رجح المختص في الشأن الليبي، الباحث التونسي رافع الطبيب، أن يكون التدخل العسكري الغربي في ليبيا لضرب تنظيم داعش الارهابي المتمركز حول حقول النفط في شكلين، أولهما قصف جوي محدد الاهداف والاشخاص هدفه تدمير البنية التحتية للدواعش، لن يمثل خطرا على أمن تونس خاصة وان مناطق تمركز الدواعش في الشرق الليبي بعيدة عن تونس، وأضاف في تصريح ل"اليوم": إن التدخل العسكري بهذه الصيغة، سيزيد من تفجر الوضع الليبي، كما سيجر العديد من المجموعات القبلية والميليشات الى حروب أهلية في منطقة الشرق، حيث تتمركز داعش، وبالتالي سيزيد من تفجر الوضع، وهو ما سيدفع بالخاسرين في المعارك، الى اللجوء بشكل عشوائي وكثيف الى طرابلس حيث اهلهم واقاربهم. وأما الشكل الثاني للتدخل الغربي، والذي سيكون وبالا على تونس، فرجح رافع الطبيب أن يشمل تأمين المنشآت النفطية ومصالح القوى الغربية، مع القيام بعمليات انزال بمشاركة قوات برية وبحرية، خاصة بعد اعلان ايطاليا نيتها المشاركة في العملية، وهي التي ترى في خليج سرت بوابتها للعودة الى ليبيا، ناهيك عن توجيه ضربات الى طرابلس. واعتبر المختص في الشأن الليبي أن الطامة الكبرى على تونس ستكون حال حدوث هذا السيناريو الذي سيدفع بالعديد من الليبيين الى النزوح لتونس، مشيرا الى أن هذا النزوح سيتمخض عنه مشاركة الليبيين الذين يملكون نفوذا في المعادلة السياسية التونسية. وفي هذا السياق، ذكر رافع الطبيب أن الحل يكمن في توفير منطقة آمنة في التراب الليبي، تحت حماية أممية، لا في فتح الحدود أمام عدد هائل من اللاجئين الذين تندس بينهم العناصر الارهابية. ورغم تصريحات أمريكية سابقة تنفي احتمال التدخل العسكري في ليبيا، فقد أبدى الرئيس التونسي قلقه الخميس الماضي من وجود هذا الاحتمال، وطالب بالتشاور مع تونس قبل اتخاذ القرار، ذلك أن تونس ستكون أول المتضررين. وفي شأن متصل، قال رالف شالين، عضو مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة: انه لن يتم اللجوء إلى إقامة مخيمات على الحدود التونسية الليبية، حال تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الليبيين إلى تونس، في ظل تواتر أنباء عن تدخل عسكري محتمل في الدولة الجارة، وقال شالين: "حتى الآن لا نعرف هل سيكون هنالك لاجئون أم لا، ولا نعلم العدد الذي من الممكن أن يدخل إلى تونس، ولكننا لن نعيد تجربة إقامة مخيم للاجئين، وسيتم إيواء النازحين المحتملين داخل المناطق السكنية التونسية". وفي السياق ذاته، قال منجي سليم، رئيس الفرع الجوي للهلال الأحمر التونسي في مدنين: إن "هنالك اتفاقا على عدم إعادة تجربة بناء المخيمات للاجئين، وأضاف: إنه "لا توجد لدينا الآن إمكانيات كافية لمواجهة أعداد كبيرة من اللاجئين، إذ يمكننا فقط إيواء 500 لاجئ لا غير، ونطالب بتوفير الدعم اللازم من المنظمات الدولية". من جهته وفي تصريح ل "اليوم"، لم يخف الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر التونسي للإغاثة الدكتور الطاهر الشنيتي خشيته من تدفق أعداد هائلة من اللاجئين على الحدود التونسية "هرباً من الضربات الجوية الغربية من جهة، ومن بطش التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى"، لاسيما وأن تونس التي عاشت سيناريو مماثلاً في 2011 واستقبلت مئات الآلاف من النازحين الليبيين والأفارقة، "ليست لها الآن ذات الإمكانيات في سنة 2016 بسبب تدهور الوضع الاقتصادي من جهة والأمني من جهة أخرى، وهو العامل الأخطر". واعتبر الشنيتي أن أغلب اللاجئين الذين استقبلتهم تونس إبان اندلاع الثورة في ليبيا 2011 كانوا من جنسيات أفريقية، ومثلت لهم تونس أرض عبور وليست أرض استقرار، "في حين أن نوعية اللاجئين الذين ستستقبلهم تونس الآن يرجح أن يكونوا من سكان ليبيا المنحدرين من طبقات اجتماعية متوسطة وفقيرة، كما أنهم سيلجؤون لتونس بشكل دائم، وهنا يكمن الإشكال"، كما يقول. كما أشار الشنيتي إلى أن وضعية المواطن التونسي "الذي فتح بيته ذات يوم لآلاف الأسر الليبية ومد يد العون لهم، يشكو الآن من تدهور قدرته الشرائية في ظل غلاء الأسعار وتفاقم أزمة البطالة وتأجج الأوضاع الاجتماعية في المناطق الحدودية".