شارك فريق المواد المتقدمة من مركز أرامكو للأبحاث في بوسطن، مؤخرًا، في مؤتمر ومعرض الخريف اللذين تنظمهما جمعية بحوث المواد الأمريكية. وتأتي هذه المشاركة لمواكبة توجه أرامكو السعودية لابتكار أساليب جديدة لمعرفة الطاقات الكامنة للمواد الهيدروكربونية، والانتقال بالكيمياء التقليدية إلى مستوى جديد، خصوصاً أن الاجتماع والمعرض يُعدَّان بين أبرز المناسبات في مجال التكرير والمعالجة على مستوى العالم. البحث عن إجابات وشهد المؤتمر طرح عدة أسئلة علمية في هذا المجال، مثل كيف يمكننا نزع الغاز المر أو غير المرغوب فيه أثناء عملية الاستخلاص؟ وهل نبتكر مواد تساعد على فصل المواد الهيدروكربونية الثقيلة عن الغاز لتحقيق أعلى مستويات الاستخلاص؟ هل نطوّر مواد مقاومة للتآكل ترتقي بأداء المواد لأعلى المستويات الممكنة؟ هذه الأسئلة وغيرها يعمل على دراستها فريق التكرير والمعالجة والتسويق الذي يسعى لتعزيز طرق جديدة في التكرير والتقنية ضمن سلسلة جهود تهدف إلى رفع مستويات استخلاص النفط والغاز. وأكد مسؤولون في فريق المواد المتقدمة في بوسطن أن هناك العديد من الفرص المتاحة للشركة في مجال الطاقة لاستخدام مواد جديدة لتعزيز فعالية أعمالها وزيادة قيمة مواردها الهيدروكربونية بطرق أكثر نظافة واستدامة. واستعرض باحثون من أرامكو السعودية خلال مشاركتهم في هذا الاجتماع، دراساتهم في مجال المواد المبتكرة بما في ذلك أغشية فصل الغاز والبوليمرات المتقدمة والمواد الجزيئية الكبيرة وطرق زيادة معدل التغيرات الكيميائية بإضافة مادة مُحفِّزة. وتكتسب موضوعات البحوث أهميتها عند فهم التطبيق المباشر لها في أعمال أرامكو السعودية. فعلى سبيل المثال، يُعَد كلٌ من الترشيح أو الإزالة الإضافيين لكبريتيد الهيدروجين غير المرغوب فيه، المعروف على نطاق أوسع بالغاز المر، مفيدًا خلال الإنتاج، حيث يسبب كبريتد الهيدروجين الكثير من التآكل، في حين أن ابتكار مادة شبيهة بالمرشح ستقلل من هذا التلوث في الغاز. كما أن ابتكار مواد مقاومة للتآكل تتحمل الضغط العالي ودرجات الحرارة المرتفعة والمواد الملوثة ستعود بالنفع على المعدات والأعمال الميدانية. الكفاءة الفنية قدّم أعضاء فريق المواد المتقدمة ثلاثة بحوث ضمن البرنامج الفني لجمعية بحوث المواد. وشرح ممثلو مركز أرامكو للأبحاث في بوسطن الجوانب الفنية لبحوث المواد المتقدمة مثل خصائص التكوين، والمعالجة، والأداء خلال المعرض. وتميَّز جناح معرض هذا العام بالنموذج الأولي الذي أُعِد بالتنسيق مع مركز البحوث في بوسطن والمصمَّم لإبراز تركيز أرامكو السعودية على التقنية، حيث تم إنتاج 11 مكعبًا تُضاء بمصابيح الصمامات الثنائية (LED) وتُظهِر عرضًا ثلاثيَّ الأبعاد للمواد المتقدمة بما فيها تلك التي يتصورها أو التي يعكف على ابتكارها الباحثون في شبكة مراكز أرامكو السعودية البحثية العالمية. وقال مدير الأبحاث والتطوير في شركة خدمات أرامكو، الأستاذ أشرف الطحيني: "يُشير الحضور القوي في هذا المؤتمر إلى أبحاثنا المستمرة في مجال المواد المتقدمة والسوائل بالغة الدقة. كما أن تكريمنا من قِبَل جمعية بحوث المواد والأوساط العلمية في بوسطن يُعد دليلًا آخر على قوة البرنامج العالمي المتنامي للبحوث والتطوير وكيفية مساهمته بشكل بارز في نجاح الشركة المستقبلي". كما أن هذا المؤتمر الفني المتخصص كان فرصة لتقدم أرامكو السعودية تجربتها البارزة بين صفوف نظرائها في المواد والكيميائيات الذين يُجرون أحدث الأبحاث في علوم المواد من مختلف المجالات مثل الطب، والطاقة، والتصنيع البالغ الدقة بالإضافة إلى أعضاء من المؤسسات الأكاديمية. قوة النانو أحد الأسئلة التي تم طرحها خلال الاجتماع كان كيف يمكن أن تساعد التقنية البالغة الدقة في استخراج كميات أكبر من النفط والغاز من باطن الأرض؟ ولإعطاء فكرة حول هذا الموضوع فإن باحثي المركز يعملون على مقياس صغير للغاية – على المستوى الجزيئي، بمواد قياسها نانومتر واحد، أي ما يعادل واحد على مليون من المتر. ويرى رئيس فريق هندسة المكامن في بوسطن، مارتن بويتزش، أنهم يُسهِمون في التقدم الذي تحرزه أرامكو السعودية في مجال الروبوتات الدقيقة والأجسام المتناهية الصغر من أجل الحصول على إمكاناتٍ أفضل لمراقبة المكامن وتصويرها في قطاع النفط والغاز. ويقول "بويتزش": "تتضمن التطبيقات، التي نعكف على تطويرها، أجسامَ تَتَبُّعٍ بالغة الدقة والتطوّر، تم تصميمها لزيادة أو تعزيز عوامل الاستخلاص في المكامن الهيدروكربونية في المملكة العربية السعودية". وقد ركّز فريقه، من خلال العمل الوثيق لمساندة فريق الاستشعار الموضعي في مركز الأبحاث المتقدمة في مركز التنقيب وهندسة البترول، على أنواع الطلاء الجديدة أو الخلطات الخاصة لتطوير قدرات رسم الخرائط. وأوضح أن أنواع الطلاء والمواد الجديدة تخضع للفحص بحيث تصبح للمجسّات التي تُطلق في الآبار قدرات رسم خرائط أكثر تطورًا. فعلى سبيل المثال، تُعَد معرفة التكوينات الجيولوجية مثل ممرات الصدوع أمرًا مفيدًا لتحسين الإنتاج والاستخلاص أو قد تكون المجسّات التي تستطيع تصوير سوائل التكسير مباشرة مهمة لمراقبة التكسير الهيدروليكي الناجح. وجاء الاجتماع فرصة للباحثين للقاء موردي المعدات ليطّلعوا على أحدث معدات المختبرات مثل تقنية التصوير بالأشعة تحت الحمراء المتقدمة. وكانت مبادرة التقنية المتناهية الصغر الوطنية الأمريكية، التي تأسست عام 2000م، قد توقّعت أن التقنية المتناهية الصغر ستصبح صناعة بقيمة تريليون دولار بحلول عام 2015م، حيث ستأتي أكبر مساهمات التقنية المتناهية الصغر من المواد، وتتمثل آفاق ذلك في تطبيق الأبحاث والتطوير على مجموعة كبيرة من الصناعات. وتساهم أرامكو السعودية، في جمعية أبحاث المواد، في هذا النقاش المهم الذي يتناول كيفية استخدام المواد المبتكرة والعالية الأداء في ابتكارات الطاقة.