قمت مؤخراً بمقارنة بسيطة بين أهم تصنيفات الجامعات المختلفة، وركزت فيها على النتائج بغض النظر عن العناصر التي استخدمت في التصنيف. والتصنيفات التي قارنتها شملت أشهر ثلاثة وهم كيو إس (QS) وتايمز (Times Higher Education) وشانغهاي (ARWU)؛ ولم أنظر إلى تصنيف ويبو ميتركس (Webometrics) الشهير، لعدم تعلقه بمستوى الجامعة التعليمي أو البحثي، وإنما بتوفر المحتوى على موقعها الإلكتروني. مع الاختلاف الكبير في ترتيب بعض الجامعات نظراً لاختلاف الطرق المتبعة لكل من التصنيفات، إلا أن الاتفاق على أفضل جامعات العالم كبير وملاحظ. ولعل معظم القراء لن يستغرب إذا قلت إن التصنيفات تتفق على 7 من أفضل 10 جامعات، وهم جامعات هارفارد (Harvard) ومعهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) وستانفورد (Stanford) ومعهد كاليفورنيا للتقنية (CalTech) وجامعة شيكاغو الأمريكية، وأعرق جامعتين في بريطانياأوكسفورد (Oxford) وكامبريدج (Cambridge)؛ مع اختلافات في ترتيبهم في كل قائمة من الثلاث. وهي نفس الجامعات التي تظهر في قوائم العام الماضي، مع استبدال جامعة شيكاغو (Chicago) بجامعة برينستون (Princeton). أما الجامعات الثلاث الأخريات من أفضل 10 فتختلف بين التصنيفات ولكنها لا تنزل عن أفضل 30 جامعة في التصنيفين الآخرين. وهذه النتائج بحد ذاتها تعطي بعض الثقة بنتائج هذه التصنيفات بعموم، وإن اختلفت بعض التفاصيل، ومجموع نتائج التصنيفات عبر السنوات يعطي صورة واضحة لمستوى الجامعة الحقيقي. مع الأخذ بعين الاعتبار أن العناصر المستخدمة في التصنيف ووزنها فيه يختلف لكل من التصنيفات، مثل حجم الجامعة وتنوع تخصصاتها، والزيادة في رواتب خريجيها، وكمية وجودة الأبحاث. ولذلك نجد أن جامعة مثل جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UC San Francisco) حصلت على ترتيب 18 في تصنيف شانغهاي، بينما ليست من ضمن أفضل 400 جامعة بحسب التصنيفين الآخرين، وذلك لتخصصها في الدراسات العليا في المجالات الطبية فقط. من النتائج المثيرة للاهتمام أن التصنيف الأشهر للجامعات الأمريكية والصادر عن جريدة الأخبار الأمريكية (US News) وتصنيف الجامعات البريطانية الصادر عن جريدة الجارديان (Guardian) وكلاهما يعتمد بشكل كبير على استفتاءات واستطلاعات رأي، يتفقان مع الجامعات السبع الآنفة الذكر، وتظهر في أعلى كل منهما جامعات محلية لا تظهر من ضمن أفضل الجامعات في التصنيفات العالمية، مثل كلية دارتموث (Dartmouth College) وهي إحدى جامعات النخبة الأمريكية الشهيرة ب"آيفي ليج"، والتي حازت على المركز 12 بين الجامعات الأمريكية ولكنها ليست ضمن أفضل 100 جامعة عالمية بحسب التصنيفات الثلاثة. أما إذا نظرنا إلى أفضل 50 جامعة على مستوى العالم في كل من التصنيفات، فنجد مجموع 76 جامعة بعد حذف المكرر. منها 37 جامعة أمريكية، و10 بريطانية، و5 أسترالية، و4 جامعات لكل من الصين وفرنسا، و3 كندية، وجامعتين لكل من ألمانيا واليابان وسويسرا وكوريا وسنغافورة، وجامعة واحدة لكل من الدنمارك والسويد وبلجيكا. وتتضح ريادة أمريكا الشمالية للتعليم الجامعي بحصة الأسد 40 جامعة، بينما تأتي أوروبا في المركز الثاني ب21 جامعة، وصعود شرق آسيا ب10 جامعات؛ بينما كان المجموع في العام الماضي 72 جامعة بتوزيع جغرافي مشابه، بوجود 37 جامعة من أمريكا الشمالية، و20 أوروبية، و10 شرق آسيوية، و5 أسترالية. ويظهر كذلك تراجع العديد من الجامعات الأوروبية العريقة، في ألمانيا وفرنسا هولندا وغيرها والتي كانت يوماً ما تعتبر من أفضل جامعات العالم؛ وليس من الغريب أن نجد ترابطا بين مستوى الجامعة مع عمرها وحجم أوقافها، لكنها ليست بحد ذاتها العوامل المسببة لجودتها. ووجود أربع جامعات صينية دليل على مدى اهتمامهم بتطوير التعليم، ومن الجدير بالذكر أن نصفها في هونج كونج. ولكن دخول جامعتين من بكين في قوائم أفضل جامعات العالم إنجاز كبير، خاصة إذا ما لاحظنا عدم وجود أي جامعة هندية؛ والتي تماثلها في شدة المنافسة على القبول في أفضل الجامعات؛ فمن حيث معيار صعوبة القبول في الجامعة تكون الجامعات الهندية والصينية الأفضل في العالم على الأرجح. وللموضوع بقية بإذن الله.