نعول كثيرا على دور الصادرات السعودية في تنويع مصادر إجمالي الناتج الوطني، لكنها تواجه معوقات عديدة تحد من قوتها التنافسية في الأسواق العالمية، بل تقلص حصتها في السوق السعودية والأسواق الإقليمية المجاورة. واهم هذه العوائق التكلفة الإنتاجية المرتفعة والقصور في التسويق والتمويل الضروري للنمو والتوسع وامتلاك تكنولوجيا التصنيع، ناهيك عن الإجراءات البيروقراطية الحكومية. ولا يخفى على المتخصصين في بحوث المنافسة ضعف استثمار الشركات السعودية عامة في البحث والتطوير وسوء فهم احتياجات السوق والزبون والضعف الملحوظ في فهم ثقافة المجتمعات الأخرى التي تصدر اليها منتجاتها. يعد القطاع الخاص بشركاته الصناعية والخدمية في أي دولة مصدراً قوياً للنمو الاقتصادي، فهو مصدر للإبداع والابتكار الذي توليه معظم الدول اهتماماً كبيراً لأنه المحرك الأساسي للتنمية الصناعية الاقتصادية. فالقطاع الخاص يوفر الوظائف للكثير من المواطنين، وبالتالي يساهم في خفض معدل البطالة ويرفع مستوى جودة المعيشة والحياة. ويعتمد نمو شركات القطاع الخاص السعودي على قدرتها في المنافسة عالمياً في ظل العولمة التي لا تقف عند حدود. وتؤثر التغيرات العالمية المتلاحقة بشكل مباشر وقوي في نشاطات الشركات، ويتفاوت هذا التأثير من بلد لآخر لعدة أسباب أهمها القوة الاقتصادية للدول ومؤسساتها وشركاتها الصناعية والتجارية والخدمية ومدى تفاعلها مع المتغيرات البيئية المحلية والعالمية.، حيث هناك الدول وشركاتها التي تتفاعل مع التغيرات قبل حدوثها بوقت كاف بينما تتفاعل دول أخرى مع هذه المتغيرات بعد حدوثها مما يكون لذلك الأثر السلبي عليها. أما الدول وشركاتها التي لا تدرك ما يدور حولها من تغيرات فإنها لا تحرك شيئاً، بل ترضخ لما يفرضه عليها الأمر الواقع كما حدث لليونان. والمملكة من النوع الثاني الذي تتفاعل دوله مع المتغيرات بعد حدوثها مما يجعلها في مركز تنافسي ضعيف نسبياً مقارنة بتلك التي تحاول توقع التغيرات ومواجهتها بقوة واستدامة قبل حدوثها. ويعزى السبب في التفاعل البطيء لمزيج من نقاط الضعف في الرؤية الإستراتيجية والتسويق والجودة والكمية الإنتاجية والثقافة العالمية المتدنية لمدراء الشركات والضعف في مجال البحث والتطوير والتكلفة الإنتاجية العالية وغيرها من الأسباب التي لا يتسع المجال هنا للحديث عنها. تتنافس الشركات في أسواق السلع والخدمات على أسس مختلفة منها الجودة العالية والتكنولوجيا الإنتاجية المتقدمة والتكلفة الإنتاجية المنخفضة التي تعد من أكثر المعايير التنافسية في تحديد مدى هيمنتها على الأسواق. فالتكلفة الإنتاجية تحدد مستوى وقدرة الشركات على المنافسة للحصول على حصة تسويقية كبيرة تهيئ لها القيادة التنافسية، بحيث كلما زادت التكلفة الإنتاجية ضعفت قدرتها على المنافسة. وللعلم تزيد حصة الشركات في السوق عندما تتناقص تكلفة إنتاجها. وتستطيع الشركات تقليص تكلفتها الإنتاجية بعدة طرق منها تبني تكنولوجيا الإنتاج الحديثة التي تساعدها على الإنتاج بكميات كبيرة وبجودة عالية لأن التكنولوجيا القديمة تفتقر للكفاءة الإنتاجية التي يقصد بها استغلال الموارد المختلفة والداخلة في إنتاج السلع بطريقة مثالية وبحد أدنى من النفايات التي تعتبر موارد اساسية غير مستغلة، لكنها تدخل ضمن التكلفة الكلية للمنتجات. الكثير من الشركات الناجحة تعتبر الفاعلية الإنتاجية ميزة تنافسية تؤهلها للمراكز التنافسية المتقدمة مقارنة بالشركات المنافسة الأخرى. والحقيقة أن الإدارات في الشركات السعودية الصغيرة والمتوسطة تفتقر إلى فهم كل من الفعلية الإنتاجية والكفاءة الإنتاجية، حيث نرى نسبة كبيرة منها لا تهتم بالكفاءة الإنتاجية من خلال ما نلاحظه من النفايات والوحدات المنتجة التي تحت معايير الجودة العالمية التي تتبعها الغالبية العظمى من الشركات الناجحة. وتزيد الكفاءة الإنتاجية كلما زادت خبرات الشركات ووعي الإدارة بأهمية هذا المفهوم من الناحية العملية. ولقد أثبتت الدراسات المتخصصة في الإنتاج أن التدريب يساهم في خفض تكاليف الإنتاج لأنه يطور مهارات الموظفين ويزيد من كفاءتهم الإنتاجية التي تعد عاملاً مباشراً في تحسين الجودة الإنتاجية وتقليص التكلفة الإنتاجية عندما يستغل الموظف الموارد المتاحة الاستغلال الأمثل. فالدورات التدريبية تصقل مهارات العاملين وتحد من هدر الموارد بما فيها الوقت مما يساعد على تقليص تكاليف الإنتاج. وسأكمل هذا الموضوع بمزيد من التحليل لتقديم الحلول في الأسبوع المقبل إن شاء الله.