الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    «الولاء» يتفوق في تشكيلة الحكومة الأميركية الجديدة    وزير الرياضة يوجه بتقديم مكافأة مالية للاعبي فريق الخليج لكرة اليد    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    إطلالة على الزمن القديم    أرصدة مشبوهة !    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    العوهلي: ارتفاع نسبة توطين الإنفاق العسكري بالمملكة إلى 19.35% مقابل 4% في 2018    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الشاعرة مها العتيبي تشعل دفء الشعر في أدبي جازان    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    الصقور السعودية    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نزوع أمريكى نحو آسيا على حساب المنطقة .. والعرب يدفعون الثمن
نشر في اليوم يوم 29 - 01 - 2016

لا يمكن التعاطي مع أي توجه أو سياسة جديدة تتبناها الولايات المتحدة وفي أي اتجاه، بمنأى عن الفلسفة البراجماتية ( المنفعة )التى تحكمها سواء نخب حاكمة أو مؤسسات أو أفراد، وذلك فى حد ذاته أمر مشروع بشرط ألا يكون خصما من رصيد مصالح الأطراف الأخرى الشريكة لواشنطن، أو على نحو يقوض مشروعاتها للنمو والنهوض والاستقرار، وهو للأسف ما نلمسه فى الواقع، خاصة بالنسبة لمنطقتنا العربية ودولنا الإسلامية، التى على الرغم من كل سنوات ترابطها الوثيق مع القوة الأهم فى المعمورة، والذى وصل حد بناء تحالفات استراتيجية، فإن الأخيرة تضع مصالحها ومنافعها فى المرتبة الأولى، فضلا عن مصالح إسرائيل التى صنعها الغرب فى المنطقة العربية، وحولتها الولايات المتحدة إلى أداة لتنفيذ سياساتها، فى الوقت الذى تبنت فيها موقفا ينطوى على مفارقة تعطى فيه واشنطن الأولوية لهذه الدويلة الكيان الصغير، مساحة جغرافية وسكانا، وتعمل على تلبية كل مطالبها السياسية والعسكرية والاقتصادية، بصورة تجعلها متفوقة على كل جيرانها العرب، بناء على اتفاق التحالف الاستراتيجى معها، والتى تلتزم فيها بأمنها والحيلولة دون المساس بوجودها .
ضمن خيارات
فى ضوء هذه الحقيقة، ينبغى أن يتم النظر إلى اتفاقية «الشراكة عبر المحيط الهادئ» التى سعت إليها إدارة الرئيس باراك أوباما، ضمن خيارات أخرى عديدة للخروج من عباءة حكم الرئيس الجمهورى جورح بوش الابن، صحيح أن الاتفاقية - والتى تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى فى الخامس من أكتوبر الماضى، بمدينة أتلانتا الأمريكية، واعتبرت من أهم وقائع العام 2015 على صعيد الاقتصاد العالمى، وسيتم التوقيع عليها فى صورتها النهائية فى أوائل فبراير المقبل- تنطوى على أهداف تجارية واقتصادية بالدرجة الأولى، خاصة أنها تضم 12 دولة مطلة على المحيط الهادى هى: الولايات المتحدة، ماليزيا. سنغافورة. فيتنام .نيوزلندا. كندا. بيرو. المكسيك، اليابان. استراليا. بروناى. تشيلي.
تفاوض 5 سنوات
وتحتوى الاتفاقية التى استغرق التفاوض بشأنها زهاء خمس سنوات، على 30 فصلاً وتشمل إلغاء أو تخفيض 18 ألف رسم جمركي على السلع الصناعية والزراعية، بما في ذلك المنسوجات والملابس وقواعد تجارة الخدمات والمنتجات المالية، مع الالتزام بحرية التجارة الإلكترونية والإنترنت، وتمثل منطقة التجارة الحرة لدول الشراكة عبر المحيط الهادئ 40% من إجمالي الاقتصاد العالمي، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 800 مليون نسمة، تساهم الدول الأعضاء فى الاتفاقية بنسبة 26% من التجارة العالمية وبنسبة 37% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وهى ترمى إلى كسر الحواجز المرتبطة بالرسوم الجمركية وغير المرتبطة بها لتسهيل تجارة السلع والخدمات بين الدول الأعضاء متضمنة قوانين جديدة تغطي وسائل التكنولوجيا الحديثة والاقتصاد الرقمي والخدمات وحقوق الملكية الفكرية (كبراءات الاختراع الخاصة بالعقاقير مثلاً)، كما تضع معايير لقوانين حماية البيئة وحقوق العمال. وبإمكان الشراكة عبر المحيط الهادئ دعم نمو التجارة العالمية من خلال الحد من سياسات الحماية الاقتصادية وإنعاش سلاسل الإمداد العالمية وتمهيد الطريق لاتفاقيات إقليمية جديدة. ومن المفترض أن تعمل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ أيضاً على تشجيع مزيد من الإنتاج في الخارج، وتنشيط شبكة التوريد العالمية، وإفادة المستهلك العالمي من خلال خفض الأسعار ومساعدة المنتجين من الدول الأعضاء في أن يصبحوا أكثر قدرة على المنافسة.
بانتظار الزمن
ونتيجة لذلك، ستزيد صادرات البلدان المنضوية في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، كما سيرتفع الناتج المحلي الإجمالي بفضل زيادة الصادرات. وستكون المكاسب الأكبر في الأسواق الناشئة مثل فيتنام، حيث إن إلغاء رسوم التصدير المرتفعة نسبياً سيجعل صادراتها المصنعة أكثر تنافسية بشكل كبير في أسواق كبيرة مثل الولايات المتحدة واليابان، لكن المزايا لن تكون كبيرة بالنسبة لاقتصاد متقدم مثل الولايات المتحدة، حيث الرسوم الجمركية منخفضة مسبقاً، وحيث إن اقتصادات الدول الأخرى في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ صغيرة، بالمقارنة مع الاقتصاد الأمريكي، ومن المحتمل أن تنضم دول أخرى إلى هذه الاتفاقية مع مرور الوقت مما سيوسع من مزاياها وفى مقدمتها الصين، لكن هذه المزايا ستستغرق وقتاً طويلاً لكي تتحقق على أرض الواقع حيث لا زالت البرلمانات في هذه الدول لم تصادق على الاتفاقية بعد، وهو ما يستبعد حصوله قبل عام 2017 على أقرب تقدير في ظل مخاطر كبيرة بإمكانية فشل الاتفاقية أو عرقلة تطبيقها على النحو الصحيح ,بالإضافة إلى ذلك، سيتم تطبيق التغييرات التي تتطلبها اتفاقية الشراكة بشكل تدريجي على مدار السنوات العشر القادمة، خصوصاً في المجالات التي تواجه ارتفاع الرسوم الجمركية. وبالتالي، رغم إمكانية اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ بإعادة تنشيط التجارة العالمية بشكل كبير، فإن ذلك لن يتحقق بشكل كامل إلا بعد مرور بعض الوقت.
ما بعد التورط
ويبدو أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما هو أكثر المتحمسين لهذه الاتفاقية، بحسبانها تمثل استثمارا طويل المدى، وتنطوى على فوائد استراتيجية وجيوسياسية للدول الموقعة عليها، ولكن ثمة من يرى أن هناك عوامل دفعت الولايات المتحدة إلى التوجه نحو المحيط الهادى أو بالأحرى نحو آسيا، حيث إن أغلب الدول الأعضاء فى الاتفاقية تنتمى إلى القارة الصفراء المزدهرة تنموياً واقتصادياً وتكنولوجياً، ولعل البداية تجلت فى أحداث 11 سبتمبر عام 2001 والتى دفعت إدارة الرئيس جورج بوش الابن خلال فترة ولايته الأولى إلى الانخراط المكثف في منطقة الشرق الأوسط، وكان العنوان الأبرز لهذه المرحلة هو تورط الولايات المتحدة الأمريكية في حربين ممتدتين في أفغانستان والعراق، كانت المحصلة النهائية لهما تكاليف باهظة أرهقت الاقتصاد والجيش الأمريكي، فقد شارك في الحربين أكثر من 2 مليون مجند أمريكي، قتل منهم أكثر من 6000 شخص، وجرح 40 ألف آخرين، وكلفت الحربين الخزانة الأمريكية أكثر من 1.5 مليار دولار، وفشلت جهود الولايات المتحدة في القضاء على الإرهاب، وساهمت بشكل أو بآخر على تعزيز نفوذ إيران في الإقليم، بعدما استغلت الانشغال الأمريكي للتمدد في العراق وسوريا واليمن ولبنان.
ومع وصول الرئيس بارك أوباما للسلطة، ونتيجة تقييم استراتيجي لسياسات إدارتي الرئيس بوش في الشرق الأوسط، وتغيير البيئة الإستراتيجية في المنطقة خاصة بعد ثورات الربيع العربي، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في صياغة تعاملها مع الإقليم بشكل مختلف، فيما يمكن أن يطلق عليه عملية "إعادة الهيكلة" وما استتبعها من تغيير في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، والتي اتضحت معالمها بشكل جلي خلال الولاية الثانية للرئيس أوباما .
متغيرات جديدة
ومن ثم فإن المتغيرات الجديدة سواء المرتبطة بالوضع في الإقليم أو بتوجهات الولايات المتحدة الأمريكية، فرضت - وفقا لرؤية الدكتور محمود حمد - الأستاذ المساعد للعلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعتي القاهرة (مصر) ودراك (الولايات المتحدة) - إحداث تغيير فى منهجية السياسة الخارجية لواشنطن، والتحول من "الانخراط المكثف" إلي "الانخراط المرن"، وأضحى التدخل الأمريكي في المنطقة يتسم بالحذر، ويمكن القول بوجود مجموعة من الدوافع الاقتصادية والإستراتيجية لهذا المنحى في السياسة الخارجية الأميركية. فآسيا تعد قارة المستقبل، ويتوقع الخبراء أن تستحوذ على نحو 50% من النمو الاقتصادي الدولي خارج الولايات المتحدة. ولا شك أن للأزمة الاقتصادية أثرها في توجه الولايات المتحدة للتركيز على القارة الآسيوية. فالصين وبقية النمور الآسيوية قد حافظت على معدلات معتبرة للنمو الاقتصادي في مرحلة الكساد العالمي. وتمثل هذه الدول وغيرها في القارة فرصا تصديرية للشركات الأميركية. .
أما من الناحية الإستراتيجية، فإن التنافس مع الصين يبدو جليا في خلفية هذا التوجه، وبسبب انغماس الولايات المتحدة في حربي العراق وأفغانستان، فإن الصين قد تمكنت من تعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي في القارة. وقد أثارت سياسات بكين في بحري الصين الشرقي والجنوبي قلق حلفاء الولايات المتحدة التقليديين وبصفة خاصة اليابان وكوريا الجنوبية. وفى غياب دور أميركي بارز يعادل النفوذ الصيني، فإن الكثير من دول المنطقة ربما لا تجد مناصا من التسليم بواقع هيمنة الصين على إقليم شرق آسيا. وقد أثار هذا التوجه قدرا من الاستياء في الأوساط الصينية التي تعتبر أن الامتداد الأميركي في القارة يهدف إلى حرمان الصين من التوسع في مجالها الحيوي اللصيق وأنه نسخة معدلة لسياسة الاحتواء التي انتهجتها الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفياتي خلال فترة الحرب الباردة.
قلق أمريكي
وبالإضافة إلى ذلك، يبدو أن الولايات المتحدة قلقة من تنامي التعاون بين الدول الآسيوية واحتمال أن يؤدى ذلك إلى قيام كيان اقتصادي آسيوي عملاق تستبعد منه الولايات المتحدة.
كما يلعب العامل الشخصي دوره في تعزيز التوجه الآسيوي للولايات المتحدة، فالرئيس باراك أوباما هو أول رئيس "آسيوي" للولايات المتحدة. فقد ولد في هاواي وهي أقرب الولايات لقارة آسيا، كما قضى أوباما جانبا من سنين النشأة الأولي في إندونيسيا. وبالطبع فقد كانت لهذه التجارب الذاتية تأثيرها في توجهات السياسة الخارجية. وبالإضافة لذلك، فقد أراد أوباما أن يأخذ الولايات المتحدة بعيدا عن تركيز سلفه الرئيس جورج بوش على منطقتي وسط وغرب آسيا.
تراجع اهتمام
ولاشك أن التوجه الإستراتيجي للولايات المتحدة شرقا يجيء على حساب اهتمامها بمنطقة الشرق الأوسط، وفي القلب منها العالم العربي - والكلام ما زال للدكتور حمد - وهناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تفسر تراجع التركيز الأميركي على المنطقة العربية. فالقضية الفلسطينية، وهى القضية المحورية في المنطقة، تبدو عصية على الحل، على الأقل في الأمد المنظور، فانقسام البيت الفلسطيني بين منظمة التحرير وحماس يثبت الادعاء الإسرائيلي بعدم وجود شريك يمكنه التفاوض باسم الشعب الفلسطيني. كما يبدو أن الرئيس أوباما ليس على استعداد لدفع الثمن السياسي المطلوب للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو. ويشير المحللون السياسيون في واشنطون إلى تأزم العلاقة بين واشنطون وتل أبيب نتيجة الخلاف بين أوباما ونتنياهو حول عملية السلام، كما يبدو أن هناك قدرا من الإنهاك وفقدان الرغبة الأميركية في الانخراط في المنطقة .
كما أن البترول لم يعد يمثل الحافز الذي لا يمكن مقاومته لدفع الولايات المتحدة للاهتمام بالمنطقة. فإنتاج النفط الأميركي قد بلغ معدلات قياسية في 2012 ومرشح لمزيد من الارتفاع هذا العام. وقد مكنت تكنولوجيا الاستخراج المستحدثة شركات النفط الأميركية من زيادة الإنتاج بنحو 779000 برميل في اليوم قياسا على معدلات عام 2011 . ووصل الإنتاج إلى معدل 6.4 مليون برميل في اليوم، وهي على وشك أن تحقق الاكتفاء الذاتى منه بل والتصدر بفعل اكتشافات النفط الصخري.
تراجعات وتأييد
وقد مكنت الزيادات المتوالية في الإنتاج مصحوبة بتراجع الاستهلاك المحلى الولايات المتحدة من تخفيض اعتمادها على استيراد النفط وبخاصة من الشرق الأوسط. ويشير الشكل التالي إلى تراجع أهمية النفط العربي في منظومة الطاقة الأميركية. فالواردات الأميركية من منطقة الخليج العربي لا تشكل أكثر من 16% من إجمالي الواردات. وهى أقل من واردات الولايات المتحدة من الجارتين المكسيك وفنزويلا.
وعلى الرغم من أن معظم الخبراء الاقتصاديين والعسكريين الأميركيين لا يخفون تأييدهم لاهتمام الولايات المتحدة بالقارة الآسيوية في القرن الحادي والعشرين، فإن هناك أصواتا تحذر من كون هذه السياسة ستؤدى لدفع الصين لتبني سياسات عدائية ضد ما قد يسهل تسويقه باعتباره محاولة لتحجيم أكبر دول العالم من حيث تعداد السكان. ويرى هؤلاء الخبراء أن هذا التوجه بما قد يخلقه من صراع مفتوح مع الصين ليس في مصلحة الولايات المتحدة حاليا أو في المستقبل. وفى الواقع فقد ردت الصين بتحد مصالح الولايات المتحدة خارج منطقة شرق آسيا.
ليس مستبعداً
ويبدو أن إدارة أوباما على وعي بمخاطر هذا التوجه، ولهذا حرص كبار المسؤولين الأميركيين على التأكيد أن التوجه الآسيوي ليس موجها ضد بكين. وبالرغم من ذلك، فإنه من الواضح أن هناك ثمنا ينبغي على الولايات المتحدة دفعه لتبني مثل هذه السياسة الآسيوية، وليس مستبعدا أن تعيد إدارة أوباما ذاتها أو الإدارة اللاحقة النظر في هذه السياسة كلفةً ومضمونا في ضوء التغيرات في النظام الدولي عموما والتطورات في شرق وجنوب آسيا على وجه الخصوص، لاسيما أن بعض الرموز الاقتصادية المهمة داخلا تربى أن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادى ستكون فاشلة " بدون مشاركة الصين حسب منظور" تامي أوفيربي " النائبة الأولى لرئيس غرفة التجارة الأمريكية التى تشير الى أن "الصين هي أكبر اقتصاد في آسيا، ومن الضرورة بمكان أن تكون طرفا فى الاتفاقية، رافضة أو بالأحرى لاتصدق التصور القائل بأن الشراكة عبر المحيط الهادئ صممت لاحتواء الصين، مشيرة إلى أنها ستكون "اتفاقية مفتوحة"، معبرة عن الأمل بأن تتطور هذه الشراكة لتتحول إلى منطقة التجارة الحرة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، والتي ستكون إطارا لمنطقة المحيط الهادئ الآسيوية، مؤكدة ثقتها بأن الصين ستكون قادرة على تلبية المعايير العالية للشراكة، قائلة: "إذا كانت دولة مثل فيتنام قادرة على تلبية تلك المعايير العالية والوفاء بها"، مضيفة أن "هذا لا يعني بأنه يجب على كل دولة القيام فورا بكل شيء خلال يوم واحد، فهناك فترات ومراحل انتقالية، كما يمكن أن يكون هناك بناء للقدرة، وبعض العون، لمساعدة الاقتصاد في الوصول إلى ذلك المستوى.
فى حين يعرب " يوكون هوانغ " المساعد الأول في برنامج آسيا بمؤسسة كارينجي للسلام العالمي البحثية الشهيرة فى الولايات المتحدة عن قناعته بأن الجميع يدركون بأنه لا بد من أن تكون الصين عضوا في الشراكة عبر المحيط الهادئ لتكون ناجحة بشكل كامل"، مضيفا : "ملاحظتي، من وجهة نظر أمريكية، يجب أن تكون الصين طرفا في هذ الاتفاقية، إذا كانت ثمة رغبة حقيقية، في توسيع المعايير العالية للشراكة.
انفتاح صيني
وتتخذ الصين موقفا منفتحا إزاء الشراكة عبر المحيط الهادئ، وفق ما جاء على لسان وزير وزير التجارة بها " قاو هوتشنغ" مؤكدا أن بكين منفتحة على جميع ترتيبات التجارة الحرة التي تعود بالنفع على تحرير التجارة في العالم والتكامل الاقتصادي الإقليمي، طالما أنها منفتحة وشفافة، ويؤكد نائب وزير المالية الصيني "تشو قوانغياو" في أكتوبر الماضي، فإن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ تعتبر غير مكتملة بدون الصين، قائلا: إنه "بالنسبة للشراكة عبر المحيط الهادئ، وأقول بصراحة، كان هناك نقاشات داخلية بين الحكومتين الأمريكية والصينية، ولكن الآن موقفنا واضح، ونظرا لأن الصين تصبح أكثر انفتاحا، فإنه من المهم للغاية لنا بأن نكون مندمجين في النظام التجاري العالمي ذي المعيار العالي "
سؤال بلا إجابة؟
وفى الأخير، هل يمكن أن تتخلى واشنطن بشكل كامل عن منطقة الشرق الاوسط لصالح توجهها الآسيوى أو" الهادئ متعدد الأطراف "مثلما يحلو للبعض أن يطلق على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادى ؟
الخبراء الاستراتيجيون يجيبون بلا، أولا لأن الصراعات التى تعيشها هذه المنطقة داخل العديد من بلدانها أو بين دوله، هى بطبيعتها العابرة للحدود تحمل فى طياتها تهديدات واضحة لمصالح الولايات المتحدة، وإذا كان الصعود الصيني يمثل أولوية للسياسة الخارجية الأمريكية لمواجهته أو احتوائه، فإن هذا من شأنه أن يجعل دول الخليج أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة أن تأمين إمدادات النفط الخليجي سيكون عاملا هامًا في استقرار الاقتصاد الصيني .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.