صدر حديثا، هذا العام، عن مطابع (شاكر ميديا) بمدينة (آخن) الألمانية كتاب تحت عنوان (وطن للتهجئة) لمؤلفيه ومترجميه، المدرسين بجامعة (بون) والمختصين بفرع (الدراسات الشرقية) فيها، وهما كل من الدكتور سرجون كرم، وزميله بالجامعة نفسها الأستاذ سباستيان هاينه. وهذا الكتاب عبارة عن مجموعة مختارة من القصائد المترجمة من لغتها الأصلية (العربية) الى اللغة (الألمانية)، لطائفة من الشعراء اللبنانيين، من أولئك المخضرمين، والجيل المعاصر، يبلغ عددهم 22 شاعرا وشاعرة، بواقع نص واحد يتم اختياره لكل شاعر من هؤلاء الشعراء الذين يمثلون -حاليا- آخر تطورات الشعر العربي اللبناني -شكلا ومضمونا- كجزء لا يتجزأ من مسيرة الشعر العربي الحديث ككل، ومواكبته لركبه في سائر الأقطار العربية الأخرى خلال الوقت الراهن. وحول مادة هذا الكتاب وأهميتها في رصد حركة الشعر العربي الحديث في هذا القطر الهام من أقطار الوطن العربي في حراكه الثقافي والأدبي، وفي أحدث صورة له، يأتي قول المترجمين في المقدمة التي وضعاها لكتابهما هذا: (في بيروت نشأت حركة ثقافية وشعرية، أطلقت على نفسها اسم «شهرياد» وهو اسم منحوت من اسمي بطلي "ألف ليلة وليلة" شهرزاد وشهريار. وقد قمنا -نحن المترجمين- بالتعاون مع أبيها الروحي، الشاعر اللبناني نعيم تلحوق بطرح عنوان نابع من صلب المعادلة اللبنانية: "أي وطن ترى؟". فكانت هذه القصائد المترجمة لشعراء "شهرياد" وشاعراته التي ينبغي أن تعكس تنوعهم الفكري والثقافي والتوجه السياسي وربما تمثيلهم لجميع طوائف لبنان المكونة للنسيج الاجتماعي اللبناني. "وطن للتهجئة" ذات شعرية هائمة، تفتش عن نفسها في قصيدة تمجد وطنها الى قصيدة ترى هذا الوطن...). وفي نهاية هذه المقدمة يذيل المترجمان المؤلفان خاتمتها بما يشبه " توطئة" أو افتتاحية للقصائد التي يضمها الكتاب، بقلم الشاعر اللبناني الكبير/ نعيم تلحوق، رائد "مدرسة شهرياد" الشعرية اللبنانية الحديثة، الذي جاء من ضمن قوله عن هذه المدرسة الشعرية، وتوجهها الأدبي والفني: (وتمضي شهرزاد في حكاياتها التي لا تنتهي لتؤجل موتها. وها هي تعود بعد ألف ليلة وليلة لتتابع رواية ما تبقى من الحكايا، لكن هذه المرة ليس عبر شهريار، وانما عبر مجموعة من الشباب امتلكت وعدها وراحت تصارع قدرها بلغة الحياة. أضمن لكم أن خيانة جديدة يفتعلها الشباب الجديد ليقص علينا، كل عبر اصداره، حكاية الخروج من الخوف الى عراء الأغنيات، فاجتمع الاثنان معا شهريار وشهرزاد ليصبحا "شهرياد" وليقولا ما خفي من أحلامهما في مقهى رأس بيروت، شعرا وأغنية ولونا.. مبارك ل"شهرياد" حكاياتها المؤجلة قبل الصباح...). وإن كان ثمة ما ينبغي أن أشير اليه في نهاية حديثي عن هذا الكتاب، هو انه يعد كتابا متميزا في مادته وموضوعه، وأقل ما يمكن أن يعكسه هو صورة من نتاجنا الأدبي وحراكنا الثقافي العربي في عيون الآخرين من أبناء الأمم الأخرى، غير العربية، وبلغة عالمية، ومثل هذا انما هو بمثابة جسر للتواصل الثقافي والأدبي والفكري والمعرفي فيما بيننا وبين الشعوب الأخرى.