مع احتدام حروب الحوسبة المحمولة يطمح صناع الرقائق الذين يوردون المكونات الاهم لاجهزة الهاتف الذكي والكمبيوتر اللوحي الى انتزاع مزيد من المجد لانفسهم. غير قانعين بالبقاء في ظل علامات استهلاكية شهيرة مثل أبل أو سامسونج يريد صناع الرقائق - مثل انتل وكوالكوم وان.فيديا - أن يتعرف المستهلكون على معالجاتهم التي تشغل أجهزتهم المحمولة. ويأملون في غضون ذلك في بناء ولاء للعلامة التجارية. وتقود انتل الهجوم بالتوسع في حملتها التسويقية فائقة النجاح «انتل بالداخل» لما وراء أجهزة الكمبيوتر الشخصي. كانت ملصقات «انتل بالداخل» التي بدأت في 1991 قد حولت المكونات الالكترونية الى منتجات فاخرة ثم انتشرت بعد ذلك على أجهزة الكمبيوتر المحمول. وهذا العام ظهر شعار «انتل بالداخل» على ظهر أجهزة هاتف ذكي طرحت في بريطانيا والهند وروسيا. وتأمل انتل أن تطلق حملة أجهزة الهاتف في الولاياتالمتحدة العام القادم سعيا لتحقيق ميزة تسويقية على منافسين مثل كوالكوم وان.فيديا ليسوا بنفس الشهرة بين المستهلكين. وقال بريان فرافل مدير العلامات التجارية في انتل : «بدون شك هدفي هو أن يدخل المستهلكون المتاجر ويجدوا في علامة انتل بالداخل محددا رئيسيا لنوع الهاتف أو الكمبيوتر اللوحي الذي يقع عليه اختيارهم تماما كما فعلنا في مجال الكمبيوتر الشخصي». وتهيمن أكبر شركة لصناعة الرقائق في العالم على سوق الكمبيوتر الشخصي لكنها متأخرة عن منافسين صغار في قطاع الاجهزة المحمولة سريعة النمو. وتستعرض انتل عضلاتها في مجال العلامات التجارية لمحاولة تعويض تأخرها. ولم يتضح بعد عدد مصنعي أجهزة الهاتف الذين سيوافقون على وضع علامة انتل بالداخل على أجهزتهم. وبالنسبة لشركات الهاتف الذكي الناشئة غير الشهيرة فان الدخول في شراكة مع انتل قد يكون «بديهيا». وفي أقصى الطرف المقابل لذلك فان أبل ترفض مشاركة العلامة التجارية مع أي من مورديها. وأبرز منتج للهاتف الذكي حتى الآن يستخدم علامة انتل هو موتورولا موبيليتي التابعة لجوجل والتي أطلقت الجهاز «رازر أي» في لندن في 18 سبتمبر. وحتى الآن ظلت المساحة على معظم الهواتف الذكية محجوزة للشركة المصنعة مثل أبل أو سامسونج ولشركات الاتصالات مثل فيرايزون وايرلس. ويشتهي مزودو أنظمة التشغيل مثل جوجل أندرويد ولاء المستهلكين أيضا وتظهر علاماتهم لفترة وجيزة على الشاشات عند تشغيل الاجهزة. لكن الافراط في عرض العلامات التجارية في مجال الهواتف الذكية والكمبيوتر اللوحي قد يفضي الى ارباك المستهلكين. ومن حيث المبدأ لا تعتبر اضافة مزيد من العلامات التجارية الى المنتجات فكرة جيدة الا اذا كانت العلامة الاضافية تنطوي على ميزة قوية تفتقر اليها علامة مصنع الهاتف نفسه. وقال جاك جولد محلل قطاع التكنولوجيا في جيه. جولد أسوسيتس : «هل يمكن أن تولد طلبا من المستهلك النهائي على معالجاتك.. هذا هو ما يدرسونه كلهم وهو ليس بالامر السهل في مجال الاجهزة المحمولة حيث لم يعتد الناس على ذلك «. أحد الاسباب في أن حملة انتل بالداخل لا مثيل لها في صناعة الرقائق هو أنه لا يوجد من بوسعه مضاهاة ميزانية انتل السنوية للاعلان والتسويق والبالغ حجمها 1ر2 مليار دولار. بل ان انتل تساهم في تكاليف اعلانات مصنعي الكمبيوتر الشخصي بشرط أن تتضمن علامة انتل بالداخل. وتدور فكرة اعلان تلفزيوني أطلقته أورانج في بريطانيا في فبراير شباط حول سيارة فائقة السرعة يقودها سائق متشح بالسواد ومكتوب على ملابسه انتل بالداخل. وأجرت انتل استطلاعا للمستهلكين الذين اشتروا هاتف أورانج. وقال فرافل :»لم يظهر أنهم أشخاص بارعون في أمور التكنولوجيا ممن يقرؤون كل نتائج الاختبارات. قالوا ان علامة انتل بالداخل تعني الاداء بالنسبة لهم». وفي سوء تقدير منها لسرعة نمو سوق الاجهزة المحمولة كانت انتل بطيئة في تطوير معالجات قوية لكن موفرة في استهلاك الطاقة لتشغيل متصفح الانترنت والالعاب وسائر المزايا المتقدمة للهواتف الذكية والكمبيوتر اللوحي. ومن بين كبار منتجي معالجات الاجهزة المحمولة كوالكوم وسامسونج التي يتجه معظم انتاجها لاجهزة أبل اي.باد واي.فون. كما تنتج تكساس انسترمنتس وبرودكوم معالجات لهذه الفئة من الاجهزة لكنها لا تعلن عنها بشكل يذكر للمستهلكين. ومنذ التسعينيات وكوالكوم لاعب رئيسي في صناعة رقائق الاجهزة المحمولة. وفي معظم تلك الفترة لم يكن للاعلان أولوية تذكر بالنسبة للشركة التي مقرها في سان دييجو. وتستهدف معظم الجهود التسويقية لكوالكوم فئة محددة من مغرمي التكنولوجيا الشغوفين بالمكونات المستخدمة في أجهزتهم. وأخذ ذلك شكل أفلام على يوتيوب واعلانات على الانترنت والاعلام الاجتماعي بدلا من الاعلانات التلفزيونية والحملات المكلفة الاخرى. ومن المنتظر أن تبدأ كوالكوم في أكتوبر تشرين الاول حملة علامات تجارية جديدة بالتزامن مع طرح أجهزة كمبيوتر لوحي وأجهزة أخرى تستخدم رقائقها والجيل التالي من منصة مايكروسوفت ويندوز. وقال تيم مكدونو نائب رئيس كوالكوم المسؤول عن تسويق معالجات الشركة من نوع سنابدراجون للاجهزة المحمولة انه في اطار تلك الحملة ستتقاسم كوالكوم الاعلانات مع المصنعين لعرض مزايا رقائقها. وقال بالهاتف: «سترى للمرة الاولى علامة سنابدراجون في أماكن أكثر بكثير. لكن المهم أن تظهر في أماكن يكون لها فيها قيمة لدى المستخدم كنقطة انطلاق. يقول المستهلك حاليا أنا مستعد لهاتفي التالي لكنني غير متأكد ماذا أشترى وأحتاج لبعض المساعدة». لم يفصح عن حجم ما تنوي كوالكوم انفاقه على الاعلان لمواجهة انتل التي دفعت العام الماضي لفرقة جيرلز جنريشن الكورية لعمل اعلانات تلفزيونية وأداء أغنية مكتوبة خصيصا لانتل. وفي اشارة الى اهتمامها المتزايد بلفت الانتباه الى العلامة التجارية أعادت كوالكوم تسمية ملعب لكرة القدم الامريكية في سان دييجو الى «استاد سنابدراجون» لبضعة أيام العام الماضي. ومما ينبئ بأن كوالكوم ترى في صناعة الكمبيوتر الشخصي نموذجا لحملتها التسويقية عينت الشركة في أغسطس رئيسا جديدا للتسويق هو أناند تشاندراسيكر الذي سبق له العمل مسؤولا تنفيذيا لفترة طويلة في انتل. ومع تحول ان.فيديا الاصغر بكثير لسوق الاجهزة المحمولة تطمح الشركة الى الاستفادة من شعبيتها بين هواة ألعاب الكمبيوتر المغرمين برقائقها للرسوميات المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر الشخصي. وينظم قسم التسويق النشط بالشركة مسابقات ويتواصل بدأب مع خبراء القطاع. وفي العام الماضي أنفقت ان.فيديا على الاعلان ما لا يزيد على 5ر9 مليون دولار وهو مبلغ لا يمكن أن يشتري أي شيء قريب من شهرة العلامة التجارية لانتل. لكنه يمكن أن يكسب ولاء مجموعة ضيقة لكن مؤثرة من الشبان. وقال أوجيش ديساي نائب رئيس ان.فيديا للتسويق التجاري: «تنفق انتل أموالا أكثر بكثير على علامة انتل بالداخل لكن نحن نحضر المناسبات وهواة الالعاب يأتون الينا وقد رسموا علامة ان.فيديا بالوشم على أجسادهم أو حلقوا شعر رأسهم على شكلها». وللاستفادة من شعبيتها بين محبي الالعاب أنشأت ان.فيديا « تجرا زون» وهي تشكيلة من الالعاب المعدلة كي تعمل على نحو أفضل على الاجهزة المحمولة التي تستخدم معالجات ان.فيديا تجرا. وتباهي اعلانات جهاز الكمبيوتر اللوحي جوجل نكسس 7 برسوميات مبهرة بفضل معالج ان.فيديا. وقال ديساي: «لا نستهل مسارنا بالسؤال /كم سندفع لكم كي تضعوا علامتنا هناك../ بل الامر أقرب الى/ هاكم كيف يمكن أن ندخل في شراكة لكي نصنع تجربة رائعة». وفي ظل ركود مبيعات الكمبيوتر الشخصي يرى المسؤولون التنفيذيون أن المستقبل للاجهزة المحمولة. وبحسب مؤسسة ستراتيجي أناليتيكس لابحاث السوق فان المبيعات السنوية للمعالجات المستخدمة في الهواتف الذكية والكمبيوتر اللوحي قد تصل الى 25 مليار دولار بحلول 2016 مقارنة مع تسعة مليارات دولار العام الماضي. ورغم قوة علامة انتل بالداخل فان استنساخها من الكمبيوتر الشخصي الى عالم الهاتف الذكي والكمبيوتر اللوحي الجديد لا يخلو من مخاطر. فالمنافسة في الاجهزة المحمولة شرسة. واذا فشلت انتل في تحقيق الاداء الفائق المرتبط في أذهان الناس مع «انتل بالداخل» فان شركة صناعة الرقائق قد تشوه صورتها الثمينة. وقال اندي سميث وهو موظف سابق في انتل شارك في حملة «انتل بالداخل» أواخر التسعينيات: «وضع علامة مكون داخلي على منتجك من الخارج ينبغي أن يكون مثل قيادة سيارة رياضية أي شيء تريد أن يراك الناس وأنت تفعله لانه أفضل .. لكن اذا كان الواقع أن الرقائق ليست رائعة فانه سيكون من الصعب عليهم تكرار الامر».