رغم إعلان أكثر من مئة فصيل من قوات المعارضة السورية المسلحة موافقتها على الهدنة المقرر أن تبدأ خلال ساعات، إلا أن العمليات العسكرية ما زالت على حدتها في معظم مناطق النزاع، حيث أفادت أنباء بوقوع ضربات جوية مكثفة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شرقي العاصمة السورية دمشق، فيما استمر القتال في معظم أنحاء غرب سوريا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان: إن ما لا يقل عن 26 غارة جوية وقصفا مدفعيا استهدفت بلدة دوما في منطقة الغوطة الشرقية التي يسيطر عليها مقاتلو معارضة قرب دمشق، وقال عمال إغاثة في المنطقة: إن خمسة أشخاص قتلوا في دوما وكتبوا أسماءهم في حسابهم على موقع تويتر. وتخشى المعارضة من أن يواصل نظام الأسد استهداف مقاتليها بحجة أنهم متطرفون. وعادة ما يستهدف الجيش السوري وحلفاؤه الغوطة الشرقية وهي معقل لجماعة جيش الإسلام، إحدى الجماعات الممثلة في الهيئة العليا للمفاوضات. وتحولت الغوطة الشرقية إلى منصة لشن هجمات بالصواريخ وقذائف المورتر على دمشق، وتضم الهيئة العليا للمفاوضات معارضين سياسيين ومسلحين للأسد وفوضتها الكثير من الجماعات التي تحارب في شمال وجنوب سوريا للتفاوض نيابة عنها. وقال فارس البيوش قائد جماعة فرسان الحق التي تحارب تحت لواء الجيش السوري الحر: "من جهتنا نحن نسعى لأن تكون هدنة حقيقية، وبهذه الشروط والجميع يعلم مدى التزام النظام وروسيا بالاتفاقيات". إلى ذلك، شنت قوات النظام بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية الكردية هجوماً على بلدة قبتان الجبل وقرية الشيغ عقيب في ريف حلب الغربي تحت غطاء كثيف من الطيران الروسي، وقد تمكنت قوات المعارضة من صد الهجوم وقتلت وجرحت العشرات من القوات المهاجمة ودمرت دبابة بصاروخ تاو، فيما قتلت عائلة من ثمانية أشخاص في بلدة قبتان الجبل إثر سقوط صاروخ فراغي على البلدة، كما شن الطيران الروسي غارات على خان العسل وعين جارة ودارة عزة وقرى الشيخ عقيل والسلوم وبابيص وكفر بسين أوقعت أحد عشر قتيلاً وعشرات الجرحى من النساء والأطفال، وفي السياق ذاته حاولت قوات سوريا الديمقراطية التسلل إلى قرية كفر خاشر في ريف حلب الشمالي تحت غطاء صاروخي ومدفعي من قوات النظام وصدتها قوات المعارضة. وفي ريف اللاذقية، كثف الطيران الروسي غاراته على قرى وبلدات جبل الأكراد ترافق مع محاولات قوات الأسد التقدم إلى بلدة التفاحية، ما أسفر عن تدمير دبابة لقوات النظام في محيط بلدة كنسبا، فيما تستمر الاشتباكات العنيفة بين الطرفين، بينما شهدت الحدود السورية التركية قرب مواقع الاشتباك مع جبلي الأكراد والتركمان تحليقاً للطيران التركي في إقليم هاتاي تحسباً لخرق يقوم به الطيران الروسي. وفي ريف حماة، أفاد ناشطون بأن ميليشيا مسلحة تابعة لقوات النظام ارتكبت مجزرة حين فتحت النار على حافلة تقل عمالاً عائدين من لبنان إلى ريف حماة عند قرية عاشق عمر في ناحية مصياف، وقتلت نحو خمسة وعشرين من ركابها بينهم نساء، وفي القلمون الغربي بريف دمشق اندلعت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي سرايا أهل الشام من جهة وقوات النظام ومليشيات حزب الله في جرود وجبال القلمون الغربي، حيث شنت عناصر سرايا أهل الشام هجوما على نقاط تمركز حزب الله ودمرت مضاداً للطيران، واستهدفت رتل مؤازرة بمنطقة الكسارات وتزامن ذلك مع قصف عنيف من راجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة التابعة للجيش اللبناني على الجرود لمؤازرة ومساندة الحزب. من جهتها، اعربت الرئاسة التركية أمس عن "قلقها الكبير" بشأن صمود وقف اطلاق النار الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد ساعات في سوريا بسبب استمرار القصف الروسي، وقال المتحدث باسم الرئاسة ابراهيم كالين خلال مؤتمر صحافي في انقرة: "ندعم مبدئيا وقف اطلاق النار. واضطلعت تركيا بدور ناشط في اتخاذ مثل هذا القرار"، غير انه ابدى في الوقت نفسه تشاؤمه بسبب "احداث وقعت في الماضي" حين استخدم نظام الرئيس السوري بشار الاسد اتفاقات هدنة سابقة مماثلة "لكسب الوقت"، واضاف: "اننا قلقون جدا بشأن مستقبل هذه الهدنة بسبب استمرار القصف الروسي وهجمات قوات الاسد على الارض". فيما رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس ان تسوية سلمية للنزاع في سوريا ستكون "صعبة"، لكن لا حل سواها. من جهة اخرى، اكد بوتين عزمه على مواصلة ضرب مقاتلي داعش وجبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا، "بلا هوادة"، علما بأن هذين التنظيمين مستبعدان من اتفاق وقف اطلاق النار. وقال بوتين خلال اجتماع مع قادة اجهزة الاستخبارات الروسية: "اننا نفهم وندرك تماما انها ستكون عملية صعبة بل حتى متناقضة ربما، لكن لا بديل عن السير في اتجاه تسوية سلمية" للنزاع. واوضح بوتين ان وقف اطلاق النار يهدف الى "الدفع في اتجاه تسوية سياسية للنزاع وتوفير الظروف من اجل ان تبدأ مثل هذه الآلية". غير ان بوتين توعد بمواصلة ضرب تنظيم داعش وجبهة النصرة والمنظمات الارهابية الاخرى التي يصنفها مجلس الامن الدولي كذلك، والمستبعدة من وقف اطلاق النار، وقال: "ان الكفاح ضد هذه المنظمات سيستمر بلا هوادة بالطبع، وآمل ان ينطلق شركاؤنا الاميركيون ايضا من هذا المبدأ".