الشركتان الكبيرتان تحاولان التدخل في أعمال الشركة الأخرى. خلال البطولة السنوية لكرة القدم الأمريكية هذا العام، كان الإعلان الذي يقدم البيان الأكبر يتجاوز كثيرا أسوار ملعب ليفي. خلال اللعبة الكبرى، كان بإمكان الحضور وبعض مشاهدي التلفاز الخارقين رؤية بقع فيها رقائق الذاكرة ومعالجات خاصة بشركة سامسونج- ليس داخل الملعب، لكن على عرض عملاق على بعد 2 ميل تقريبا. حولت سامسونج الطابقين العلويين لمقرها الجديد في سانتا كلارا المخصص لصناعة الرقائق إلى لوحة إعلانات رقمية تحويلية بطول 30 قدما وعرض 300 قدم. على طول دينفر برونكوس وكارولينا بانترز، يمكن رؤية مجموعة أخرى هامة من إعلاناتها: على بعد ميل إضافي، بجوار مقر شركة إنتل. على مدى 40 عاما، كانت تتطلع عمليات سامسونج لأشباه الموصلات إلى العمليات الموجودة في إنتل. لكن هذه الأيام أصبح الأمر أكثر من مجرد إلقاء لمحة خاطفة. لا تزال إنتل الشركة الأولى في العالم في مجال صناعة الرقائق، وفي بعض الجوانب تعتبر أقوى من أي وقت مضى، بحيث تقدم المعالجات ل99 بالمائة من خوادم العالم و95 بالمائة من أجهزة الكمبيوتر المحمولة. لكن سامسونج رسخت نفسها بقوة في المرتبة الثانية خلال السنوات القليلة الماضية وذلك عن طريق السيطرة على تجارة رقائق الذاكرة الأسرع نموا. (وقد تخلت إنتل بشكل أو بآخر عن ذلك المنحى في عام 1985). للمرة الأولى، تبدأ الشركتان في التطلع بجدية إلى عملاء بعضهما البعض. في أواخر العام الماضي، قالت إنتل إنها قد تنفق ما يعادل 5.5 مليار دولار للعودة مرة أخرى إلى إنتاج رقائق الذاكرة الحديثة في مصنع لها في المدينة الصينية داليان. قال الرئيس التنفيذي بريان كرزانيتش في مكالمة هاتفية أجريت في شهر نوفمبر مع المستثمرين: «ربما هذه واحدة من أوائل الاستثمارات التي حققناها في مصانعنا في شركة إنتل خلال سنوات قليلة تقريبا». في مقابلة أجريت معه، يقول كيلفن لو، مدير التسويق الأول لسامسونج، إن شركته تتوجه نحو إنتاج مجموعتين كبيرتين من رقائق الخوادم باستخدام «الأساليب الأكثر تطورا»- ما يعني أن سامسونج تعتزم التنافس مع ما تنتجه إنتل. ويقول: «نحن ندخل الآن هذا المجال بقوة. والأسباب واضحة». رفضت سامسونج التعليق بشكل خاص على مسألة التنافس مع إنتل، التي بدورها رفضت التعليق على هذا الموضوع. كانت نقاط القوة لدى صانعي الرقائق مكملة لبعضها البعض عندما كان جهاز الحاسوب الشخصي هو الوسيلة الرئيسية للحوسبة والدخول لعالم الانترنت وكان هنالك الكثير من النمو الحاصل. في عصر الجوال، توسعت نفقات التصنيع المقدمة بشكل كبير حيث إن أي جهود بذلت لتأسيس خط إنتاج أصبحت مخاطرة حقيقية. يقول شين رو، المحلل في شركة بحوث السوق (آي دي سي): «لقد وصلت للصدارة خلال السنوات القليلة الماضية، وسوف تتسارع أكثر». يقدر الباحث لدى (آي إتش إس) بأن تكلفة مصنع الرقائق الجديد مع وجود أحدث معدات الإنتاج فيه ستبلغ ما يعادل 10 مليارات دولار. ومعظم ذلك المال سيذهب إلى الآلات، التي تصبح أمرا عفى عليه الزمن في غضون خمس سنوات ويجب أن يتم استبداله فيما لو كانت ترغب الشركات في الحفاظ على قدرتها التنافسية. ما يشكل ضغطا أكبر، أن صانعي الأجهزة يرغبون بوجود موردين أقل ليقدموا لهم قطعا أكثر من المنتج النهائي، التي تنصهر معا من الناحية المثالية. حولت سامسونج بعض تلك المشاكل إلى مصلحتها وذلك عن طريق إبرام صفقات لإنتاج رقائق مصممة من قبل شركة أبل (لجهاز الآيفون) وشركة كوالكوم (لكل هاتف تقريبا). يقول لو إن الشركة وقعت بالفعل عقودا لصناعة رقائق للخوادم، لكنه لم يبين اسم أي من العملاء. مرت إنتل بوقت أصعب حين اقتحمت مجال الهواتف المحمولة- حيث تراجعت إيراداتها المتعلقة بالرقائق بنسبة 2 بالمائة العام الماضي، في الوقت الذي نمت فيه إيرادات شركة سامسونج بنسبة 20 بالمائة. يقول المحلل لدى آي إتش إس لين جيلينيك: «تاريخيا، كان لدى إنتل ميزانية ضخمة للبحوث والتنمية لا يمكن لأي شخص أن يقف في وجهها فيها». كما يقول إن ميزانية سامسونج تمثل أول «جهد تنافسي» حقيقي. هذا لا يعني أنه سيكون من السهل الوقوف في وجه إنتل، التي اكتسبت للتو مكانتها في مجال الخوادم وأجهزة الحاسوب الشخصية. قال كرزانيتش من شركة إنتل في شهر نوفمبر إن إمدادات شركته من الأقراص الصلبة المصنوعة من رقائق الذاكرة، جزء من مشروع مشترك مع شركة مايكرون الصانعة للرقائق، ساعد في زيادة الأرباح. كما أن الشركة تعِد أيضا بنوع جديد من الذاكرة تكون أسرع من الرقائق السريعة اليوم. في المرحلة المقبلة، السؤال المهم هو ما إذا كان بإمكان شركة واحدة الاستعداد بشكل أفضل لموجة الأجهزة المنزلية المتصلة بالانترنت والمركبات التي تعرف (باسم انترنت الأشياء)، بحسب ما يقول لي سيونج وو، المحلل لدى آي بي كيه للأوراق المالية. يقول لي: «تحاول جميع الشركات الصانعة للرقائق تصنيع كل شيء إلى أبعد مدى. لا أعتقد أن بإمكانهم البدء من الصفر والتفوق على بعضهم البعض في المجالات التي يسيطرون عليها». الآن، تنفق كل من إنتل وسامسونج 12 مليار دولار سنويا على البحوث والتنمية وهما تحاولان ضبط سرعة ابتكار رقائق أسرع وأصغر حجما وأكثر كفاءة. (كما أن الجزء غير المعلن من ميزانية البحوث والتنمية في شركة سامسونج يمول أيضا العمل المتعلق بتصنيع الشاشات). كما أن إنتل تعمل أيضا على تقديم أحدث رقائق الأجهزة المحمولة وأجهزة المودم دون وجود أي تأخير مثل تلك الفترات التي كانت شائعة خلال العقد الماضي، وفقا لكرزانيتش. وهدف شركة سامسونج هو تجاوز إنتل والتفوق عليها في مجال مبيعات الرقائق. يقول كيم كي نام، رئيس الرقائق المنطقية في شركة سامسونج: «من الصعب تحديد الزمن الذي سنحقق فيه هدفنا. لا تزال لدينا فجوة كبيرة. وهم شركة جيدة». لكن كن على يقين من أن هذه هي الخطة.