قبل عدة أيام قام أحد الزملاء بتجديد بوليصة تأمين لسيارته موديل 2011م. والسيارة ليست رولز رويس, ولكنها سيارة عادية قد لا تصل قيمتها لو بيعت في السوق إلى أكثر من (50) ألف ريال. وقد كان ضمن من تم قيدهم لقيادتها أحد أبنائه تحت عمر (25) سنة. ولكن في نهاية المطاف دفع مبلغا قدره حوالي عشرة آلاف ريال. أي بمعنى آخر, كان من الممكن أن لا يقوم بتجديد التأمين لأن قيمة التأمين كبيرة وسيكون أكثر من قيمة السيارة خلال ثلاث سنوات بعد حساب ما يسمى (تآكل القيمة). وسبب ارتفاع قيمة التأمين كما ذكرها الموظف هو زيادة عدد الحوادث فيما يخص السيارات التي يقودها الكثير من الشباب. وإلى هنا لا يوجد لدي أي اعتراض إن كانت الشركات الكبرى تتابع بدقة عدد الحوادث وأثرها على عملياتها المالية. ولكن المشكلة تكمن في تصريح سبق أن سمعناه تكرارا ومرارا بأن نسبة الحوادث قد قلت بحوالي 30 بالمائة بعد أن تم تعميم نظام ساهر. والسؤال هو: لماذا لم تنقص قيمة بوليصة التأمين بنفس النسبة بدلا من الزيادة الكبيرة في سعر التأمين على السيارة؟ بالطبع لا نشك في أن طرقنا أصبحت الأكثر خطورة ونسبة الوفيات والإصابات جراء الحوادث بدأت تشكل هاجسا وطنيا وأمنيا. وأصبحت الحوادث أحد أكثر الأسباب التي تستنزف موارد مستشفياتنا. إضافة لكون الخسائر المادية تصل إلى عشرات البلايين من الريالات التي من الممكن أن يستفيد منها المواطن في مشاريع من الممكن ان تحسن جميع الخدمات العامة. ولكن اصبح المواطن الذي يتبع أنظمة المرور ويقود سيارته بكل أمان هو ضحية غلاء بوليصات التأمين في وقت الكثير من المواطنين يملكون أكثر من سيارة بسبب الحاجة لذلك. وهذا يعني أن أي مواطن لديه ثلاث سيارات غير فارهة فمن الممكن أن يكون ما يدفعه يعتبر جزءا كبيرا من مرتبه في وقت أصبح فيه الاقتصاد والترشيد في الاستهلاك أمرا ضروريا. وأكثر من ذلك هو أن نسبة الزيادة لا تأخذ في الحسبان سجل السائق. لماذا لا يكون هناك آلية في تخفيض تدريجي لأي سائق لا تتعرض مركبته لأي حادث خلال فترة محددة. ففي وقتنا الحالي أصبح المواطن بين مطرقة ساهر وسندان التأمين ليكون جزء من دخله الشهري يذهب إلى ساهر وشركات تأمين المركبات. وما أقول ليس للاعتراض على أي قوانين أو خطط لتخفيف عدد الحوادث, ولكن الواقع يقول إن مهمة ساهر التقاط سرعة سيارة تزيد فوق السرعة القانونية في وقت لا نرى فيه المرور يعطي أي مخالفة لأي قائد مركبة يقوم بالتجاوز بصورة خاطئة وخطيرة. وفي نهاية العام يكون المواطن قد دقع قيمة تأمين ومخالفات ساهر بقيمة تفوق إيجار منزله الذي يسكنه إن كان من طبقة المستأجرين. وهناك طرق كثيرة لتخفيف عدد الحوادث بحول الله ومشيئته, ولكن بودنا أن نرى سيارات مرور أكثر من سيارت ساهر.