يلاحظ اليوم الاعتماد على التقييمات الموضوعية القائمة على الحقائق لا الآراء الشخصية، لذا نلاحظ تنوعا في هذه التقييمات التي شملت تقييما وتصنيفا للعلماء والباحثين، ومراكز البحوث، والمطارات، والمستشفيات، والدول، والأغذية والمشروبات، والماركات التجارية، والمطاعم، والسواحل، والسلطات، والطائرات، والخطوط الجوية... إلخ. لابد لنا أولا أن نتعرف على سر الاهتمام الواسع والمفاجئ خلال السنوات العشر المنصرمة بموضوع ترتيب (تصنيف) الجامعات حول العالم سواء على المستوى الوطني، أو الإقليمي، أو القاري أو العالمي؟ وللإجابة عن هذا السؤال لا بد لنا من أن نبين بأن المستفيد الأول من هذه التصنيفات هم الطلاب الذين يسعون لدخول الجامعة، إذ تمكنهم هذه التصنيفات من اتخاذ قرارات ذكية، وانتقاء الجامعات الأنسب والأفضل لقدراتهم، والجامعة الأفضل تعني فرصة أفضل للعمل لاحقا في أحسن المؤسسات العالمية. ويعتمد على هذه التصنيفات بالدرجة الثانية الأساتذة والباحثون الجامعيون لانتقاء الجامعة الأفضل، ومعرفة أفضل الجامعات حسب حقول المعرفة أو حسب التخصصات. كما تساعد هذه التصنيفات الحكومات على النهوض بالاقتصاد اعتمادا على المعرفة والابتكارات والمهارات المكتسبة. لابد لنا أن نعرف أولا أن التصنيفات المعتمدة اليوم لتصنيف الجامعات المختلفة يمكن أن تشمل مختلف اختصاصات الجامعة دفعة واحدة، كما يمكن تصنيف الجامعات وفقا لحقول المعرفة ممثلة في الحقول التالية: العلوم الطبيعية والرياضيات (Natural Sciences and Mathematics)، الهندسة/ التكنولوجيا وعلوم الحاسوب (Engineering / Technology and Computer Sciences)، وعلوم الحياة والزراعة (Life and Agriculture Sciences) والطب السريري والصيدلة (Clinical Medicine and Pharmacy)، والعلوم الاجتماعية (Social Sciences). ويمكن أن يقوم الترتيب (تصنيف) للجامعات على أساس التخصصات التالية: الرياضيات (Mathematics)، الفيزياء (Physics)، الكيمياء (Chemistry)، علوم الحاسب الآلي (Computer Science)، الاقتصاد/ الأعمال (Economics/Business). وتتضمن هذه التصنيفات النظر إلى معايير ومؤشرات تتعلق بحجم البحوث المنجزة من قبل الباحثين في الجامعة، ومستوى التدريس، ومستوى العاملين وإنتاجيتهم، والتنوع في جنسيات الطلبة، إذ تلعب كل هذه العوامل دورا حاسما في المرتبة التي تحصل عليها كل جامعة ضمن الترتيب العالمي لجامعات العالم. أما كم البيانات التي تقوم عليها هذه التصنيفات فهو كم هائل قد يتضمن تحليلا لخمسين مليون اقتباس (Citations) للبحوث وتحليل ما بين خمس إلى ستة ملايين بحث منشور ومائة ألف معلومة تتعلق بالجامعات، وعدد كبير من المؤشرات (Indicators) الخاصة بكل جامعة، وبطبيعة الحال فإن عملية التحليل لهذا الكم الهائل تعتمد على أنظمة حاسوبية كبيرة ولا يُعتمد على التحليل اليدوي. لذا فهذه التصنيفات تقوم على أسس موضوعية ولا دخل لها بالآراء الشخصية. وهنا تلزم الإشارة إلى وجود ثلاثة تصنيفات مشهورة ومعتمدة عالميا لتصنيف (ترتيب) الجامعات، فالأول يُدعى تصنيف (ترتيب) شنغهاي (Shanghai Ranking) الذي يمثل محور موضوعنا هذا، والثاني تصنيف بريطاني يُدعى تصنيف كيو أيس لترتيب جامعات العالم (QS World University Rankings) المعروف عالميا والموجود ضمن الموقع الإلكتروني (http://www.topuniversities.com/university-rankings/world-university-rankings). ووفقا لهذا التصنيف فقد احتلت جامعة الملك سعود (http://ksu.edu.sa) المرتبة الأولى سعوديا وعربيا والمرتبة 197 على المستوى العالمي، واحتلت جامعة الملك فهد للبترول (http://www.kfupm.edu.sa) المرتبة الثانية سعوديا وعربيا والمرتبة 208 على المستوى العالمي، وجاء ترتيب الجامعة الأمريكية في بيروت (http://www.aub.edu.lb) ثالثا على المستوى العربي و250 على المستوى العالمي. ويشمل هذا التصنيف أيضاً المدن الأفضل لطلبة العلم، لذا فالمدن التالية تمثل أفضل عشرة مدن عالمية لسكن الطلاب وفقا لتصنيف كيو أيس لترتيب جامعات العالم: باريس، لندن، بوسطن، ملبورن، فيينا، سيدني، زيوريخ، دبلن، برلين، مونتريال...ألخ على التوالي، أما على مستوى العربي فقد احتلت القاهرة المرتبة الأولى عربيا والمرتبة 48 عالميا كأفضل مدينة يفضلها الطلاب. أما التصنيف الثالث فيدعى تصنيف تايمز لجامعات التعليم العالي العالمية (Times Higher Education World University Rankings) والموجود ضمن الموقع (http://www.timeshighereducation.co.uk)، ولم توفق أية جامعة عربية في احتلال أي موقع ضمن أول 400 جامعة عالمية منشورة في هذا الموقع. وهناك تصنيفات أخرى أقل أهمية أو أقل شمولية، فالبعض من هذه التصنيفات تقتصر تحليلاته على بلد معين، أو قارة معينة، ولا تغطي تحليلاته جامعات العالم على اختلافها. أشرت في مقالة سابقة لي بعنوان (دراسة مقارنة للمواقع الإلكترونية للجامعات السعودية والعربية) نُشرت في صحيفة الجزيرة السعودية بتاريخ 16 / 8 / 2013 إلى أن ترتيب مواقع الجامعات ضمن شبكة الإنترنت من الناحية الأكاديمية يختلف باختلاف المعايير المعتمدة التي يقوم عليها التصنيف. واعتمدت في دراستي السابقة على الصفحة التالية الموجودة ضمن موقع ويبوميتركس (Webometrics) وتحديدا ضمن الصفحة (http://www.webometrics.info/en/aw/Saudi%20Arabia%20) لإظهار تسلسل أول 25 جامعة سعودية وفقا للنتاج البحثي والشفافية والانفتاح لكل جامعة، وليظهر جليا بأن الجامعات التي احتلت أول ثلاث مراتب هي جامعة الملك سعود (http://ksu.edu.sa)، تليها جامعة الملك عبد العزيز (http://www.kau.edu.sa)، تليها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن (http://www.kfupm.edu.sa)...الخ. كما تضمنت دراستنا السابقة عرضا لأول 30 جامعة عربية وفقا لذات الموقع (ويبوميتركس (Webometrics))، ووفقا لما جاء في صفحة (http://www.webometrics.info/en/arab_world) وطبقا لنفس المعايير من الانفتاح والنتاج البحثي والشفافية، إذ تتربع ثلاث جامعات سعودية على المراتب الأولى للجامعات العربية، وهي جامعة الملك سعود (http://ksu.edu.sa) تليها جامعة الملك عبد العزيز (http://www.kau.edu.sa) بالمرتبة الثانية، وتحتل جامعة الملك فهد للبترول (http://www.kfupm.edu.sa) المرتبة الثالثة على الصعيد العربي مع العلم أن ترتيب المملكة العربية السعودية هو السادس عربيا على مستوى الحجم السكاني، وتأتي لبنان ثانيا بعد السعودية، إذ احتلت الجامعة الأمريكية في بيروت (http://www.aub.edu.lb) المرتبة الرابعة، مع العلم أن ترتيب لبنان هو الخامس عشر عربيا على مستوى الحجم السكاني، وتأتي دولة الإمارات العربية المتحدة ثالثا بعد لبنان نتيجة لإحراز جامعة الإمارات العربية المتحدة (http://www.uaeu.ac.ae) للمرتبة الخامسة، مع العلم أن ترتيب الإمارات هو الحادي عشر عربيا على مستوى الحجم السكاني، وتأتي جمهورية مصر العربية في المركز الرابع نتيجة لإحراز جامعة القاهرة (http://www.cu.edu.eg) والجامعة الأمريكية في القاهرة (http://www.aucegypt.edu) للمركزين السادس والسابع على التوالي، تليها جامعة النجاح الوطنية (http://www.najah.edu) في فلسطين، وتأتي الجامعة الأردنية (http://www.ju.edu.jo) في المرتبالتاسعة، وإحتلت جامعة السلطان قابوس (http://www.squ.edu.om) في سلطنة عُمان المرتبة العاشرة،... إلخ. وعرضنا في تلك الدراسة لنوع آخر من التقييمات للمواقع يقوم على عدد الزائرين (الشعبية) وفقا لتقييمات موقع ألكسا Alexa.com الشهير، والمستخدم عالميا لتحديد رتبة المواقع العالمية على شبكة الإنترنت بالاعتماد على عدد الزائرين لأي موقع إلكتروني، وهذا الموقع معتمد لأغراض إنجاز البحوث العلمية. وهنا اختلف ترتيب الجامعات السعودية وفقا لموقع ألكسا Alexa.com، إذ تصدر موقع جامعة الملك المؤسس (جامعة الملك عبد العزيز بجدة) (http://www.kau.edu.sa) مواقع الجامعات السعودية، يليه موقع جامعة الملك فيصل (http://www.kfu.edu.sa) في المرتبة الثانية، ومن ثم يأتي موقع جامعة الملك سعود (http://ksu.edu.sa) في المرتبة الثالثة، ويليه موقع جامعة أم القرى (http://uqu.edu.sa) في المرتبة الرابعة، ويليه موقع جامعة طيبة (http://www.taibahu.edu.sa) في المرتبة الخامسة،... إلخ. وأوضحنا أن البعض من الجامعات السعودية بحاجة إلى إيلاء هذا الجانب الاهتمام اللازم للرفع من رتبتها على الصعيد الوطني والعربي وبالتالي العالمي، وذلك باللجوء إلى الأساليب التي ترفع من شعبيتها، مستعينة بذوي الخبرة، ومن خلال خبرتنا في هذا المجال، فإن رفع تصنيف ومرتبة أية جامعة لا يحتاج سوى إلى الاستعانة بذوي الخبرة والقليل من النفقات. مقال اليوم يقوم على عرض لطريقة عالمية جديدة تُعنى بترتيب الجامعات وليس مواقع الجامعات على شبكة الإنترنت التي أشرنا إليها في مقالتنا السابقة، وتُعرف هذه الطريقة اختصارا بتصنيف (ترتيب) شنغهاي (Shanghai Ranking) أما اسمها الرسمي الكامل فهو الترتيب الأكاديمي لجامعات العالم (Academic Ranking of World Universities) والمعروف عالميا من خلال المختصر الإنجليزي (ARWU). ويُمكن الاطلاع والتعرف على هذه الطريقة من خلال زيارة الموقع الإلكتروني التالي: (http://www.shanghairanking.com). وقد بدأ باعتماد تصنيف (ترتيب) شنغهاي (Shanghai Ranking) لأول مرة سنة 2003، الذي كانت نتائجه تُحدث سنوياً دون نشرها، وقد بدأ هذا التصنيف وبشكل سنوي منذ سنة 2009م بنشر النتائج الخاصة بترتيب أولى الجامعات على المستوى العالمي من قبل ترتيب شنغهاي الاستشاري (Shanghai Ranking Consultancy). وهذا التصنيف هو أول تصنيف ينشر ترتيب الجامعات في مختلف دول العالم. ويعود السبب الرئيسي لابتكار هذا التصنيف العالمي إلى رغبة جامعة شنغهاي (Shanghai University) في إجراء تقيما للجامعات الصينية ومعرفة مستواها قياسا بنظرياتها في دول العالم المتقدمة. ويقوم تصنيف (ترتيب) شنغهاي (Shanghai Ranking) بإيجاد ترتيب 1200 جامعة حول العالم، لكن تصنيف (ترتيب) شنغهاي (Shanghai Ranking) يقتصر على نشر نتائج أول 500 جامعة من أصل 1200 جامعة يقوم بتحليل بياناتها. ويقوم مجلس استشاري دولي (International Advisory Board) مؤلف من عدد من العلماء المشهورين عالميا، والباحثين وقادة التعليم العالي بالإشراف ومساعدة فريق العمل المسؤول عن تصنيف (ترتيب) شنغهاي (Shanghai Ranking). ويوفر هذا التصنيف ثلاثة أنواع من التصنيفات للجامعات: فالتصنيف الأول ينظر إلى الجامعة كوحدة متكاملة، أما التصنيف الثاني فيكون وفقا لحقول المعرفة التي أشرنا لها آنفا، أما التصنيف الثالث فيكون وفقا للتخصصات التي أشرنا لها في فقرة سابقة. ولا تتبع المؤسسة التي تشرف على تصنيف (ترتيب) شنغهاي (Shanghai Ranking) إلى أية جامعة أو جهة حكومية، إذ أن المؤسسة المسؤولة هي في الواقع جهة مستقلة تماما لضمان الحيادية. وبُغية تطوير هذا التصنيف بدأت المؤسسة المشرفة عليه في شهر كانون الثاني / يناير 2011 بمشروع يهدف إلى الارتقاء بهذا التصنيف من خلال جمع أكبر قدر من المعلومات حول الجامعات الأبرز في العالم. ويحمل هذا المشروع اسم الملف العالمي الخاص بالبحث الجامعي (Global Research University Profile)، والمعروف اختصارا باللغة الإنجليزية ب (GRUP). ويهدف هذا المشروع إلى تطوير قاعدة بيانات تضم الوقائع والأرقام الخاصة بالنشاط البحثي ل 1200 جامعة حول العالم. وسيستفاد من البيانات المُجمعة في قاعدة البيانات في استخلاص 40 مؤشرا (Indicators) في عملية التصنيف. وسيتيح هذا المشروع للزائرين له عبر شبكة الإنترنت المقارنة ما بين مختلف الجامعات مستخدمين مجموعة متنوعة من المؤشرات التي يختارونها. وتقول الجهة المسؤولة عن هذا التصنيف إن 430 جامعة عالمية قامت بتزويد الفريق المسؤول عن هذا التصنيف بالبيانات الخاصة بالطلبة والأساتذة والباحثين والموارد المتاحة، وكان 61% من مجموع ال430 جامعة هذه ضمن أول مائة جامعة في العالم، وكان 50% من هذه الجامعات ضمن أول 500 جامعة في العالم. وقد قامت جامعتا الملك عبد العزيز (http://www.kau.edu.sa)، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن (http://www.kfupm.edu.sa) بتزويد الجهة المشرفة على هذا التصنيف بالمعلومات الضرورية، لذا فقد تم نشر اسم هاتين الجامعتين ضمن الصفحة التالية (http://www.shanghairanking.com/grup/grup-2012-list.html). لذا أرى ضرورة اقتداء باقي الجامعات السعودية بهاتين الجامعتين للرفع من تصنيفهما العالمي من خلال إرسال البيانات والمعلومات المطلوبة ليكونوا ضمن قائمة ال430 جامعة آنفة الذكر. واعتمد ترتيب سنة 2012 على مؤشرات جديدة تشتمل على معلومات حول الخريجين (alumni)، فالخريج الحاصل مثلا على جائزة نوبل يساهم في رفع تصنيف الجامعة التي تخرج منها في مرحلة البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه، أو أولئك الخريجين الحائزين على الجوائز والتكريمات التي تشمل حقول المعرفة المختلفة، كما تشمل تلك المؤشرات معلومات حول الباحثين أصحاب البحوث الأكثر اقتباسا (Highly Cited Researchers)، ومعلومات حول البحوث المتعلقة بالطبيعة والعلوم. ويركز هذا التصنيف على البحوث المتوافرة ضمن الفهارس العالمية. وأخيرا وليس آخرا تشمل تلك المؤشرات على الأداء الأكاديمي لكل استاذ وباحث (Per capita academic performance of an institution) في المؤسسة التعليمية قيد التقييم. وللتعرف بشكل أشمل على المؤشرات التي يعتمد عليها هذا التصنيف عليك زيارة الصفحة التالية (http://www.shanghairanking.com/ARWU-Methodology-2012.html). ووفقا لتصنيف (ترتيب) شنغهاي (Shanghai Ranking) المنشور في الصفحة التالية على شبكة الإنترنت (http://www.shanghairanking.com/ARWU2013.html) الذي أظهر المستوى الأكاديمي لأول 500 جامعة على مستوى العالم. واحتلت جامعة الملك سعود (http://ksu.edu.sa) المرتبة الأولى على صعيد المملكة والصعيد العربي، أما ترتيبها على المستوى العالمي فبلغ 151-200. واحتلت جامعة الملك المؤسس (جامعة الملك عبد العزيز بجدة) (http://www.kau.edu.sa) المرتبة الثانية على صعيد المملكة والصعيد العربي، أما ترتيبها على المستوى العالمي فبلغ 201-300. واحتلت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن (http://www.kfupm.edu.sa) المرتبة الثالثة على صعيد المملكة والصعيد العربي، أما ترتيبها على المستوى العالمي فبلغ 301-400. واحتلت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (http://www.kaust.edu.sa) المرتبة الرابعة على صعيد المملكة والصعيد العربي على الرغم من حداثة هذه الجامعة قياسا بالجامعات السعودية الثلاث اللاتي حصدت المراكز الثلاثة الأولى على الصعيدين الوطني والعربي، أما ترتيب جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على المستوى العالمي فبلغ 401-500. وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لا يزيد عمرها على أربع سنوات لكنها نجحت في تحقيق هذا الإنجاز على الصُعد الثلاثة الوطني والعربي والعالمي. وتشير التحليلات لنتائج هذه التصنيفات خلال السنوات المنصرفة إلى أن هناك تحولا في ترتيب الجامعات العالمية، يبين انتقال الأولوية في الجامعات العالمية من دول الغرب إلى دول الشرق ممثلة في الجامعات الآسيوية والخليجية التي تلقى دعما حكوميا متناميا في حين تعاني الجامعات في الغرب من إجراءات تقشفية، كما هو الحال مع عدد من الجامعات البريطانية التي تعاني من مشكلات اقتصادية خانقة. أما الجامعات في العالم النامي فهي بدورها بحاجة إلى المزيد من الاستثمار الأكاديمي والبحثي والنوعي وليس الاستثمار المالي في الجامعات الخاصة والحكومية، وكأن الجامعة بالنسبة لهؤلاء تمثل مشروعا تجاريا. وعلى الرغم من توافر نسبة لا بأس بها من الجامعات الأهلية والرسمية في الوطن العربي التي تفتقر إلى السمعة الأكاديمية التي تحولت إلى شركات تجارية، فهناك نسبة مثلا من الجامعات الأهلية التي تفوق في مستواها الأكاديمي الجامعات الرسمية الحكومية في الوطن العربي لأنها لا تسعى لكسب المال وإنما تسعى للسمعة الطيبة والارتقاء بمستوى التعليم كما هو الحال مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (http://www.kaust.edu.sa) في مدينة ثول، وجامعة الأمير سلطان (www.psu.edu.sa) في منطقة الرياض، والجامعة الأمريكية في بيروت (www.aub.edu.lb)، وجامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا (www.psut.edu.jo) في عمان، والجامعة الأمريكية في الشارقة (www.aus.edu) والجامعة الأمريكية في دبي (www.aud.edu) والجامعة الأمريكيةبالقاهرة (www.aucegypt.edu).. إلخ. وهناك جامعات سعودية وجامعات برازيلية وجامعات هندية تبوأت مراتب متقدمة هذا العام قياسا بالأعوام السابقة، أي أن هذه الجامعات تشهد تقدما مطردا في المجال الأكاديمي. تستخدم وسائل مختلفة لترتيب الجامعات على المستوى الوطني والإقليمي والقاري والعالمي. وقد يشمل التقييم جهات أكاديمية أصغر من الجامعة كأن يكون التقييم على مستوى معهد أو كلية أو قسم أو برنامج بعينه. وتدخل عوامل متعددة في عملية التقييم هذه. وعادة ما تقوم بإجراء عمليات التقييم هذه مجلات أو صحف أو مواقع أو حكومات أو جهات أكاديمية. ويستخدم العديد من المعايير المختلفة لتحديد التميز في المجال البحثي، والتأثير، واختيارات الطلبة، ومستوى النجاح، وتنوع جنسيات الطلبة هل هم من ذات البلد، الإقليم، البلدان ذات اللغة الواحدة، أم أن الطلاب من شتى بقاع المعمورة. وموضوع التقييم وفائدة ودقة المعايير المعتمدة هو محل جدال ما بين المختصين، ولذا لا يوجد إجماع على موضوع التقييم هذا. مما تقدم نخلص إلى ضرورة اهتمام مؤسساتنا التعليمية أولا بالأمور المتعلقة بتقييم وتصنيف مواقع الجامعات السعودية الصاعدة مستعينين بذوي الخبرة في مجال استرجاع المعلومات (IR) وبالأخص هؤلاء المهتمين بموضوع محركات البحث وتصميم المواقع الإلكترونية، والمتخصصين بتقنيات ما يُعرف بمحرك البحث الأمثل (Search Engine Optimization-SEO) للرفع من مرتبة مواقع الجامعات السعودية. ولا تحتاج هذه العملية إلى تكاليف عالية، وكل ما نحتاجه هو العزم والسعي لتحقيق هذه الغاية للارتقاء بهذه المواقع على الصعيد الوطني والعربي والعالمي. ولا شك أن رفع مرتبة الموقع لأي جامعة سينعكس بشكل إيجابي على سمعتها المحلية، والإقليمية والعالمية وبالتالي على إيراداتها المالية وقوة جذبها للأساتذة والباحثين المتميزين. وثانيا يجب على المؤسسات التعليمية ممثلة في الجامعات في المملكة أن تولي العناية اللازمة لموضوع تقييم الجامعات، والاستعانة بالمختصين الملمين بهذا الجانب الجديد على جامعاتنا، بُغية الرفع من مكانة أي جامعة لا بد لنا من اختيار مختصين يكونون على علم ودراية بالعوامل التي تسهم بشكل فعال في الرفع من مرتبة أية جامعة على الصعيد الوطني والعربي والعالمي. وهذا يدعونا إما إلى إنشاء لجان متخصصة بهذا المجال في جامعاتنا من ذوي الخبرة أو الاستعانة بالمختصين في هذا الجانب من خارج جامعاتنا.