتها. احتمال وقوع أزمة يعتمد على مقدار الرافعة المالية في النظام، والذي بدوره يتأثر بقواعد رأس المال. ويمكن أيضا أن تقدر التكلفة للبنوك لإصدار حقوق الأسهم. في الواقع، قد تم تنفيذ جميع هذه التقديرات. وفي حين أنها تقريبية بشكل واضح، فإنها توفر أساسا أفضل للقانون التنظيمي من البديل - ما يسميه الأكاديميون «حكم الخبراء» ولكن تسمى بشكل أكثر دقة «التخمينات الجامحة». إذا كانت ولاية التكاليف والفوائد قد وضعت مسبقا قبل الأزمة المالية، فإن البنوك كانت ربما تخضع لمتطلبات رأس المال الأعلى منذ فترة طويلة، وذلك من شأنه أن يخفف من الأزمة. ويعتقد حتى الاقتصاديين المحافظين بأنها كانت منخفضة دون الحد اللازم. متطلبات رأس المال هي في الواقع رخيصة جدا. القوانين التنظيمية الأخرى، مثل قانون فولكر، التي تعتبر جهدا متقنا وربما عقيما لتنظيم مشاركة البنوك في أسواق الأوراق المالية، قد تفشل أيضا في تحليل التكلفة والعائد. ان تحليل التكاليف والمنافع قد يجعل القانون التنظيمي المالي أرخص وأكثر فعالية؛ لكنه لن يضع حدا له.