وكأن هبوط الأسعار ليس كافيا - حيث بلغت أسعار الكهرباء في ألمانيا أدنى مستوياتها منذ 12 سنة - هناك سبب آخر يثير القلق لدى المتداولين وشركات المنافع في أسواق الكهرباء والغاز الطبيعي الأوروبية التي تبلغ قيمتها 940 مليار دولار. هناك تحديث للنسخة الأوروبية من قانون دود فرانك الأمريكي، الذي وضع بهدف الحيلولة دون وقوع أزمة مالية أخرى، يمكن أن يفرض تكاليف تعمل على تسريع خروج متداولي الطاقة، وتعزيز التكاليف التشغيلية لشركات المنافع، وتؤدي إلى ارتفاع فواتير المستهلكين، وفقا لتنفيذيين في شركات المنافع والأجهزة التنظيمية لقطاع الطاقة. ويقول الجهاز التنظيمي للقطاع المالي في أوروبا إنه سوف يحول دون وقوع إساءة الاستخدام. قانون دود فرانك الأمريكي، أقره الكونجرس في عام 2011، يقع في 848 صفحة، وقد جاء استجابة لشبهة الانهيار الذي تعرض له النظام البنكي الأمريكي. وعلى غرار هذا القانون، وضعت أوروبا نسختها من «التوجيه الخاص بالأسواق في الأدوات المالية»، وهي نسخة طويلة، وليس من السهل فهمها حين تُنشَر التفاصيل في وقت متأخر من هذا الشهر. فيما يلي أسئلة وأجوبة حول الأمور التي على المحك بالنسبة لشركات المنافع والمتداولين والشركات والمستهلكين في أوروبا. كيف يبدو شكل سوق الطاقة الأوروبية؟ صناعة الطاقة في أوروبا مجزأة وموحدة في الوقت نفسه. لا تزال الأسواق مستقلة في كل بلد على حدة، لكن هناك كابلات وخطوط أنابيب تربط بين هذه البلدان، ويبذل الاتحاد الأوروبي جهودا من أجل المزيد من التكامل بهدف تعزيز كفاءة السوق. شركات المنافع والبنوك وشبكات الكهرباء والمتداولون الآخرون يشترون ويبيعون ما قيمته مليارات الدولارات من الكهرباء والغاز ضمن وبين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 28 دولة. كما أنهم يشترون ويبيعون أيضا مجموعة متنوعة من عقود المشتقات، بما في ذلك العقود الآجلة والخيارات. لماذا يعتبر القانون الجديد مهما للغاية لصناعة الطاقة؟ يقول الجهاز التنظيمي إن مئات من عقود الطاقة من الكهرباء الألمانية إلى أذون الكربون سوف تخضع للمرة الأولى لنفس القوانين التنظيمية التي تخضع لها الأسهم والسندات التي تتداول بها البنوك، بما في ذلك القيود الإلزامية على التعاملات في التداولات، والمتطلبات التي تقتضي وضع ضمانة أو رهان في مقابل التداولات المذكورة. يقول كريس بورج، وهو شريك مقره لندن في شركة المحاماة «ريد سميث»، التي تقدم النصح والمشورة لمتداولي السلع ومنتجي النفط: «قرار الاتحاد الأوروبي ينطوي على إمكانية تشكيل قطاع الطاقة الأوروبية خلال العقد القادم على الأقل. تخيل ماذا ستكون عليه فواتير الكهرباء التي تصلك في حال تم إخضاع شركة الكهرباء في منطقتك ومعاملتها بما يشبه القوانين التنظيمية للبنوك.» اعتبارا من عام 2018 ربما تحتاج كل شركة من شركات الطاقة إلى تعزيز رأسمالها بأكثر من مليار يورو (1.1 مليار دولار)، بالدرجة الأولى من أجل ضمان تعاملاتها في التداولات، بحسب شركة برايس ووترهاوس كوبرز. بصورة عامة رأس المال ليس مطلوبا في الوقت الحاضر. وقال ديفد كولون، رئيس قسم إدارة السلع الأساسية في الشركة في لندن، إن القواعد ربما تضيف ما نسبته 20% إلى تكاليف التشغيل. لماذا يريد الاتحاد الأوروبي تنظيم التداول في الطاقة؟ تقول السلطة الأوروبية للأوراق المالية والأسواق إن هناك حاجة إلى هذه القواعد المتشددة للحيلولة دون إساءة استخدام السوق المالية، التي تتصدر الجهود لإعادة تصميمها. من أجل ضمان أن القواعد تغطي أوسع نطاق ممكن من الأدوات المالية، فإن المناطق والأسواق التي تغطيها سلطة الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى أن تتوسع إلى ما وراء الفئات التقليدية من الأصول المالية والسندات والعملات. يقول أفيف هاندلر، العضو المنتدب لشركة استشارات إي تي آر في لندن، التي تقدم النصح والمشورة لشركات التداول والبورصات وشركات تزويد التكنولوجيا: «هناك معركة تجري الآن. من جانب، هناك وجهة نظر السلطة الأوروبية، وهي أنها ينبغي أن تعمل على تنظيم الأسواق، ومن جانب آخر هناك وجهة نظر الصناعة، التي تخشى أن تُفرَض عليها متطلبات رأسمالية.» يجادل الجهاز التنظيمي للاتحاد الأوروبي بأنه يحتاج إلى أن يشرف على أهم المتداولين في كل سوق من الأسواق المالية. إذا كان معظم نشاط الشركة ماليا، عندها ينبغي أن تعامَل على أنها شركة مالية، كما يقول ريمت سيبل، وهو متحدث باسم السلطة ومقره باريس. وقال: «نحن نسعى للعثور على توازن سليم. شركات الطاقة الخالصة لن تشملها هذه القوانين التنظيمية.» ماذا يعني هذا بالنسبة للمتداولين في الطاقة؟ على الأرجح فإن القواعد الجديدة سوف تُلزِم الشركات باقتناء كميات أكبر من النقدية من أجل التداول. وقال جيرتيان لانكهورست، الرئيس التنفيذي لشركة جاز تيرا، وهي شركة هولندية تبيع الغاز من أكبر حقول أوروبا، إن هذا يمكن أن يؤدي إلى تقليص عدد المشاركين في الأسواق. يشار إلى أن عددا من البنوك، من باركليز إلى بانك أوف أمريكا، سبق أن خرجت من أسواق الطاقة الأوروبية خلال السنتين السابقتين، وعزت ذلك إلى ازدياد القوانين التنظيمية وتراجع الأسعار. وقال لانكهورست: «في أسوأ الأحوال، سوف تعامَل جميع شركات الطاقة على أنها مؤسسات مالية.» وقال إن هذا يؤدي إلى «تقليص هائل» في عدد المشاركين في السوق. وأضاف أن هذا الأمر لن يكون «جيدا بالنسبة للسيولة، ولن يكون جيدا بالنسبة لآلية عمل السوق.» ما هو رأي الصناعة في الأثر المترتب لهذه القواعد على أسعار الطاقة؟ وفقا لما يقوله بول دوسون، رئيس الشؤون التنظيمية في وحدة العرض والتداول لدى شركة آر دبليو إي، ثاني أكبر شركات المنافع في ألمانيا، فإنه حين يقل عدد المتداولين، فإن هذا يعني أن السوق ذات الكفاءة الأقل سوف تزيد فواتير المستهلكين بمليارات اليورو. ووفقا لما تقوله كلير كامو، وهي متحدثة في بروكسل باسم إنتسو، وهي مجموعة في الصناعة تمثل شبكات الكهرباء الأوروبية، فإن القوانين الجديدة يمكن حتى أن تفرض على الشبكات وضع رهان أو ضمان مقابل التداولات التي تتم فقط بهدف ضمان التوازن بين العرض والطلب في الشبكات أثناء اليوم. ما هي الخطوة المقبلة؟ المقترحات سوف تُعفي الشركات التي لا تشكل مشترياتها ومبيعاتها إلا نسبة أقل من 0.5% من إجمالي التداولات في سلعة معينة، والتي تستخدم أقل من 5 بالمائة من رأس مال الشركة. وقال ستيفان دوهلر، رئيس قسم الأسواق في فاتينفال، أكبر شركة منافع اسكندنافية، إن هذه العتبات متدنية للغاية وتهدد بتدمير بعض الأسواق. وقال إن من الأفضل البدء بعتبات أعلى ثم تقليصها على مدى الزمن. وقال سيبل إن السلطة تفكر في إدخال «تعديلات كبيرة».