سجلت أسعار «بوليصات» تأمين السيارات زيادة كبيرة بلغت 60 في المئة خصوصاً للتأمين الشامل، وبحسب خبراء في مجال التأمين فإن ارتفاع الأسعار يأتي تصحيحاً لمسار سوق التأمين وسيستمر لأعوام عدة، خصوصاً أن الأسعار القديمة كبّدت الشركات العاملة في السوق خسائر كبيرة خلال الأعوام الماضية. وقال خبير التأمين الدكتور أدهم جاد ل«الحياة»: «إن ارتفاع أسعار التأمين على السيارات جاء نتيجة لعدد من الأسباب من أبرزها تكبد شركات التأمين خسائر كبيرة في الأعوام الأخيرة». وأشار إلى أن الخسائر التي تراكمت على شركات التأمين جاءت نتيجة لحرب الأسعار بين الشركات على بوليصة تأمين السيارات، لاسيما في نقطة التأمين على الطرف الثالث. وأضاف: «عام 2013 شهد العديد من الكوارث، منها حادثة انفجار شاحنة الغاز، إضافة إلى السيول والفيضانات التي شهدتها بعض مناطق السعودية، ما أسهم في ارتفاع معدلات حوادث السيارات وبالتالي تضاعفت خسائر شركات التأمين، والتي ظهرت نتائجها على السوق في العام 2014. ووفق جاد فإن ارتفاع أسعار التأمين على السيارات لا يتوقف على هذا، فهناك قرار رفع ومضاعفة قيمة الدية الشرعية، مضيفاً: «كما جاء قرار مؤسسة النقد الذي نص على إلزام شركات التأمين بدرس سوق تأمين السيارات من خلال خبراء اكتواريين، واستعانت الشركات بخبراء من خارج السعودية ليس لديهم خلفية كبيرة بسوق التأمين المحلية». ونوّه إلى أن الدراسات كانت تهدف إلى إعادة تقويم أسعار بوليصات التأمين في السعودية، وبنيت على أساس الخسائر التي تكبدتها الشركة والأقساط التي تعوض تلك الخسائر بهدف ضمان استمرار الشركات العاملة في مجال التأمين من دون مراعاة معدلات الأسعار في الأعوام الماضية والثقافة التأمينية لدى السعوديين. ورأى أن ما يحدث حالياً في سوق التأمين على السيارات في السعودية هو تضخم لأسعار وليس ارتفاعاً، وقال: «هناك موجة من تضخم أسعار بوليصات التأمين وصلت إلى 60 في المئة في التأمين الشامل للسيارات». وعزا سبب هذا التضخم إلى أخطاء في الدراسات التي قدمها خبراء التسعير والتقويم للعمليات المالية في شركات التأمين والذين يطلق عليهم مسمى «اكتواريين». وحول تلك الأخطاء، قال: «من تلك الأخطاء رفع قيمة بوليصة التأمين الشامل على السيارات بمعدلات كبيرة في حين أن بوليصة تأمين الطرف الثالث لم ترفع إلا بنسبة 10 في المئة». ونوّه بأن الأفراد والمؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة هم الأكثر تضرراً بارتفاع الأسعار، في حين أن الشركات الكبيرة التي تملك أسطولاً كبيراً من السيارات لم تتأثر بالأسعار الجديدة، إذ لا تزال تتمتع بالأسعار المنخفضة. وأكد أهمية وجود رقابة صارمة على أداء شركات التأمين من الجهات المعنية ممثلة بهيئة السوق المالية ومؤسسة النقد السعودي، وقال: «هناك خسائر تكبدتها شركات التأمين من الناحية التشغيلية تتمثل بارتفاع المصاريف بشكل كبير، مثل بند رواتب الموظفين الذي تزايد لاجتذابهم من شركة إلى أخرى، إضافة إلى دفع رواتب ضخمة لغير ذوي الكفاءات في المجال». وتابع: «هناك مصاريف أخرى دُفعت في مقابل افتتاح فروع جديدة، وبند الدعاية والإعلان والعلاقات العامة والمؤتمرات والتي لم تسهم في تطوير القطاع بأي شكل من الأشكال»، مشيراً إلى أهمية شمول الرقابة لأعمال شركات التأمين من الناحية التشغيلية والفنية كذلك. من جانبه، أوضح عضو اللجنة الوطنية للتأمين في مجالس الغرف التجارية الصناعية السعودية عبدالعزيز أبوالسعود في حديثه ل«الحياة»، أن هناك عوامل عدة أسهمت في رفع الأسعار، أبرزها رفع قيمة الدية، وارتفاع معدلات الخسائر في عام 2013، والتي انعكست على 2014، منوهاً في الوقت بأن ارتفاع الأسعار سيستمر في الفترة المقبلة. وفي المقابل، أشار مدير تأمين السيارات في الشركة العربية السعودية للتأمين التعاوني ماجد المويشير في حديثه ل«الحياة» إلى أن ارتفاع أسعار التأمين على السيارات ليس ارتفاعاً، بل تعديل لأسعار الخدمات التي تقدمها شركات التأمين وقال: «جاء هذا التعديل بعد تدخل مؤسسة النقد للحد من تكبد شركات التأمين المزيد من الخسائر والتي نتجت بسبب حرب الأسعار في ما بينها». ونوّه بأن ارتفاع معدلات الخسائر لبعض شركات التأمين هدد بتصفيتها وخروجها من السوق. وزاد: «ما يجري في سوق التأمين هو تصحيح تم على أيدي خبراء اكتورايين من خلال دراسات متكاملة عن سوق التأمين السعودية، لاسيما وأن الإشكال الحقيقي كان في انخفاض أقساط التأمين في التأمين الإلزامي، في مقابل ما تدفعه الشركات على السيارات المؤمن عليها». التأمين الإلزامي على سيارات الأجرة تضاعف 10 مرات أوضح مدير تأمين السيارات في الشركة العربية السعودية للتأمين التعاوني ماجد المويشير، رداً على سؤال عن معدلات ارتفاع أسعار بوليصات التأمين على السيارات، أن هناك ارتفاعاً كبيراً في المعدل والذي في الغالب يتم وضعه بناء على قيمة السيارة ومعدل المخاطرة. وقال: «على سبيل المثال بوليصة التأمين الإلزامي على سيارة الأجرة كانت لا تتجاوز في السابق 300 ريال، أما الآن فقيمتها تراوح بين 3 و4 آلاف ريال بسبب ارتفاع معدل المخاطرة لسيارات الأجرة». واستبعد المويشير أن تكون الحوادث والكوارث التي حدثت في 2013 سبباً في ارتفاع معدلات الخسائر في شركات التأمين، مشيراً إلى أن القرارات التصحيحية التي اتخذتها مؤسسة النقد خصوصاً في ما يتعلق بنقل السجل التأميني للعميل في حال رغبته تغيير شركة التأمين أسهم بشكل كبير في خلق وعي وثقافة تأمينية لدى المواطنين. وأضاف: «في حال كان العميل له سجل تأميني سيئ فإن هذا سيرفع من بوليصة تأمينه باعتباره عميلاً مكلفاً، وذلك أسهم في محافظة العميل على سجله وأصبح لديه ثقافة في التعامل مع التأمين». وشدد على أن الفترة الزمنية لتصحيح الأسعار بحسب قرار مؤسسة النقد هي ثلاثة أعوام.