أعتقد لو أراد واريس أهلواليا أن يكتب عن الإسلاموفوبيا، لن يكون في حاجة إلى شرح المصطلح، وتقصي دلالاته. يكفيه أن يبسط أمام الأعين تجربته، ففيها الشرح الضمني للمعنى وفيها الأمثلة، وعبرها تطل وجوه من بهم مس من الاسلاموفوبيا مثل المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب وغيره في الولاياتالمتحدة، وفي كل بقعة من العالم. ففي الثامن من فبراير الجاري، كان لأهلواليا مواجهة جديدة مع الاسلاموفوبيا، تجسدت في منعه من ركوب طائرة الخطوط المكسيكية المغادرة من مكسيكو سيتي الى نيويورك، حيث أوقفه موظفو الأمن الى ما بعد صعود جميع الركاب للطائرة. وخلال فترة احتجازه تعرض الى تفتيش دقيق وقاس ومذل، بدأ برفض طلبه أن يفتش في غرفة خاصة بعيدا عن أنظار الآخرين. جاءت حادثة إيقاف أهلواليا في مطار مكسيكو سيتي بعد خمسة أيام من زيارة الرئيس باراك أوباما (3 فبراير) لمسجد الجمعية الأمريكية في بالتيمور، وكانت أول زيارة رسمية يقوم بها لمسجد في الولاياتالمتحدة؛ التقى خلالها بجمع غفير من الامريكان المسلمين، وألقى خطاباً أدان فيه التطرف والاسلاموفوبيا، والصور النمطية للمسلمين كأرهابيين أو متعاطفين مع الارهابيين. وانتقد بِشدةٍ الخطابَ السياسي المُثقلَ برهابِ وكراهيةِ المسلمين، مؤكداً أنه لا يمكن التغاضي عنه أو التسامح مع أصحابه، مستهدفاً بنحو ضمني المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب وأمثاله في الحزب الجمهوري. وأشار الى أهمية المسلمين في النسيج الديموغرافي الفسيفسائي للمجتمع الامريكي، مؤكداً ذلك بقوله «انكم حيث تنتمون تماما. انتم جزء من امريكا. انتم لستم مسلمين أو أمريكان. انتم مسلمون وامريكان». المفارقة في حالة أهلواليا هي أن الاسلاموفوبيا كانت في انتظاره في المكسيك، التي يتمنى ترامب وغيره بالتأكيد أن يقيموا بينها والولاياتالمتحدة سداً منيعاً يمنع هجرة المكسيكيين إليها، ما يؤكد أن الاسلاموفوبيا ليست ظاهرة أمريكية، وناتجة عن تفجيرات 11 سبتمبر على وجه التحديد. إذا كان أهلواليا بلحمه ودمه أثار الكراهية والخوف في موظفي المطار في مكسيكو سيتي، فقبل ذلك بثلاث سنوات (2013) وفي مدينة نيويورك التي يقيم فيها، أثارت صورته أو ظهوره صورةً في اعلان كراهية وغضب العنصريين، الى درجة دفعت بعضهم الى تشويه بوستر الاعلان في احدى محطات مترو الانفاق في نيويورك بعبارات «توقف عن صنع القنابل» و «توقف عن سياقة التاكسي». وانتشرت الصورة المشوهة بالعبارات العنصرية المسيئة وتداولها الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتحت ضغط المطالبات بإزالة الاعلان، وعدت الشركة المُعْلِنة بإزالته، واستبدلت خلفية حسابها على «تويتر» بصورة الإعلان نفسه، في ايماءة تؤكد رفضها للعنصرية (الوطن نيوز). ربما تعرض أهلواليا لغير هذه الاساءات، ولا يستبعد تعرضه لغيرها في المستقبل، فليس ثمة ما يمنع تكرارها. وتدل بمجملها على أن الاسلاموفوبيا مزيج من الكراهية والرهاب والعنصرية، مصحوب أحياناً، وربما دائماً، بالعمى. فالذين أوقفوه في المطار، أو الذين تقيأوا غضبهم وعنصريتهم على صورته في الاعلان في نيويورك لم يدركوا أنه سيخي وليس مسلما؛ فواريس أهلواليا هو الممثل ومصمم الأزياء الهندي الأمريكي، السيخي الملتحي والمعمم، الذي رفض في المطار خلع عمامته على مرأى من الناس، لأن خلعها كالتعري على حد قوله.