أظهر تقرير لمصلحة الإحصاءات والمعلومات أنها تتوقع وصول التعداد السكاني العام للمملكة العربية السعودية في العام 2025 إلى 37.61 مليون نسمة، بزيادة مقدارها 6 ملايين نسمة على مدى السنوات العشر المقبلة. تنقسم هذه الزيادة إلى زيادة في أعداد المواطنين بنحو 3.87 مليون مواطن بنسبة 63% من إجمالي الزيادة، بينما نصيب الوافدين من الزيادة يصل إلى 2.22 مليون نسمة، ممثلة 37% من إجمالي الزيادة. ولكن عند النظر إلى حجم الزيادة لكل فئة، فإن نسبة النمو في أعداد الوافدين ترتفع بمتوسط يصل إلى 2% سنويا، في حين أن المواطنين يزيدون بنسبة أقل تصل إلى 1.7% في المتوسط خلال نفس الفترة. وكافة تقديرات الزيادة السكانية أعلى بكثير من معدلات النمو السكاني العالمي التي تصل إلى 1.1% فقط. فنجد العديد من الدول تمر بسنوات انكماش في كتلتها السكانية لأعراض شيخوخة المجتمع، مثل اليابان، أو نظرا للمشاكل الاقتصادية التي تمر بها مثل اسبانيا. وعلى الرغم من التراجع في النمو الاقتصادي في السعودية بسبب انخفاض أسعار النفط، إلا أن الكتلة السكانية ستستمر بالنمو بسبب انخفاض متوسط أعمار المجتمع بحيث يشكل الشباب الكتلة الأكبر بأكثر من نصف المجتمع. الغريب في هذه التقديرات أنها تتنافى مع توجه الجهات الحكومية المسؤولة عن سوق العمل في تخفيض اعتمادنا على العمالة الأجنبية وإحلال المواطنين مكانها. فنجد أن نسبة الوافدين من إجمالي السكان سترتفع في نهاية فترة التقديرات في العام 2025 إلى 33.5%، في حين أنها تشكل اليوم 33%. ولا يوجد أي تبرير منطقي لمثل هذه الزيادة عدا إدماننا على العمالة الرخيصة، فأسعار النفط غير مرشحة للعودة للنمو إلى سابق عهدها، ما سينعكس بشكل مباشر على أداء الاقتصاد السعودي. السعودية بلد محدود الموارد، وكل فرد إضافي سيحتاج إلى خدمات إضافية تزيد من تكلفة الاستثمار في البنية التحتية التي تدعمها، ولذلك فمن الضروري إعادة النظر في هذه التقديرات التي تستند إلى الوضع الراهن والتي اعتقد أنها بنيت بدون أدنى تغيير على معطيات الاقتصاد أو حتى خطة التحول الوطني. فكل فرد جديد سيضيف إلى معدلات استهلاكنا العالية من الكهرباء والنفط، فالمياه لا تتوفر إلا عن طريق محطات التحلية الضخمة، كما أن الأجواء الحارة للبلاد تتطلب استهلاكا عاليا من الكهرباء لتلطيف الأجواء في مبان غير مجهزة لمواجهتها. كذلك فإن الاستثمارات في تطوير البنية التحتية لم تؤت ثمارها بتخفيض الهدر الهيكلي الناجم عن شبكات نقل المياه وافتقار المباني للعزل. مع أخذ كل ما سبق في الاعتبار، بالإضافة إلى استبعاد عودة سريعة لأسعار النفط إلى أسعار تولد الفوائض الضخمة التي اعتاد عليها الاقتصاد السعودي، فمن المهم أن تشمل خطة التحول الوطني هدف الحد من النمو السكاني. وأقل ما يمكن فعله هو تحديد سقف لنسبة مكون الوافدين من إجمالي عدد السكان.. فالحكومة في خططها لدعم نمو الاقتصاد تستهدف رفاهية مواطنيها بالأساس، وليس خلق المزيد من الوظائف للعمالة الرخيصة. السعودية بلد محدود الموارد وكل فرد إضافي سيحتاج إلى خدمات تزيد من تكلفة الاستثمار في البنية التحتية التي تدعمها